الاقتصاد الرقمي وأهميته لتحقيق الاستدامة

 مؤتمر ليب الذي عقد في معارض الرياض في مدينة ملهم القريبة من العاصمة الرياض أخيرا كان مذهلا، لحجم المشاركة النوعية والأعداد الهائلة التي شاركت وحضرت هذا المؤتمر من مختلف دول العالم، ليشهدوا التطورات في المجال التقني في العالم في ظل التحولات التي نشهدها حاليا، وكان هذا الحدث منصة تم فيها إبراز التطورات التي تشهدها السعودية خلال الفترة الحالية، وذكر المهندس عبدالله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات أن الاقتصاد الرقمي في السعودية تضاعف ثلاث مرات في عشرة أعوام  ليقفز إلى 460 مليار ريال، وهذا بلا شك تطور مذهل في هذا المجال، كما أن حجم الوظائف في هذا القطاع نما خلال خمسة أعوام من 200 ألف وظيفة إلى أكثر من 350 ألف وظيفة، خلال خمسة أعوام فقط، وهذا الأمر غير مستغرب، حيث إن التحولات التي يعيشها المواطن والمقيم نتيجة لهذه التحولات التقنية أكبر شاهد على هذه الأرقام.
الاهتمام بمثل هذا النوع من الأنشطة الاقتصادية أصبح أمرا مهما في هذه المرحلة، باعتبار التحولات التي يتجه إليها العالم خصوصا فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، الذي أصبح الحديث عن أنه سيحل محل كثير من الوظائف بما فيها الوظائف ذات المهارات العالية مثل البرمجة وبعض الوظائف في القطاع الصحي والتعليم وغيرها من الوظائف التي تتطلب مهارة ومعرفة عالية، وهذا من شأنه أن يحدث تحولا غير مألوف لدى البشر.
الاهتمام الكبير في السعودية بالصناعات المتقدمة بما فيها التقنيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي والصناعات التقنية الدقيقة مثل الصناعة المتخصصة في أشباه الموصلات، إضافة إلى البدء فعليا في صناعة المركبات الكهربائية، هذا مؤشر إلى الاهتمام والتركيز الكبير الذي تعمل عليه السعودية حاليا، باعتبار هذا التحول بات قريبا في العالم، وأن مجموعة من المهام التي يقوم بها الإنسان ستتغير، كما حصل ذلك عندما ابتكر الإنسان الآلة وأجهزة الكمبيوتر.
أحد أهم أسباب تحقيق الاستدامة هو تهيئة البيئة العامة لهذا التحول من خلال التحفيز للقطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع، واستقطاب الاستثمارات في هذا المجال، إضافة إلى استقطاب الكفاءات، كما أن أحد أهم الإجراءات هو التحول في التعليم إلى ما يهيئ الكفاءات من الشباب للانخراط في هذا المجال سواء من خلال استحداث البرامج الأكاديمية والتدريبية في مجالات الصناعات المتقدمة أو الابتعاث إلى الجامعات المتميزة في العالم في هذا المجال، كما أنه من الأهمية بمكان تشجيع فرص العمل والتدريب في شركات في هذا المجال. والحقيقة أن هذه التوجهات قد بدأت والبعض منها يتطور بصورة ملحوظة، واليوم نشهد تدفقا كبيرا للاستثمارات من قبل الشركات التي تركز على الصناعات والخدمات التقنية المتقدمة، ولذلك من المهم الاستفادة من التحول الكبير في بناء المهارات اللازمة لدى الكفاءات الوطنية لتتمكن هذه الكفاءات من الانخراط في الوظائف الأكثر طلبا في المستقبل القريب، إضافة إلى القيمة المضافة من مثل هذا النوع من الوظائف، الذي يوفر دخلا عاليا للكفاءات الوطنية.
فالخلاصة أن التحول الكبير للنشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمار في الصناعات المتقدمة في السعودية والتطورات المتسارعة التي نشهدها تعكس حجم الاهتمام الحكومي والنجاحات التي تحققت، ومن هنا تأتي أهمية أن تتناسب منظومة التعليم والتدريب مع هذا التحول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي