التجارة الصينية .. منافسة شرسة بين الخدمات اللوجستية

التجارة الصينية .. منافسة شرسة بين الخدمات اللوجستية

إن الطلب الغربي المزدهر على الأزياء السريعة وبضائع التجارة الإلكترونية التي تبيعها العلامات التجارية الصينية عبر الإنترنت مثل "تيمو" و"شي إن"، يعزز ارتفاع أسعار الشحن الجوي ويوجد منافسة شرسة بين شركات الخدمات اللوجستية التي تشحن من آسيا.
بدأ المستهلكون في الولايات المتحدة وأوروبا بشراء مزيد من منصات التجارة الإلكترونية الصينية أثناء الجائحة، مع تسليم بعض الطلبيات في غضون أسبوع. وقد استمر هذا الطلب وحافظ على أسعار الشحن الجوي، وهو ما دعم شركات الخدمات اللوجستية في سوق الشحن الضعيفة لولا ذلك.
كانت بعض منصات التجارة الإلكترونية على استعداد لدفع ما يقرب من ضعف ما يتم فرضه على عملاء البضائع العامة في بعض الحالات، من أجل تأمين سعة كافية لتلبية جداول التسليم الصارمة، وفقا للمسؤولين التنفيذيين في مجال الخدمات اللوجستية.
قال جاكوب كوك، الرئيس التنفيذي لشركة دبليو بي أي سي ماركيتنج تكنولوجيز، التي تتولى لوجستيات التجارة الإلكترونية للعلامات التجارية في آسيا: "هناك تغير في السلوك (...) إن تطبيقات مثل تيمو وشي إن هي من بين أعلى التطبيقات التي يتم تحميلها في الولايات المتحدة. وكل ذلك يتم شحنه عن طريق الجو".
ويقول المسؤولون التنفيذيون في مجال الشحن الجوي والخدمات اللوجستية إن تأثير طفرة التجارة الإلكترونية الصينية يمكن رؤيته في المقارنة بين أسعار الشحن الجوي، التي ارتفعت بشكل ملحوظ في النصف الثاني من 2023، وبين أسعار الشحن البحري، التي انهارت منذ أن تم حل مشكلة الاضطرابات في سلاسل التوريد الناجمة عن الجائحة.
في النصف الأول من هذا العام، شحنت الصين ما قيمته 1.1 تريليون رنمينبي (155 مليار دولار) من بضائع التجارة الإلكترونية، أي ما يعادل نحو 5.5 في المائة من إجمالي تجارة البضائع، وفقا لبيانات الجمارك الرسمية.
قال نيل ويلسون، المحرر في شركة تاك إنديكس للتزويد ببيانات الشحن الجوي، إن أسعار الشحن الجوي على الخطوط عبر المحيط الهادئ من هونج كونج وشنغهاي ارتفعت بشكل مطرد خلال فترة ذروة تسليم الطرود في نهاية العام وهي الآن فوق مستويات 2022.
انخفضت أسعار الشحن البحري، بما فيها طرق التجارة عبر المحيط الهادئ، منذ الجائحة. كما انخفضت الأسعار العالمية للحاوية مقاس 40 قدما 35 في المائة بين ديسمبر من العام الماضي وحتى نهاية الشهر الماضي، بحسب شركة دروري للاستشارات البحرية.
قال ويلسون: "هذا العام، كان الأداء العام للسوق الصينية الجنوبية، على وجه الخصوص، يعكس حالة أكثر استقرارا لعدة أشهر الآن - مدفوعا إلى حد كبير بأعمال التجارة الإلكترونية القوية". وأضاف أن التجارة الإلكترونية ربما تمثل نحو 40 إلى 50 في المائة من حجم الشحن على معظم الطرق، وما يصل إلى 70 في المائة في بعض الحالات.
قال تشاندلر سو، مدير الشحن في شمال آسيا بشركة جيوديس، وهي وحدة تابعة لشركة إس إن سي إف الفرنسية المملوكة للدولة، إن منصات مثل تيمو وشي إن، التي أسرت الزبائن الغربيين بتصاميمها الرخيصة للأزياء السريعة، كشفت عن "طلب خفي" بين المستهلكين الأمريكيين والأوروبيين، الذين كانوا يشترون أشياء تزيد على حاجتهم.
قال: "إن نموذج التجارة الإلكترونية هذا يوجد أيضا طلبا على الشحن الجوي لم نشهده من قبل".
إن هذا الطلب المرتفع يحد من قدرة الزبائن التقليديين على التفاوض على أسعار أقل في الصين.
قال سوناندان راي، الرئيس التنفيذي لشركة يونيك لوجستيكس الأمريكية، التي تدير التجارة للمصدرين على مستوى العالم، إن موظفيه في الصين "يذهبون إلى شركات الطيران ويحاولون التفاوض على الأسعار". لكن "الممانعة التي يحصلون عليها هي أن الطاقة الاستيعابية يتم استغلالها من قبل مجموعات التجارة الإلكترونية الصينية".
تعمل شركات الشحن العالمية على زيادة استثماراتها في إدارة التجارة الإلكترونية وإعادة تخصيص الطائرات لمواكبة الحجوزات المتزايدة، في حين قامت منصات التجارة الإلكترونية الصينية بتوسيع عروض الشحن الخاصة بها، ويقوم بعض المنتجين المحليين باستئجار طائرات لنقل بضائعهم.
تمتلك الشركة اللوجستية المتفرعة عن شركة جيه دي دوت كوم الآن أسطولها الخاص المكون من خمس طائرات على الأقل، وفقا لشركة إشاكا لاستشارات الطيران، في حين أن شركة سنترال آيرلاينز الخاصة للشحن ومقرها هاينان لديها عمليات مشتركة مع شركة الخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية يون إكسبرس من شنتشن إلى باريس، وتطير نحو ست مرات في الأسبوع.
قالت خدمة تشانياو اللوجستية التابعة لشركة علي بابا إنها تشغل في المتوسط 170 رحلة طيران مستأجرة أو اتفاقيات مساحة كبيرة للبضائع أسبوعيا.
وقال توم أوين، مدير الشحن في شركة كاثي كارجو في هونج كونج: "باختصار، إنها تنافسية بشدة بالنظر إلى (...) الضعف النسبي في قطاعات الشحن الجوي الأخرى. إنها حركة مرور مرغوبة للغاية".
وقدر أوين أن التجارة الإلكترونية تشكل نحو نصف الشحن الجوي الذي شحنته شركة كاثي كارجو عبر هونج كونج، مضيفا أن الشركة سرعت الاستثمار في التجارة الإلكترونية وجنوب الصين لمواكبة الطلب. لكنه امتنع من تقديم أرقام محددة. وأضاف أن كاثي لديها أيضا ترتيبات لاستئجار طائرات لمنتجي التجارة الإلكترونية في الصين.
لكن الاعتماد المتزايد على التجارة الإلكترونية الصينية يثير أيضا مخاوف مجموعات الخدمات اللوجستية، التي تتصارع مع العلاقات التجارية المشحونة بين واشنطن وبكين.
وقال أحد المديرين التنفيذيين للشحن الجوي في آسيا: "إن اهتمام الجميع ينصب على العلاقات الصينية الأمريكية. إذا صدرت أحكام قانونية فجأة في الولايات المتحدة تفيد بوجود مشكلة مع شي إن أو أي شركة أخرى للتجارة الإلكترونية في (...) الصين، فسيكون لذلك تأثير".
إلا أن بعض مجموعات الشحن الراسخة منذ فترة طويلة واثقة من أن الطلب على التجارة الإلكترونية والأزياء السريعة سيستمر في جلب الرياح المواتية.
قال توبياس ماير، الرئيس التنفيذي لمجموعة دي إتش إل: "أتوقع حتى العام المقبل أيضا، على الرغم من أننا لن نرى ذروة (الجائحة) مرة أخرى، لا أعتقد أن سوق الشحن الجوي ستبقى منخفضة على مستوى العالم. سنستمر أيضا في رؤية بعض الارتفاعات، حيث تظهر أسواق معينة طلبا غير عادي".

الأكثر قراءة