رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أبرز مؤشرات الأداء الاقتصادي 2023-2024 «2 من2»

اتسمت أغلب التوقعات المتعلقة بتطورات العام المقبل 2024 بتحفظ عال، وتأثرت خطوطها العريضة بالأخطار والتحديات التي تصاعدت أمام الاقتصاد العالمي، بدءا من مواجهة الضغوط التضخمية خلال 2022-2023، وما زال أغلبها قائما حتى تاريخه، وما صاحبها من سياسات اقتصادية ونقدية متشددة في مواجهة التضخم العالمي الأكبر منذ مطلع الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، وزاد تأثيرها العكسي على الاقتصادات والأسواق، وتيرة تسارعها الأقوى خلال أكثر من أربعة عقود زمنية مضت.
كما ضاعف الضغوط على الاقتصادات والأسواق، ما شهدته التطورات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الدولي من تصاعد شديد التأثير، تضمن اشتعال عديد من الصراعات والاضطرابات في أكثر من منطقة حول العالم، جاءت أولى نتائجها وكانت من أول وأبرز آثارها تصاعد الاضطرابات في الأسواق العالمية للطاقة والغذاء، ولا تزال الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي يشوبها كثير من الضبابية، واتسامها بالتباطؤ والتحرك عند مستويات متدنية تاريخيا، رغم التقدم الملموس إيجابيا للسياسات النقدية المتشددة طوال الأشهر الماضية، وتراجع التضخم عن مستوياته القياسية التي وصل إليها في منتصف 2022. فوفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي التي أشارت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في الأجل المتوسط بمعدل لا يتجاوز 2.9 في المائة خلال العام المقبل، وهو المعدل الأقل من متوسط النمو العالمي خلال العقد الأخير لما قبل الجائحة العالمية (2000-2019) البالغ 3.8 في المائة، وتحت توقعات ارتفاع احتمالات حدوث الأخطار المحيطة بالاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة، التي تتوقع مستويات ضعيفة جدا من النمو لمنطقة اليورو، وأن تنعكس مواجهة الاقتصاد الصيني لتداعيات أزمته العقارية بمزيد من الضعف على أدائه، وتمتد آثارها العكسية إلى الاقتصاد العالمي.
في ضوء الخطوط العريضة أعلاه، توقعت وزارة المالية أن يواصل الاقتصاد السعودي الأداء الإيجابي في دفع عجلة النمو، والاعتماد في ذلك على استمرار تنفيذ المبادرات والإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تنويع قاعدة الإنتاج، ورفع إسهامات القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، تحقيقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وضمان الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة. وبناء على مراجعتها لمعدلات النمو الاقتصادي محليا للعام المقبل 2024، وفي الأجل المتوسط حتى نهاية 2026 وفقا للتطورات المحلية الإيجابية الراهنة، فإنها تتوقع استمرار المحافظة على معدلات النمو الإيجابية للاقتصاد الوطني خلال 2024، وحتى في الأجل المتوسط بقيادة القطاع غير النفطي (وصلت إسهاماته إلى 59 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية خلال 2023)، وذلك بالاعتماد على الجهود المبذولة لأجل تسريع عملية التنويع الاقتصادي، بهدف ضمان النمو الاقتصادي المستدام تحت مظلة الإصلاحات المستمرة خلال الفترة الراهنة، ووفقا لذلك تشير التقديرات الأولية للوزارة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 4.4 في المائة خلال 2024 (توقع صندوق النقد الدولي 4.0 في المائة، توقع البنك الدولي 4.1 في المائة، توقع معهد التمويل الدولي 2.3 في المائة)، وتأتي توقعات وزارة المالية هنا استنادا إلى النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وبالاعتماد المتنامي على الجهود المبذولة نحو تعزيز وتطوير القطاع الخاص، ورفع إسهاماته في الناتج المحلي، وصولا به إلى قيادة النمو الاقتصادي محليا، ما سيسهم بدوره في توليد مزيد من الفرص الوظيفية الجديدة والمستدامة في سوق العمل المحلية، والاستمرار في إطار أوسع بتنفيذ برامج ومشاريع رؤية المملكة 2030، بما تمثله كركيزة أساسية لتحقيق أهداف التحول الاقتصادي.
وتشير توقعات وزارة المالية إلى استمرار تبني السياسات والإصلاحات الهيكلية المناسبة، بهدف تعزيز البيئة الاستثمارية المحلية، ومواصلة الجهود الساعية إلى تذليل معوقات الاستثمار في المملكة، وتمكين المستثمرين من الوصول إلى الفرص الاستثمارية المتوافرة، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وترجمة مستهدفات رؤية المملكة 2030 على أرض الواقع فترة بعد فترة، والوصول بإسهامات القطاع الخاص إلى 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، بالاعتماد على تحقيق شراكة فاعلة مع القطاع الخاص، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال عديد من البرامج في مقدمتها برنامج "شريك"، الذي يستهدف تعزيز التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وزيادة تدفقات الاستثمارات المحلية لمنشآت القطاع الخاص إلى 5.0 تريليون ريال بحلول 2030، إضافة إلى برنامج "التخصيص" الهادف لمزيد من تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه.
وتتوقع وزارة المالية أن يسهم تحسين البيئة الاستثمارية المحلية برفع إسهامات الاستثمار الأجنبي المباشر، لتصل إلى 5.7 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، ليكون داعما إضافيا للجهود السابقة أعلاه المرتبطة بالقطاع الخاص، والإسهام في زيادة النتائج المرتقبة لكل تلك الإصلاحات والبرامج. وسيتم الاعتماد في هذا الشأن على إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة، تستهدف اجتذاب استثمارات خاصة، لتطوير وتنويع الاقتصاد المحلي بالاعتماد على المزايا التنافسية لكل منطقة من الأربع مناطق الاقتصادية، بما سيدعم القطاعات الحيوية والواعدة، هذا إضافة إلى إطلاق برنامج المقرات الإقليمية للشركات، الذي يستهدف تحويل المملكة إلى مركز إقليمي رائد.
كما أكدت وزارة المالية أهمية إسهامات الصناديق التنموية في التحول الاقتصادي الراهن، ودورها الداعم لدفع الجهود الواسعة للتنمية المستدامة، من خلال استكمال صندوق التنمية الوطني لأدواره المتنوعة بتحفيز إسهامات القطاع الخاص، وأنه سيضخ أكثر من 570 مليار ريال حتى 2030، والإسهام بمضاعفة حصة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بأكثر من ثلاثة أضعاف، ليصل إلى 605 مليار ريال بنهاية 2030. هذا إضافة إلى دور صندوق الاستثمارات العامة، والتزامه بضخ 150 مليار ريال كمتوسط سنوي في الاقتصاد حتى 2025، وإسهاماته عبر شركاته التابعة بنحو 1.2 تريليون ريال تراكميا حتى 2025، واستهدافه ضخ استثمارات محلية في مشاريع جديدة تركزت على 13 قطاعا حيويا واستراتيجيا.
وانطلاقا من "الاستراتيجية الوطنية للصناعة"، سيتم استكمال جهود تطوير القطاع الصناعي بالتركيز على 12 قطاعا فرعيا لتنويع الاقتصاد الصناعي، ومضاعفة حجمه بنحو ثلاث مرات مقارنة بحجمه في 2020، ليصل إلى نحو 895 مليار ريال بحلول 2030، ومضاعفة قيمة الصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال بنهاية الفترة نفسها. كما يتوقع أن تسهم "الاستراتيجية للنقل والخدمات اللوجستية" في ترسيخ مكانة المملكة مركزا لوجستيا عالميا يربط بين القارات الثلاث، متكاملا في ذلك مع ما سبق من مبادرات وجهود واسعة النطاق، استهدافا لزيادة حجم الاقتصاد المحلي، وتنويع قاعدته الإنتاجية، وضمان استدامة نموه بمشيئة الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي