هل يجلب المد مستثمرين للأسهم البريطانية المنسية أخيرا؟
لا أحد يحبنا، ولا نعبأ بذلك، كما يغني مشجعو نادي ميلوول لكرة القدم. بالنسبة إلى الأسهم البريطانية، ربما تكون هذه المعنويات إحدى أكبر مزايا البيع المغرية.
إن القول إن سوق الأسهم في المملكة المتحدة قد فقدت شعبيتها في الأعوام الأخيرة يقلل من شأنها. في هذه المرحلة، تبدو السوق بلا أصدقاء إلى حد ما. لكن بعض المتعصبين الشجعان يطرحون السؤال مرة أخرى بتصميم: هل حان الوقت لشراء أسهم المملكة المتحدة؟
يعلم الله أننا سألنا هذا قبلا، كما سيشهد القراء العاديون، في كل مرة تتراجع فيها تلك المؤشرات الخضراء الصاعدة. لأعوام، لم تحرز الأسهم البريطانية تقدما يذكر، في حين ارتفعت السوق الأمريكية عاليا وجذبت جميع عمليات الإدراج الجديدة اللامعة. لكن الدرجة التي تجد فيها أسواق المملكة المتحدة نفسها مرمية وحدها قد توحي، اعذروني على هذه الكلمات المعهودة من السياسيين، بأن الأمور ليس لها إلا أن تتحسن.
أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطني في المملكة المتحدة سابقا هذا الشهر أن صناديق التقاعد وشركات التأمين في المملكة المتحدة خفضت حيازاتها من الأسهم المحلية إلى الحد الأدنى. وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن هذه الجهات مجتمعة كانت تمتلك 45.7 في المائة من الأسهم المحلية في 1997. وبحلول نهاية العام الماضي، انخفضت حيازاتهم إلى 4.2 في المائة، وهو أدنى مستوى في السجلات. يشير المكتب إلى أن جزءا من هذا يرجع إلى التغييرات في تنظيم صناديق التقاعد، لكن، كما يشير بشكل صريح إلى حد ما، يرجع جزء منه إلى أن المستثمرين "يتوقعون عوائد أكثر ربحية على الأسهم الخارجية".
يصف بنك باركليز التحول عن الأصول في المملكة المتحدة، الذي يجري الآن دون انقطاع منذ 2016 (يا ترى ما السبب.. "بريكست") بأنه "نزوح جماعي". أشار مكتب الإحصاءات الوطني إلى أن المستثمرين الأجانب هم أكبر حاملي الأسهم البريطانية، لكن حصتهم من السوق، حاليا 58 في المائة تقريبا - لم تتزحزح منذ منتصف العقد الثاني من القرن الـ21. وعلى حد تعبير باركليز: "الملكية لا تزال في ركود في ظل التدفقات الخارجة الضخمة وقلة الاهتمام من جانب المستثمرين العالميين".
وكما لا يمل المتحذلقون من ذكر أن كل بائع لسهم يحتاج إلى مشتر، لم تحدث موجة بيع كبيرة للأسهم. هذا صحيح بالطبع في السياق المحدود. لكن من الصعب القول إن أسهم المملكة المتحدة هي أهم الأسهم التي يجب شراؤها في السوق، أو أن الأسعار، وبالتالي آفاق الاستثمار، لا تستجيب للطلب. في الواقع، إن أكبر مشتري أسهم الشركات البريطانية هي... الشركات البريطانية، التي كانت تستحوذ على أسهمها المتدهورة في عمليات إعادة شراء الأسهم. لا حرج في ذلك في حد ذاته، لكن مرة أخرى، هذه ليست أقوى بطاقة لمديري الصناديق الذين يبحثون عن فرص جيدة. لا عجب أنهم يبحثون في مكان آخر.
ومع ذلك، يعتقد باركليز أن المملكة المتحدة تبدو "جذابة"، من خلال مزيج من ضعف محتمل في الجنيه الاسترليني - وهو نعمة لجزء كبير من مؤشر فاينانشيال تايمز، فتسي 100، الذي يستمد إيراداته من الخارج - ويكمل المزيج توزيعات الأرباح السخية وفكرة أن "الأسواق احتسبت أخبارا سيئة كثيرة كما يبدو".
إن سايمون جيرجيل، كبير مسؤولي الاستثمار للأسهم البريطانية في شركة أليانز جلوبال إنفستورز، لا يستسلم هو الآخر. حيث قال في مؤتمر صحافي الشهر الماضي: "السماء أحلك ما يكون قبل بزوغ الفجر". بل ويرى أن افتقار السوق إلى أصدقاء بمنزلة فائدة.
قال: "إن سوق الأسهم في المملكة المتحدة تمثل فرصة دسمة بعد تدفقات لأموال هائلة إلى الخارج وإعادة تصنيف هائلة. حاليا كل من أراد أن يبيع فقد باع. لم يبق أحد يريد أن يبيع، حقا. تقريبا لا أحد".
بعض الأشياء رخيصة الثمن لسبب ما، لكن توجد أسباب تدعو إلى التفاؤل. أحدها السياسة. في هذه المرحلة من الدورة الانتخابية عادة، تبدأ التحليلات في الصدور عن البنوك وشركات الاستثمار، محذرة من ضعف السوق في المستقبل، حيث يحتسب مديرو الصناديق "عدم اليقين" السياسي - وهو أكثر مصطلح لا يعتمد عليه. لكن الآن، ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة في المملكة المتحدة العام المقبل، من الواضح أن غياب التحليلات يرجع إلى التوترات السياسية. فالحجة المثبطة القائلة إن حكومات حزب العمال تؤثر تأثيرا سيئا في أداء الأسهم أو السندات في المملكة المتحدة أصبحت واهنة بفضل الذكرى الحديثة التي يتذكرها المستثمرون لإدارة ليز تراس. يتجاهل أغلب مديري الصناديق احتمالات حدوث تقلبات خطيرة عندما تجرى الانتخابات المقبلة، وفي كل الأحوال من الواضح أن السياستين الأمريكية والأوروبية ليست أهدأ. فقد قال جيرجيل: "تبدو لي المملكة المتحدة بمنزلة ملاذ آمن".
كما أجرى بنك بيكتيت الشهر الماضي أول استثمار له في الأسهم الخاصة في المملكة المتحدة - بضخ 50 مليون جنيه استرليني في شركة إدارة المرافق باريتو. قال إدموند باكلي، رئيس قسم الأسهم الخاصة المباشرة لدى شركة إدراة الأصول السويسرية: "لا نكترث بالمشاعر السياسية والاقتصادية على المدى القصير، فهي ليست مفيدة"، مضيفا أن لديه "احتياطيات نقدية" قيمتها 200 مليون جنيه استرليني للاستثمار في الشركات البريطانية في المملكة المتحدة في المستقبل القريب.
ومن الأمور الإيجابية الأخرى، بالتأكيد، أن اقتصاد المملكة المتحدة قد يكون كئيبا ومتضررا إلى حد ما، لكنه لم يعد في وضع أسوأ بفرق واضح عن الاقتصادات الكبرى الأخرى في أوروبا. وبما أن نحو 60 في المائة من إيرادات الشركات البريطانية المدرجة تأتي من الخارج، فإن الرهان على المملكة المتحدة هو رهان على النمو العالمي أكثر من أن يكون رهانا على اقتصاد المملكة المتحدة وحده. يمكن أن يأتي هذا بنتائج عكسية بالطبع. لو أفرطت البنوك المركزية الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة، في رفع أسعار الفائدة، فقد يكون الركود الكئيب قاب قوسين أو أدنى، في وقت تحول المستثمرون في الإجمال إلى اعتقاد متفائل بهبوط سلس. لا يزال كثير من المستثمرين كذلك يفضلون تجنب شراء الأسهم البريطانية في 2024. مثلا، وضعت شركة يو بي إس لإدارة الثروات المملكة المتحدة في مجموعتها "الأقل تفضيلا" لهذا العام.
ومع ذلك، يركز منتقو الأسهم في المملكة المتحدة حاليا على الصدمات الخارجية أكثر من تركيزهم على الأخطاء المحلية التي تتولاها المملكة المتحدة. يبدو هذا كأنه تقدم.