فجوة التمويل التجاري تعيق الاقتصادات النامية «2 من 2»

للحصول على مزيد من التمويل التجاري لأولئك الذين يحتاجون إليه، لا بد من حدوث ثلاثة تغييرات رئيسة. الأول يتلخص في تطوير وتعزيز فهم أكثر تفصيلا للنظم الإيكولوجية لتمويل التجارة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
يظهر العمل البحثي المشترك بين مؤسسة التمويل الدولية ومنظمة التجارة العالمية أخيرا أن نسبة ضئيلة فقط من بين كل الشركات القادرة على المشاركة في التجارة تحاول تأمين التمويل التجاري من البنوك. وتثبط بقية الشركات بسبب احتمال ارتفاع التكاليف ومتطلبات الضمانات، فضلا عن الطلبات المرفوضة في السابق. كما توصلت دراسة مشتركة بين مؤسسة التمويل الدولية ومنظمة التجارة العالمية 2022 إلى أن المصدرين والمستوردين الراسخين فقط في غرب إفريقيا هم من يتسنى لهم الوصول إلى التمويل التجاري.
تتصدى مؤسسة التمويل الدولية ومنظمة التجارة العالمية لهذه المشكلات من خلال تدريب البنوك والمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات النامية على نشر المعرفة حول حلول تمويل التجارة المتاحة، ومعالجة قضايا مثل متطلبات الضمانات المفرطة والتصورات السلبية لمخاطر الائتمان، بهدف تأمين الموافقة على عدد أكبر من الطلبات في نهاية المطاف. ويقدم تقريرنا المشترك الأخير رؤى عملية لهذه الجهود من كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وفيتنام.
التغيير الثاني المطلوب هو زيادة دعم التجارة في الدول المنخفضة الدخل من خلال التمويل والضمانات. أثناء جائحة كوفيد - 19، عملت برامج التمويل التجاري التي تقدمها مؤسسة التمويل الدولية على تمكين البنوك المحلية من دعم استيراد وتصدير المواد الغذائية والأدوية، وغير ذلك من السلع المهمة في الدول التي انسحبت منها البنوك الدولية. وفي العام المالي الماضي، دعمت مؤسسة التمويل الدولية ما قيمته 16 مليار دولار في هيئة تدفقات تجارية أساسية، لسد الفجوة بين المخاطر المتصورة والفعلية المرتبطة بتوفير التمويل التجاري في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
بعيدا عن التمويل ذاته، من الممكن أن يعمل الدعم المحدد زمنيا من منظمات مثل مؤسسة التمويل الدولية على تزويد بنوك الاقتصادات النامية بالدراية المطلوبة بشدة، ما يمنحها الثقة اللازمة لتوفير التمويل التجاري للشركات المحرومة في أسواقها المحلية. ومن شأن زيادة التعاون في مجال تمويل التجارة أن تعمل على تعزيز الجهود الجارية التي تبذلها بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية.
أما التغيير الثالث فيجب أن يكون دمج المنتجين المحليين في سلاسل التوريد العالمية. تمثل تجارة سلاسل التوريد نصف إجمالي التجارة العالمية، وثلثي التجارة الدولية لكمبوديا وفيتنام. لكنها تمثل 2 في المائة فقط من التمويل التجاري المتاح المقدم محليا في فيتنام، ولا يتوافر أي تمويل تقريبا لسلاسل التوريد محليا في كمبوديا. هذا يعني أن المنتجين المحليين من المستوى الأدنى في هذه الأسواق التي تعاني نقص الخدمات يخضعون لضغوط مالية كبيرة عندما يزاولون التجارة.
الواقع أن مؤسسة التمويل الدولية تضطلع بالفعل بدورها في معالجة هذه المشكلة، ففي 2022 أنشأت برنامجا مخصصا لزيادة تمويل سلاسل التوريد للموردين في الأسواق الناشئة. وبوسع مؤسسات تمويل التنمية الأخرى والمؤسسات المالية التابعة للقطاع الخاص أن تحذو حذوها، بل ينبغي لها أن تفعل ذلك.
لقد عمل تمويل التجارة وسلاسل التوريد بهدوء على جلب مكاسب هائلة في مستويات المعيشة في العقود الأخيرة. وهو قادر، بالاستعانة بعدد قليل من التغييرات الأساسية، على مساعدة مزيد من الاقتصادات على الانطلاق، وهذا كفيل بتوفير دفعة قوية لسبل معايش الناس ـ والاقتصاد العالمي.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي