رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الإنتاج الأمريكي ... فوز سريع ولكنه قصير

 فاجأت الولايات المتحدة العالم في 2023 بزيادة قفزت بإنتاجها النفطي لتتربع على قمة الإنتاج العالمي ولتحتل المرتبة الأولى كأكبر منتج للنفط في العالم بجانب احتلالها موقع أكبر مستهلك للنفط عالميا. فمع وصول الإنتاج الأمريكي العام الماضي إلى حدود 13.5 مليون برميل يوميا بمعدل إنتاج 13.3 مليون برميل يوميا بدأ كثير من المتعاملين والمحللين والمستثمرين يثيرون تساؤلات حول هذا الإنتاج، كيف حدث وإلى متى سيظل بنفس الزخم وماهي النظرة المستقبلية التي تنتظر النفط المتدفق من حقول النفط الأمريكية التي ظلت تحت ضغط استثماري وتنظيمي هائل نتيجة تغير الإدارات الأمريكية واختلاف أولوياتها وأجندتها الحقيقة حتى في ظل الإدارة الأمريكية الحالية التي لا ترى في الوقود الأحفوري مصدرا يجب الاعتماد عليه وناصبت هذه الصناعة العداء والجفاء، و كان آخرها إيقاف تصدير الغاز الأمريكي إلا أن أرباب الصناعة النفطية استطاعوا الوصول إلى معدل أعلى إنتاج نفطي عالمي من دولة واحدة في جهود كبيرة تضافرت مع عوامل جاذبة وظروف ملائمة للوصول إلى مثل هذه النتيجة ولعل أولها وأسهلها هو العودة إلى الآبار غير المكتملة التي تم الاستثمار فيها ولم يتم إكمالها إما لأن أسعار النفط لم تدعم تلك الجهود في أوقات سابقة أو أن الاستمرار في الاستثمار لم تكن عوائده القصيرة ومتوسطة الأمد واضحة من حيث الجدوى الاقتصادية في ظل التغير في التشريعات البيئية والحكومية الفيدرالية.
كانت العودة لهذه الآبار وإكمالها مصدرا أضاف للإنتاج الأمريكي وإعطائه زخما وقوة.
كما أن الاستفادة من التكنولوجيا المتمثلة في اثنتين من أهم التقنيات وأكثرها فاعلية في زيادة الإنتاج وهي التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي والتركيز عليها مع رفع الكفاءة النوعية وزيادة الاستخدام للمعدات من غير زيادة في الإنفاق أو زيادة في الاستثمارات أسهم في هذه الزيادة بجانب الآبار غير المكتملة، ما شكل استراتيجية لفوز سريع مبني على الفرص الآنية المتوافرة وزيادة كفاءة الاستخدام. ولعل ما أسهم في هذه الزيادة وشكل سببا ثالثا مهما في القفزة في الإنتاج هو أن هذه الآبار كانت هدفا للشركات الصغرى وصغار المنتجين الذين ما فتئوا يعملون جاهدين على تعظيم قيم شركاتهم الدفترية بأرقام إنتاج عالية مستهدفين بذلك الاندماج مع كبريات الشركات الأمريكية والعالمية ليتسنى لهم الحصول على أفضل صفقة ممكنة، ولكن هذا الفوز السريع لا يمكن أن يكون جهدا مستداما وطويل الأمد في ظل وجود الاستثمارات عند المستوى نفسه وفي ظل غياب إنفاق يفضي إلى تطوير حقيقي في هيكلة الحقول الأمريكية التي بدأ بعضها يشيخ بعد عقود من الإنتاج "الجائر" الذي لم يراع استراتيجية التطوير طويل الأمد.
فمنصات الحفر الأمريكية لم يطرأ عليها زيادة جوهرية تعكس استثمارات مستقبلية لتضمن زخم الحفر الأفقي الذي أسهم في هذه الزيادة العام المنصرم وفي هذه الصناعة عموما، كما أنه لم يطرأ تغيير جوهري على أساطيل التكسير الهيدروليكي الذي كان كسر أقفال مكامن الزيت ليتدفق الإنتاج الأمريكي منها ويصل إلى حيث هو الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي