صفقة تحول مشهد الاندماج والاستحواذ في اليابان

صفقة تحول مشهد الاندماج والاستحواذ في اليابان

في الأعوام القليلة الماضية، كان هناك بعض الأحداث البارزة لعمليات الاندماج والاستحواذ في اليابان التي أشارت إلى أن عمليات الاستحواذ التي لم يطلبها أحد لم تعد مفهوما غريبا على الشركات في البلد.
جاءت إحدى الاتفاقيات المحورية في أواخر 2020 عندما أطلقت شركة نيتوري لبيع الأثاث بالتجزئة عرضا قيمته مليارا دولار لشراء منافستها شيماتشو التي لم تطلب ذلك العرض. ثم في هذا الصيف، أعلنت شركة نيديك، الموردة لشركة أبل، عن عرض مشابه لشراء تاكيساوا ماشين تولز، تمت الموافقة عليه لاحقا من الشركة المستهدفة.
لكن حتى في العالم الجديد الذي يتسم بنشاط المساهمين وضغوط الحوكمة، لا توجد اتفاقية تتفوق على الصدمة وعدم التصديق اللذين امتدا عبر الشركات اليابانية الأسبوعين الماضيين عندما أقحمت شركة داي-إيتشي للتأمين على الحياة نفسها فجأة في معركة استحواذ مع شركة إم3، وهي شركة لتوفير المعلومات الطبية مدعومة من شركة سوني.
إن هدف الاستحواذ هو بينيفت ون، وهي شركة يزداد الطلب عليها في عصر نقص العمالة عندما لا تكون الأجور المرتفعة كافية لجذب العمال. وبـ15600 مستخدم من الشركات، من بينها سانتوري وباناسونيك وسيكيسوي هاوس، توفر الشركة التابعة لوكالة باسونا للتوظيف مزايا لموظفي الشركات من عضوية صالة الألعاب الرياضية وخدمة مراكز الصحة والجمال إلى التخفيضات على خدمات مجالسة الأطفال وحتى الاشتراك في نتفليكس.
وحقيقة أن هناك صراعا حول بينيفت ون ليس مفاجئا. لكن ما كان مذهلا، حتى بالنسبة إلى مراقبي اليابان منذ فترة طويلة، هو أن العرض المنافس جاء من واحدة من أكبر شركات التأمين على الحياة، التي كانت، على غرار كثير من المؤسسات الاستثمارية اليابانية الأخرى، مساهما سهل الانقياد بشكل عام قبل أن تشتد ضغوط الحوكمة والإشراف في الأعوام الأخيرة.
هذه الاتفاقية هي بالضبط نوع التغيير في سلوك الشركات الذي أرادته الحكومة سرا لفترة طويلة منذ حدثت اليابان المبادئ التوجيهية لعمليات الاندماج والاستحواذ في 2019. كان الهدف من القواعد المحدثة، التي أوصت بأن تنشئ الشركات لجانا خاصة لفحص العروض الواردة بدلا من رفضها تماما، هو تطبيع نوع السلوك الذي تظهره داي-إيتشي لايف.
على مدى الأعوام القليلة الماضية، أدى الارتفاع البسيط ولكن المستمر في نهوج الاستحواذ غير المرغوب فيه إلى كسر التحريم القائم منذ فترة طويلة ضد عمليات الاستحواذ العدائية والميل إلى النظر إلى هؤلاء المستحوذين على أنهم حاقدون. لكن في كثير من تلك الحالات، لم يكن مقدمو العروض تقليديين أبدا، كان يقودهم مؤسسون جريئون ومتحمسون.
قال ترافيس لوندي، محلل مستقل للحالات الخاصة ينشر على شبكة سمارت كارما: "إن كل الأحداث التي تمثل بداية التغيير في العادة هي أحداث بارزة. لكن من الواضح أن داي-إيتشي لايف تقف على الجانب المحافظ وسينظر إليها الناس ويقولون إنها شركة يابانية. إنها أخبار رائعة لعمليات الاندماج والاستحواذ في اليابان".
شددت داي-إيتشي لايف في مواد العرض التقديمي على أنها لا تطلق عرضا عدائيا، قائلة إنها تقترح شراء جميع أسهم بينيفيت ون "فقط إذا تمكنا من الحصول على دعم من بينيفيت ون وباسونا".
بالنسبة إلى مجلس إدارة بينيفيت ون والشركة الأم باسونا، سيكون من الصعب مقاومة العرض المقدم من داي-إيتشي لايف. قالت شركة التأمين إنها تخطط لعرض 1800 ين (12 دولارا) ثمنا لكل سهم من أسهم بينيفيت ون لشراء جميع حصص مساهمي الأقلية. وتعتزم أيضا تحويل الشركة إلى شركة خاصة بعد الاستحواذ على حصة الـ51.1 في المائة التي تمتلكها باسونا في بينيفيت ون.
ويقارن ذلك بعرض إم3 بقيمة 1600 ين للسهم الواحد مقابل حصة تصل إلى 55 في المائة في بينيفيت ون. تخطط المجموعة المدعومة من سوني لإبقاء بينيفيت ون مدرجة وقد وافقت بالفعل على شراء حصة باسونا في الشركة التابعة. وبعد أن تقدمت داي-إيتشي لايف بالعرض المنافس، قالت باسونا إنها ستراجع العرض.
من منظور الأعمال، يبدو أيضا أن هناك قدرا أكبر من التآزر مع بينيفيت ون مقارنة بصفقة مع إم3. ومن شأن الشراكة مع داي-إيتشي لايف أن تتيح للشركة إمكانية الوصول إلى عملائها من الشركات البالغ عددهم 160 ألفا، بينما تخطط شركة التأمين أيضا للمساعدة على توسيع البصمة الدولية للمجموعة. وبالنسبة إلى داي-إيتشي لايف، سيأتي الاستحواذ على بينيفيت ون في الوقت الذي تستكشف فيه قنوات إيرادات أخرى لمواجهة سوق التأمين المتقلص في الوطن.
ثم هناك العامل الثالث - وربما الأقل تقديرا - والمتعلق بكيفية هيكلة صفقة داي-إيتشي لايف. تتوقع داي-إيتشي لايف أن تبيع باسونا حصتها البالغة 51 في المائة لشركة بينيفيت ون بعد أن تشتري شركة التأمين حصة مساهمي الأقلية. وبموجب القواعد اليابانية، لن يخضع هذا التحويل للضريبة، ما يعني أن باسونا ستحصل على كامل عوائد البيع بينما سيتم توزيع المزايا الضريبية بالتساوي على المساهمين. في المقابل، اقترحت إم3 للتو شراء حصة بينيفيت ون التي تمتلكها باسونا.
إذا نجح نهج داي-إيتشي لايف، فيمكن توقع أن تصبح الصفقات التي تتم دون دعوة من الجهة المستهدفة جزءا من الحياة اليومية في مشهد الاندماج والاستحواذ في اليابان.

الأكثر قراءة