رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


غيانا الحصان الأسود في أسواق النفط

في وقت تمر فيه أسواق الطاقة العالمية بتحولات كبرى وجوهرية وسط استقطاب حاد وتاريخي بين من يرى أن هناك حاجة ماسة وملحة لكل مصادر الطاقة دون استثناء وبين من يدفع بزعانف توربينات طاقة الرياح وألواح الطاقة الشمسية وذرات الهيدروجين الأخضر لتكون المصادر النظيفة الوحيدة والفريدة ولتحظى بالتركيز والدعم بالاستثمارات والتمويل والتشريع، وسط كل هذا الاستقطاب الحاد حددت غيانا الدولة الممتدة على سواحل الأطلسي خياراتها الصعبة ودفعت بكل قوتها لاكتشاف أعماق الأطلسي المقابل لسواحلها طمعا في الولوج إلى كنوز الذهب الأسود في أعماق المحيط في مشهد ينبئ أنها ستصبح الحصان الجديد الذي يرسم خطواته بإصرار نحو أسواق النفط العالمية.
ورغم الخلافات السياسية الحادة والمطالبات التي تزعمها فنزويلا في ثلثي أراضي غيانا تجاهلت الأخيرة الأخطار التي قد تشعلها فتح مجالات الاستثمار في مياها ودعت الشركات العالمية الكبرى خصوصا الأمريكية لتقديم عطاءاتها للامتيازات البترولية وهو ما حدث بالفعل ليتم اكتشاف أكثر من 11 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية ويتصاعد إنتاجها ليتجاوز إنتاج فنزويلا نفسها المارد النفطي اللاتيني الذي لطالما عرف عنه أنه أكبر مالك للاحتياطيات النفطية في العالم رغم اختلافي العلمي مع هذا المعتقد الذي تدحضه الأرقام والنظريات العلمية البترولية الهندسية منها والاقتصادية.
غيانا التي رسمت خارطة طريقها وجازفت في خوض غمار المجازفة في بحار السياسة قالت : إن الاقتصاد يأتي أولا قبل السياسة والنفط يأتي على رأس أولوياتها الاقتصادية وهي ما جعلها تعقد صفقاتها مع الشركات النفطية الأمريكية المتعطشة لاستثمارات نفطية ذات عائد اقتصادي عال بعيدا عن تأثير التجاذبات التي اختلطت السياسة فيها بالبيئة وأقحم المناخ معها داخل فوهات آبار النفط المتدفقة في جنوب وشمال أمريكا الشمالية.
لقد لامس إنتاج غيانا من النفط حدود 800 ألف برميل يوميا وهي ما يجعلها ثاني أكبر منتج للنفط في العالم من حيث دخل الفرد في اعتبار عدد سكانها الذي لا يتجاوز المليون نسمة وهو المرجح أن يصل الى مستوى 1.2 مليون برميل يوميا بحلول 2028. واستجابة لمثل هذه التطورات في غيانا قامت بعض المصافي ومعامل التكرير الأوربية بالتحول إلى متطلبات تكرير خصائص نفط غيانا التي تطمح أن تكون إحدى محطاته الأخيرة في التصدير بالنظر إلى العوامل اللوجستية والاقتصادية على ضفتي المحيط.
كل هذه الظروف توفر ظرفا إيجابيا يخول لغيانا أن تلعب دورا محوريا ورئيسا في أسواق الطاقة وعلى اللاعبين في هذه الأسواق أن يتوقعوا حصانا قادما بسرعة وإصرارا عبر أمواج الأطلسي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي