سوق لتداول المعادن هل ستضيف قيمة اقتصادية؟
سوق السلع أو المعادن من الاحتياجات العامة للأسواق لتسهيل الحصول على احتياجات القطاع الصناعي وفرصة للتداولات في السوق المالية، وأحد أهم الأدوات الاستثمارية التي يهتم بها المتداولون ولها مزايا اقتصادية متنوعة وقد لا يكون بالضرورة أن تكون في سوق تنتج تلك المعادن فبورصة لندن للمعادن LONDON METAL EXCHANGE يتداول فيها كثير من المعادن التي لا تنتج في لندن، ولكن بما أنها سوق لها تاريخ عريق وفي اقتصاد كبير وكانت بريطانيا تمثل أحد أهم أقطاب الاقتصاد العالمي ومركزا يربط بين الشرق والغرب، وتستعمر عددا من دول العالم التي تنتج كثيرا من السلع أصبحت منصة ومركزا للمتداولين في سوق المعادن، ويجني الاقتصاد البريطاني منافع كثيرة من هذه السوق، كما أن المنتجين والمشترين يحصلون على منافع كبيرة من هذه المنصة، التي توفر المعادن لمن يحتاج إليها من المصنعين والمستثمرين، كما أنها توفر منصة لتوفير أسعار عادلة نسبيا للمنتجين باعتبار أن هذه المنصة تقدم الأسعار السوقية بدلا من حصول شيء من الاستغلال للدول الأقل قدرة في تسويق منتجاتها من المعادن، كما أنها تعزز من فرص البحث والتنقيب عن المعادن بحسب القيمة الاقتصادية التي يمكن أن يحصل عليها المنتجون من خلال مؤشرات الأسعار التاريخية والتوقعات المستقبلية.
الحديث عن وجود قيمة اقتصادية لإنشاء سوق للمعادن في المملكة أو للسلع هو محل دراسة ومراقبة منذ فترة، ويظهر أن الدراسة عميقة باعتبار أن أسواق السلع والمعادن ليست مثل سوق الأسهم أو أدوات الدين التي توجد في كثير من دول العالم، فمنصات تداول السلع أو المعادن أو النفط والغاز محدودة في العالم، ففكرة إنشاء سوق من هذا النوع لا شك أنه ليس بالأمر اليسير، ويعتمد على عوامل أساسية يجب أخذها في الحسبان قبل البدء في مشروع كهذا.
في خبر نشرته صحيفة "الاقتصادية" جاء فيه: "لا تزال بورصة المعادن السعودية تحت الدراسة للتأكد من مدى إضافة قيمة للمملكة والعالم، بحسب ما أكدته لـ"الاقتصادية" وزارة الصناعة والثروة المعدنية، التي أشارت إلى أن العمل جار مع جهات، منها وزارة التجارة وهيئة السوق المالية ورجال أعمال".
العمل على دراسة جدوى إنشاء سوق للمعادن بلا شك أمر بالغ الأهمية في ظل الفرص التي يمكن أن تحققها مثل هذه المبادرة في ظل دعم لا محدود لكل ما يولد فرصا نوعية للاقتصاد الوطني، وكما هو معلوم، فإنه من خلال النظر إلى استراتيجية المملكة فيما يتعلق بالقطاع المالي نجد أن المملكة تسعى لأن تكون السوق المالية السعودية ضمن أكبر ثلاث أسواق في العالم، وسوق المعادن تدعم ذلك من خلال مسارات متعددة من أهمها أنه وكما هو معلوم أن المملكة أضخم أسواق المالية الإسلامية في العالم على الإطلاق، كما أن أسواق الخليج عموما تعد أيضا ضمن الأضخم ووجود سوق للسلع والمعادن سيدعم هذه السوق باعتبار أن المعادن مكون رئيس لكثير من العقود والمنتجات للمؤسسات المالية الإسلامية بما في ذلك الصكوك الإسلامية، والأسواق الحالية للسلع والمعادن لا تدعم بصورة مثالية احتياجات المؤسسات المالية ولذلك تتعامل معها بما أنها الخيار المتاح، ولكن وجود سوق للمعادن في المملكة يمكن أن تكون مثالية للمنتجات المالية الإسلامية وستدعم مزيدا من التداول للمنتجات المالية الإسلامية في السوق.
سوق المعادن يمكن أن تطرح كشركة مساهمة، وهذا سيدعم بلا شك نمو حجم السوق المالية في المملكة، خصوصا أن مثل هذه المنصات ستكون شركة كبيرة على غرار تداول.
وجود سوق للمعادن يمكن أن يدعم تدفق الاستثمارات إلى المملكة، خصوصا في قطاع المالية الإسلامية فقد تكون الخيار المثالي للمنتجات المتوافقة مع الشريعة بدلا من الأسواق الحالية ومع النمو المستمر والمتوقع للمالية الإسلامية، فإن حجم التداولات يمكن أن يتضاعف مستقبلا.
لا شك أن المملكة أكبر منتج للنفط، ولديها مخزون هائل من المعادن وتتطلع لأن تكون مركزا استثماريا رئيسا في العالم في ظل النمو الاقتصادي والعلاقات المتميزة التي تتمتع بها ولما لديها من مزايا استراتيجية ويمكن أن تكون أحد أهم مسارات التجارة العالمية مع عنايتها الكبيرة بالخدمات اللوجستية والربط بين دول العالم لتسهيل مسارات وصول سلاسل الإمداد بين دول العالم.
الخلاصة، أن خبر دراسة إنشاء سوق للمعادن ووجود مشاركة من هيئة السوق المالية ووزارتي الصناعة والثروة المعدنية والتجارة مؤشر إيجابي على التقدم في مرحلة الدراسة للوصول إلى قرار يمكن أن يعزز من مركز المملكة على خريطة القطاع المالي العالمي.