هل يتموضع اليابانيون نحو الأسهم؟ .. نفروا 30 عاما
يوجد نحو 325 ألف امرأة متزوجة في اليابان تحمل اسم العائلة واتانابي. ويوجد في البلد العدد نفسه تقريبا يحملن اسم إيتوس، وعدد أكبر بكثير يحملن اسم سوزوكي، وضعفا العدد باسم ساتوس.
لكن لسبب ما ولعدة عقود من الزمن، تم اختيار اسم واتانابي لتكون بمنزلة المثل الرمزي لجميع الأسر اليابانية - أم أسطورية ينسب إليها الفضل في صلاحيات اتخاذ القرارت الرئيسة والسيطرة التنفيذية على موارد الأسرة المالية.
وعلى مدى الأعوام التي تلت فترة النمو "المعجزة" في اليابان في السبعينيات والثمانينيات، كانت القوة المالية التي تتمتع بها واتانابي بمنزلة مادة سحرية للجميع بدءا من مديري البنوك المحلية وتجار تجزئة الذهب في الشوارع الخلفية في اليابان إلى تجار السندات في وول ستريت. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يرغب الجميع في معرفة الخطوة التالية التي ستقوم بها واتانابي.
وحتى بعد 30 عاما عجافا بعد الفقاعة، تحتفظ الأسر اليابانية بما قيمته 2.1 كوادريليون ين (14.7 تريليون دولار) من الأصول المالية، يحتفظ بأكثر من نصفها (7.7 تريليون دولار) نقدا وكودائع. في المقابل، تمتلك الأسر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة 13 و31 في المائة من الودائع.
ومن الناحية الوطنية، فإن المدخرات النقدية لدى اليابان وحدها تعادل الناتج المحلي الإجمالي السنوي لألمانيا والهند مجتمعتين. وعلى الصعيد المؤسسي، يمكن للسيدة واتانابي شراء شركات أبل، ومايكروسوفت بما تحتفظ به في البنك (بفائدة تقارب الصفر).
عندما كانت الأسعار في اليابان راكدة أو منخفضة، كما كانت طوال معظم الأعوام الـ25 عاما الماضية، كان تفضيل واتانابي للاحتفاظ بأغلبية المدخرات نقدا معقولا، خاصة بعد أن ضمنت الحكومة الودائع المصرفية عام 1995.
كانت تجربة البنك المركزي الطويلة مع أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، التي بدأت في أواخر التسعينيات، تعني أن واتانابي لم تحقق أي عوائد، لكن ثروتها لم تتآكل بشكل كبير طالما امتنعت الشركات اليابانية عن رفع الأسعار.
لكن مع ابتعاد مزيد من الشركات اليابانية عن هذا المسار ورفع الأسعار في العامين الماضيين، وصلت واتانابي إلى لحظة محورية.
اتجاه إلى الأسهم
يقول بيتر تاسكر، محلل في شركة أركوس للأبحاث ومقرها طوكيو: "إذا خسرت من قيمة أموالها النقدية، فسيتعين على واتانابي أن تفعل ما يفعله بقية العالم، وتتجه إلى الأصول الحقيقية مثل الأسهم أو العقارات".
بعد أعوام من الجهود الفاشلة لإقناعها بهذا التحول للاستثمار، نجحت الحكومة اليابانية في إيجاد حافز غير مسبوق. فبدءا من يناير 2024، ستقدم نسخة موسعة بشكل كبير من حساب نيبون إنفسمنت سيفنغ أكاونت، أو اختصارا نيسا، إعفاء ضريبيا رائعا مدى الحياة لاستثمارات الأفراد في الأسهم. كما قاموا برفع الحد الأقصى للمساهمات السنوية من 1.2 إلى 3.6 مليون ين والحد التراكمي من ستة إلى 18 مليون ين.
إذا نجحت الحيلة، فستبدأ في تعويض النفور من الأسهم الذي استقر منذ انهيار فقاعة الأسهم في الثمانينيات. تحتفظ الأسر اليابانية بنسبة 24 في المائة فقط (17 في المائة بشكل مباشر و7 في المائة عبر المعاشات التقاعدية) من أصولها في الأسهم - وهي أقل بكثير من 54 في المائة في المملكة المتحدة و75 في المائة في الولايات المتحدة.
وهذا يعد، على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة، واحدا من أكبر الأسئلة التي تطرح على الإطلاق على سوق الأسهم في طوكيو، والشركات المكونة لها والسيدة واتانابي.
فهل المدخرون على وشك أن يصبحوا مستثمري تجزئة جادين يحركون الأسعار في سوق الأسهم اليابانية المحلية التي ظلوا يتجنبونها منذ فترة طويلة كأنها مقاه؟ حتى الإجابة الإيجابية المعتدلة نسبيا، ومجرد إعادة تخصيص ما نسبته 2 في المائة من الأصول، كما يقول المحللون في شركة أليانس بيرنشتاين، يمكن أن تنتج 150 مليار دولار من التدفقات إلى الأسهم. وإذا حدث ذلك، فسيكون بمنزلة تحرك للسوق، كما يقول السماسرة. فقد أثارت التدفقات الداخلة التي تقل عن نصف تلك التدفقات من المستثمرين الأجانب ارتفاعا بأكثر من 25 في المائة في مؤشر توبكس هذا العام.
الخوف من خسارة المال
تقول تشيكو تاكيناكا (من عائلة واتانابي قبل الزواج)، متقاعدة تعيش في مقاطعة كاناغاوا: "لا أعرف ما إذا كنت أمثل بالضرورة الأسرة اليابانية المتوسطة، ولا أعتقد أن مدخراتنا كبيرة كما تعتقد".
"لكن يمكنني أن أقول من خلال حديثي مع أصدقائي في مجموعة الدردشة إننا جميعا نفكر في النوع نفسه من الأشياء عندما يتعلق الأمر بالأسعار المرتفعة وكيفية التعامل معها. بالتأكيد أشعر بالخوف من خسارة المال في الأسهم، لكن أعتقد أن أكبر ما يقلقنا هو الحصول على ما يكفي من المال إذا عشنا 20 عاما أخرى".
في منتصف ديسمبر، ظهر إعلان غير عادي في القطارات اليابانية يدعو الناس إلى شراء أسهم جديدة تصدرها دينسو، أكبر شركة لتصنيع قطع غيار السيارات في البلد. وكما يؤمل أن أوضحه الإعلان، كما يقول اثنان من المصرفيين المشاركين في الصفقة، كان هدف البيع هو السيدة واتانابي والمساحة الجديدة للاستثمار في الأسهم التي أنشأها برنامج نيسا.
لكن هل سينجح مثل هذا التسويق؟ المعلومات البسيطة التي تصل إلى واتانابي لن تنجح لوقت طويل. إن كثيرا من العادات والقرارات المنسوبة على نطاق واسع "للسيدة واتانابي" تعود إلى أقلية من الأسر. فاليابانيون الذين نشأوا في "العقود الضائعة" في التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21 أقل عرضة للزواج أو إنجاب الأطفال مقارنة بآبائهم في العمر نفسه وليس لديهم كثير من المال لتوفيره.
إن الكومة النقدية الشهيرة البالغة 7.7 تريليون دولار تعود بشكل أساسي إلى متوسطي العمر وكبار السن. وقد انخفض معدل ادخار الأسر في اليابان من نحو 17 في المائة من الدخل المتاح في أوائل الثمانينيات إلى نحو 3 في المائة بحلول أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
يقول ريتشارد كاتز، مؤلف كتاب المسابقة من أجل المستقبل الاقتصادي لليابان: "لقد انتهى معدل الادخار المرتفع الأسطوري لدى الأسر اليابانية منذ فترة طويلة. وبدلا من ذلك، يعمل الناس على الحفاظ على الاستهلاك بأفضل ما يمكنهم عبر إنفاق أجزاء أكبر وأكبر من دخلهم الراكد".
لكن تعبير واتانابي المجازي له قيمة مهمة، كما يقول الاقتصاديون. خاصة الآن، حيث قررت الأمة ما إذا كانت ستصدق أنه بعد أعوام من الآمال الكاذبة والطمأنينة الفارغة من جانب القادة السياسيين، أنه قد حان الوقت أخيرا للتخلص من العقلية الانكماشية التي ميزت عملية صنع القرار لفترة طويلة.
هناك سبب قوي للاعتقاد بأن الوقت قد حان. حتى لو تراجع معدل التضخم عن المستويات الحالية، فقد أمضى أكثر من 18 شهرا فوق هدف بنك اليابان بنسبة 2 في المائة وبدأ الشذوذ التاريخي لذلك يحدث الضرر.
يتحدث كثير من الاقتصاديين عن "تغيير النظام". يبدو أن تطبيع السياسة النقدية اليابانية التي لا تزال شديدة التساهل أمر ممكن للمرة الأولى منذ أعوام عديدة. فقد ارتفعت سوق الأسهم اليابانية بقوة خلال 2023، وكان معظم هذا الارتفاع مدفوعا بالتصور بأن بورصة طوكيو نفسها تدفع الشركات لتصبح أكثر قابلية للاستثمار.
إعادة التموضع في الأصول
يقول بروس كيرك، استراتيجي الأسهم اليابانية في بنك جولدمان ساكس: "الندبة الجماعية الناجمة عن ثلاثة عقود من الأداء الضعيف للأسهم اليابانية لن تختفي بين عشية وضحاها. لكن إذا استمر التضخم، فإن الأسر اليابانية ستحتاج في مرحلة ما إلى إعادة التموضع في الأصول التي يمكن أن تولد عوائد أعلى مقومة بالين".
بشكل حتمي ربما، نشأت تجارة نشطة تتوقع بل وتشجع حدوث تغيير تاريخي في السلوك الاستثماري.
هذا العام، في ظل هجمة التسويق، فتح الأفراد أكثر من 2.5 مليون حساب جديد في أكبر ثلاث شركات سمسرة عبر الإنترنت في البلد، على ما يبدو استعدادا لمخطط نيسا الجديد. حقيقة أن شركة بيركشاير هاثاواي، التي يرأسها المستثمر الأسطوري وارن بافيت، قامت خلال 2023، بزيادة استثماراتها في خمسة أسهم يابانية قدمت تصويتا مهما بالثقة لكثيرين.
في أغسطس 2022، نشرت نومورا، أكبر شركة سمسرة مالية في اليابان، إعلانا بارزا في إحدى الصحف لم يعلن فقط أن التضخم أصبح الآن جزءا من الحياة الطبيعية في اليابان، بل تضمن تأكيدا لافتا للنظر مفاده أن "عدم الاستجابة للتغيير أصبح أخيرا هو الخطر".
وقد كشفت الاستعدادات التي قامت بها شركات السمسرة عن تشوهات سببها الازدراء الطويل للأسهم المحلية. وأخبر موظفو المبيعات الأكبر سنا في أحد فروع إحدى أكبر شركات الأوراق المالية في اليابان صحيفة "فاينانشال تايمز" أنهم وجدوا أنفسهم يتحدثون إلى زملاء تراوح أعمارهم بين 30 و40 عاما لم يسبق لهم قط بيع أي منتج أسهم ياباني.
لكن هناك حماسا حقيقيا يبنى. يقول يوسوكي نيشيكاوا، المدير الإداري لتطوير المنتجات في شركة نومورا في طوكيو، إنه خلال 20 عاما من العمل في الشركة، كانت هذه أكثر فترة شعر فيها العملاء بالحماس على الإطلاق. فلفترة طويلة، كان من الصعب بيع الأسهم اليابانية. "لكن الآن هناك كثيرا من الأشياء الإيجابية، مثل الإصلاح من قبل بورصة طوكيو وزيادة الأجور الموجهة نحو المستقبل. يقول نيشيكاوا: "لقد مر وقت طويل منذ أن كان بمقدورنا التوصية بالأسهم اليابانية بالطريقة التي نتبعها اليوم".
وينعكس هذا الضجيج على رفوف المكتبات اليابانية. إذ إنها مكتظة بمجلدات تقدم دورة تدريبية مكثفة في محو الأمية المالية. عناوين الكتب تنحرف بين الإعزاء - كيف تحقق حياة كريمة! - والتحذير - هل أنت مستعد لما سيأتي؟ - مع عدد متزايد من التفاصيل حول كيفية استخلاص القيمة القصوى من مخطط نيسا.
ازدهار الأسهم
وفي هذه المجموعة الأخيرة، تتمحور كثير من الكتابات حول محاولة إظهار أن الأسهم تميل إلى الازدهار في ظل الظروف التضخمية، وبالتالي فهي تمثل شيئا آمنا نسبيا. لكن الشك أمر متأصل. وفي السبعينيات، كان الأفراد اليابانيون يمتلكون 40 في المائة من سوق الأسهم اليابانية. وبعد أن بلغت الأسهم ذروتها ثم انهارت في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، بدأت هذه النسبة في الهبوط نحو مستواها الحالي البالغ 17.6 في المائة فقط.
وفي 2014، طرحت اليابان نسخة محدودة من نظام نيسا، على غرار نظام حساب التوفير الفردي في المملكة المتحدة. ومنذ ذلك الحين، تم فتح أكثر من 20 مليون حساب، مع استثمار 34 تريليون ين فيها. لكن، كما يشير روبال أجاروال، محلل في شركة أليانس بيرنشتاين، فإن المخطط لا يزال غير مستغل بالقدر الكافي، ولا يملك سوى 17 في المائة من إجمالي السكان حسابات. سيؤدي مخطط نيسا الجديد لزيادة الحد الأعلى للاستثمار السنوي ثلاث مرات إلى 3.6 مليون ين.
وإذا نجحت الحكومة في تحقيق هدفها المتمثل في فتح 34 مليون حساب جديد في غضون خمسة أعوام، فإن إجمالي التدفق إلى الأسهم قد يصل إلى مئات المليارات من الدولارات.
تراهن كثير من شركات السمسرة على أن معظم عمليات الشراء ستركز على أدوات تتبع المؤشرات والصناديق السلبية. ومع ذلك، فقد بدأ البعض في طرح المعلومات عن الأسهم والمواضيع الأكثر تحديدا التي قد تتجه إليها السيدة واتانابي.
يقول ماساتوشي كيكوتشي، كبير استراتيجيي الأسهم في شركة ميزوهو سكيورتيز، إن ما يثير الاهتمام بشكل خاص هو أن الشركات المدرجة المختلفة البالغ عددها 1.463 تقدم "خطط مزايا المساهمين" - عروض المنتجات الغذائية، والبطاقات المدفوعة مقدما المكافئة للنقد، وغيرها من الامتيازات.
أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل كيكوتشي يعتقد أن الأسهم في سلسلة المتاجر الكبرى أيون يتم تداولها بمضاعف السعر إلى الأرباح الأجل بمقدار 100x مقارنة بما يزيد قليلا على 20x في منافستها سيفين أند أي هولدنغز هو أن شركة أيون توزع على المساهمين بطاقات مزايا يحصلون بموجبها على خصومات لدى المتاجر. وبشكل مشابه، يحصل حاملو أسهم شركة أورينتال لاند على جواز سفر ليوم واحد لزيارة ديزني لاند في طوكيو.
يقول كيكوتشي: "رغم عدم ظهور كثير من الشركات الكبرى التي تتبنى حديثا خطة مزايا المساهمين.. هناك توقعات عميقة الجذور بأن المستثمرين الأفراد سيختارون الأسهم التي تتمتع بخطط مزايا للمساهمين في مخططات نيسا الخاصة بهم".
تقول ستيفاني دروز، رئيسة شركة نيكو أسيت منجمنت، إن التحدي الأكبر يكمن في سد الفجوة الصارخة بين أولئك الذين لديهم خبرة استثمارية وأولئك الذين ليس لديهم أي خبرة على الإطلاق.
وتقول إن نحو 20 في المائة فقط من الأفراد اليابانيين يمكن عدهم مستثمرين حاليا. "في الوقت نفسه، تتمتع مخططات نيسا بالقدرة على أن تكون حافزا رئيسا لتحفيز الـ80 في المائة المتبقية على التفكير في البدء في الاستثمار".
ومع ذلك، تشير دروز إلى أن الاختلافات بين الأجيال ستكون واضحة. إن كثيرا من الأسر الشابة تتعلم الاستثمار عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
أحد المؤثرين الرئيسين هو هاسن كونياما، وهو من مستخدمي منصة يوتيوب يبلغ من العمر 32 عاما ويشارك في تقديم برنامج استثماري يسمى موني سكيلسيت، الذي يمكنه جذب أكثر من مليون مشاهدة لكل حلقة. في البرنامج، يناقش كونياما مجموعة من القضايا حول مخطط نيسا واستراتيجيات الاستثمار الأخرى مع رينتارو، وهو ممثل كوميدي يلعب دور واتانابي، ويطرح أسئلة المبتدئ نسبيا.
لقد كانت مستويات الاهتمام بالأحداث، خاصة بين الشباب اليابانيين، تتجاوز ما توقعه كونياما بكثير. كما هي الحالة مع قوة الشعور بفجوة الثروة بين الأجيال وإمكانية أن يوفر الاستثمار طريقة ما لعكس ذلك.
ويقول كونياما إن اليابانيين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما ينظرون إلى الأجيال الأكبر سنا ويرون أنهم جنوا فائدة مالية كبيرة من اقتصاد الفقاعة. يرغب الشباب في العمل بجد، وأن يصبحوا أعضاء في المجتمع ويساعدوا على جعل اليابان مزدهرة، لكن كثيرا منهم يشعرون أيضا أن الاقتصاد مغلق أمامهم. ويقول: "أعتقد أن هذا هو السبب الذي يجعل كثيرا منهم يراقبون مجريات الأحداث".
وعلى الرغم من كل الضجيج الذي يرتفع حول برنامج نيسا، كما يقول كونياما وآخرون، هناك أسباب مهمة أنه سيكون أقل من التوقعات، مع موافقة واتانابي على أنه سيحدث تدريجيا مع مرور الوقت وليس من خلال طفرة مفاجئة.
ويقول ستيفان أنجريك، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتيكس: "هناك شكوك جذورها عميقة حول الاقتصاد. لقد كان الانحدار سمة من سمات الحياة التي يراها الناس ويسمعون عنها طوال الوقت، وعلى مدى فترة طويلة. وسواء أكان ذلك في شكل حديث عن ضعف الين، أو انخفاض عدد السكان، أو تفوق اقتصاد الصين على اليابان، فإن الموضوع نفسه يعود باستمرار".
ويقول الوسطاء إن هناك أيضا عدم ثقة تحديدا بالأسهم اليابانية. يعمل عديد من الأفراد اليابانيين في الشركات اليابانية ولديهم تصور شائع مفاده أن الشركات لا تدار بصورة أساسية لمصلحة المساهمين. ولا ينظر إليها بالضرورة على أنها مكان جذاب لوضع الأموال.
ويصف مسؤول تنفيذي كبير في إحدى كبرى شركات الوساطة عبر الإنترنت في اليابان جلسة لمحاضرة جرت أخيرا في ريف اليابان سمحت للجمهور بالاستفسار عن أي شيء يريدونه حول برنامج نيسا. حيث يقول المسؤول التنفيذي: "وقف شخص في المحاضرة وسألنا فعليا إذا كنا نعتقد أنه غبي. وقال الرجل إن وارن بافيت كان يشتري الأسهم اليابانية فقط حتى يتمكن من تحقيق الربح وبيعها مرة أخرى للمستثمرين اليابانيين الأفراد. إن الشكوك عميقة للغاية".
وأحد الاحتمالات هو أن الشعب الياباني سيستخدم برنامج نيسا الموسع وإعفائه الضريبي مدى الحياة ليس لشراء الأسهم اليابانية، بل لشراء المنتجات المقومة بالين والتي تمنح الأسر التعرض للأسهم الأمريكية، كما يقول الوسطاء ومديرو الأصول. وعلى وجه الخصوص، أسهم الشركات في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
ويقول كونياما: "لقد ارتفع مؤشر نيكاي 225 قليلا، لذلك ينظر بعض الناس إليه بإيجابية". لكنه يشير إلى الجاذبية غير المتناسبة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500. "شخصيا، أعتقد أن الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر ليس لديهم توقعات كبيرة جدا لمستقبل اليابان".
ويقول بول شيرد، مؤلف كتاب قوة المال، إن بورصة الأسهم اليابانية ستجيب بشكل أساسي على سؤالين خلال الأشهر المقبلة.
الأول هو ما إذا كان الشعور بالانكماش المعتدل لا يزال راسخا في أذهان الناس. ويقول إن التخلص من هذا الشعور، حتى بعد أشهر من التضخم، يمكن أن يكون صعبا للغاية.
ولكن فيما يتعلق بما إذا كانت واتانابي ستشتري الأسهم المحلية، فهناك مجموعة أخرى من القضايا المطروحة، كما يقول. إن الأسرة اليابانية المتوسطة ليست منخرطة بشكل خاص لأنه ليس لديها ما يستدعي ذلك.
ويقول شيرد: "إنهم موجودون في بيئة يبدو أن النخب تدير فيها الأمر برمته، حيث يؤنبون قطاع الأسر لعدم رفع توقعاتهم للتضخم، ويؤنبون الشركات لعدم زيادة الاستثمار أو الأجور".
"يطلب من الأسر اليابانية رفع توقعاتها للتضخم الآن، والأسرة تقول: لقد قيل لنا هذا الشيء الآخر لمدة 25 عاما، ونحن لا نؤمن تماما بالتعليمات الجديدة".
ويضيف: "لذلك مع برنامج نيسا، يمكنك أن تقود الحصان إلى الماء ولكن لا يمكنك أن تجعله يشرب. وسيقول كثير من الناس: أين تكمن العقبة؟".