الشيف كيريدج: سحر المطاعم يتطلب عملا شاقا للغاية

الشيف كيريدج: سحر المطاعم يتطلب عملا شاقا للغاية

"ساحرة وممتعة وجميلة"، هكذا تبدو المطاعم للغرباء، حسب قول الشيف توم كيريدج في مقهاه الجديد غرب لندن، ويقول "في الواقع، إن هذا يتطلب عملا شاقا للغاية".
فعندما التقينا في مطعم بوتشرز تاب آند جريل في تشيلسي قبل أسبوع من افتتاحه، كانت المبردات الزجاجية معلقة مع قطع من اللحم البقري، وأضواء عيد الميلاد الخيالية تتلألأ في أكاليل التنوب المزيفة. لكنه يبدو أقل سحرا من صداع ناتج عن التوتر الشديد، حيث يطرق عمال البناء، ويحفرون، ويتعثرون، ويخضع الموظفون الجدد ذوو الوجوه الجديدة لمناورات للتدرب على ليلة الافتتاح.
اكتسب الرجل ممتلئ الجسم، البالغ من العمر 50 عاما، بشعره المحلوق المميز، شهرة كبيرة في مطاعمه، خاصة مطعم ذا هاند آند فلورز في مارلو، باكينجهامشير، الحانة الوحيدة الحائزة نجمتي ميشلان. لكن أيضا عبر الظهور في برامج الطبخ التلفزيونية وكتب الوصفات، بما في ذلك كتب الحمية الغذائية، مستفيدا من خسارته الكبيرة في الوزن من وزن 190 كيلو. يحتفظ الشيف الذي نشأ مع أم عزباء في عقارات مجلس جلوستر بلكنة بلده الغربي، ولديه موهبة في جعل تناول الطعام الراقي أمرا متواضعا.
في قائمة طعام مطعم بوتشرز تاب آند جريل في تشيلسي "المطعم الشقيق للمطعم الموجود في مارلو" توجد النقانق، والبرجر وشرائح اللحم. نشأ المطعم من وقوع كيريدج "في حب أحد المباني". لقد اعتاد على انحسار وتدفق العواطف. "تقوم ببناء الحلم، ثم يأتي الواقع". المخاطر كبيرة، ففي العام الماضي أغلق شركته في مانشستر، التي افتتحت عام 2019. ووضعت الشركة التي كانت تدير مهرجان الموسيقى والطعام "بوب إن ذا بارك" الخاص به، قبل أن يتدخل كيريدج ومستثمرون آخرون للحفاظ على استمراره حتى عام 2024. يتم تمويل مشروع تشيلسي هذا عن طريق إعادة الرهن العقاري وقرض مصرفي. ويقول "لقد كنت طوال حياتي منجذبا إلى الاضطراب والفوضى".
ومع ذلك، يعيش قطاع الضيافة في بريطانيا وقتا صعبا مع تفاقم التضخم، وفواتير الطاقة، ونقص العمالة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "إنه غير قادر على تحديد أمر إيجابي واحد في صناعة الضيافة وعمليات الإغلاق. من المحتمل أن تكلفة كوفيد تراوح بين 3.5 مليون جنيه استرليني وأربعة ملايين جنيه استرليني". ويوضح كيريدج أن "الأمر سيستغرق أعواما لاستعادة ذلك.. لكننا ما زلنا هنا".
"بطريقة مروعة" استمتع كيريدج بضغوط الجائحة، حيث يقول "لقد كان الأمر كالكابوس إلى حد كبير. لقد أحببت اتخاذ القرار". ويلخص التحدي قائلا "إن الأمر كما لو أن لدينا غابات كبيرة أمامنا. لا يوجد طريق. لذا فأنت تخوض معركة كل يوم تقريبا لتتمكن من عبور هذه الغابات والأشجار.. في النهاية سنصل إلى الجانب الآخر من الغابة".
تعرض كيريدج للازدراء في الصحف الشعبية بسبب أسعاره "الهائلة": 37 جنيها استرلينيا للسمك والبطاطا، التي يتم تقديمها في مركز هارودز التجاري، و175 جنيها استرلينيا للفرد في مقهى باكينجهامشاير. يقول "إن الهوامش ضئيلة"، قبل أن يقلب الانتقادات رأسا على عقب، بحجة أن المستهلكين أصبحوا معتادين على الطعام الرخيص. ويضيف "لقد أوصلنا نظامنا الغذائي إلى مكان سيئ حقا، حيث يتساءل الناس باستمرار: لماذا هذا باهظ الثمن؟ ما ينبغي أن نسأله: لماذا الطعام رخيص إلى هذا الحد؟ إذا عرف الناس العمليات التي نمر بها من أجل الحصول على الدجاج الرخيص، فسيشعرون بالفزع. لا يتعلق الأمر بالرفق بالحيوانات فحسب. إنه كل شيء ننتجه بكميات كبيرة".
يصر كيريدج على أنه يتعين على أصحاب المطاعم أن يدافعوا عن الجودة "هذا في الواقع ما يكلفه. كن شجاعا في منتجك. أنت لا تجني المال. يمكننا تجاوز العامين المقبلين والمضي قدما، إذا وصلنا إلى نقطة التعادل، فلا بأس". ويقول "إنه من حيث العائد على الجهد، فإن كتب الطبخ الخاصة به الأكثر ربحية".
ولا يرى الشيف أي تناقض بين حملاته مع لاعب كرة القدم ماركوس راشفورد لإنهاء الفقر الغذائي لدى الأطفال، بينما يتقاضى أسعارا مرتفعة، بالقول "في حياتي المهنية، أستخدم أفضل المنتجات التي يمكنني العثور عليها. تلك الأشياء لها قيمة، البشر يكلفون أموالا".
ما أعلى نقطة للأسعار في مطاعمه؟ لا نعرف. ويؤكد كيريدج أن الحجوزات قوية، رغم أن العروض الترفيهية للشركات في لندن في مطعمه قد تلقت ضربة. أيام الإثنين هادئة بسبب زيادة العمل من المنزل، وبدأت أيام الجمعة في التحسن، مدعومة بالإنفاق الشخصي.
الإنفاق انخفض "قد يشترون زجاجة مشروب بقيمة 45 جنيها استرلينيا بدلا من 85 جنيها استرلينيا. لكن تكلفة العمل لا تزال كما هي بالضبط. وبالتالي يتآكل هامش الربح". لا توجد حكايات عن أزمات في الفترة التي سبقت عيد الميلاد.
ويقول "إن مطعم ذا هاند آند فلورز يتمتع بأقوى مركز بين مطاعم كيريدج، على خلفية النمو المطرد على مدى 19 عاما. الشركات مربحة لكنها ليست قوية كما كانت قبل كوفيد".
عندما ترك كيريدج المدرسة، لم يكن ليتوقع مثل هذه المشكلات المتطورة "لم أكن متأكدا مما أردت القيام به. انتهى بي الأمر في المطبخ، أغسل الصحون. لقد كنت بحاجة إلى المال.. كان الأمر مثل واو هذا رائع.. أحب هذه الوظيفة. وأحب هذا الشعور بالإنجاز. لقد أردت دائما أن أفعل الأشياء بيدي".
لقد شق طريقه إلى الأعلى، وفي عام 2005 افتتح مطعمه الأول، ذا هاند آند فلورز في مارلو، عبر زيادة الحد الأقصى لبطاقات الائتمان الخاصة به وإخبار البنك بأنه يريد الحصول على قرض لتوسيع صغير لمنزله.
عانى خلال مسيرته المهنية "قضايا الإدمان" ما اضطره إلى الإقلاع عن الكحول قبل عشرة أعوام. لقد كان الأمر "صعبا حقا، حقا، حقا، لكن ليس بالصعوبة التي كنت أعتقد أنه سيكون عليها".
رغم أن بيئة العمل تجعل الكحول متاحا مجانا، إلا أنه يعتقد أن الأشخاص الذين لديهم ميل إلى الإدمان ينجذبون إلى الصناعة، بدلا من أن يكون العمل نفسه سببا للمشكلات "في عالم الأداء العالي، هناك دائما مستوى عال يحتاج إلى شكل مفرط من أشكال التحرير".
الضيافة تجتذب "الأشخاص الذين يعيشون حياة غير تقليدية، مسار مختلف. الأشخاص الذين يعملون ليلا، أو يعملون في عطلات نهاية الأسبوع، أو الأشخاص الذين لا يشعرون أنهم مناسبون لبيئة المكتب.. حالة قياسية. إنه المزيج الأكثر انتقائية.. إننا جميعا على متن سفينة القراصنة المحيرة".
يصف كيريدج مسلسل الدب "ذا بير"، الذي يصور مطعما عائليا في شيكاغو بأنه "أفضل شيء يعرض على شاشة التلفزيون على الإطلاق"، وصفته مجلة "رولينج ستون" بأنه "الشيء الأكثر إرهاقا على شاشة التلفزيون". ويحبه كيريدج بسبب قصص الجميع بدءا من غاسل الأواني حتى رئيس الطهاة. "لديهم مستويات من الدوافع الشخصية أليس كذلك.. ما يجعلهم ملهمين". ويقول "إن المسلسل جعل شقيقه يقدر عمله ودافعه".
ويضيف "الإدارة في مجال الضيافة هي المستوى التالي. عليك أن تتعرف وتفهم الأشخاص المختلفين وما يواجهونه". وكذلك تعني العثور على الوظيفة المناسبة التي تناسب المهارات. يقول كيريدج "قد لا تكون جيدا في مقابلة الضيوف والترحيب بهم، لكنك جيد جدا في فهم المشروب".
مع توسع أعماله، تغير دوره، وهي عملية انتقالية وصفها بأنها أقرب إلى تحول لاعب كرة قدم نجم إلى مدير فني "لا يمكنك أن تظل ذلك الشخص في المطبخ. عليك أن تنمو. وإلا يمكنك فقط وضع سقف.. عليك أن تستمر في النمو حتى يتمكنوا من النمو".
ويشمل ذلك ممارسة الضغط من أجل الصناعة "أكبر شيء من شأنه أن يساعد قطاع الضيافة تخفيض ضريبة القيمة المضافة". كل هذه المسؤوليات تجعله أحيانا يتوق إلى نقاء العمل في المطبخ. "أحيانا أشتاق إلى اليوم الذي يكون فيه عليك القلق بشأن طهي شرائح اللحم". وفي يوم عيد الميلاد، عندما تكون جميع مطاعمه مغلقة، سيكون مسؤولا عن طهي لحم الديك الرومي المشوي ولحم البقر ولنجتون لـ14 شخصا.
في عام 2017، طلب سيباستيان براس الشيف الفرنسي من دليل ميشلان إزالة ثلاث نجوم ممنوحة لمطعمه، لو سوكيه، في جنوب فرنسا، بحجة الضغط الشديد.
يتردد كيريدج بشأن وصف النجوم بالتوتر، قبل أن يقرر "بالفعل، قد يكون الإجهاد هو الكلمة الصحيحة. لا أعتقد أن التوتر له دلالة سلبية إذا كان بإمكانك التحكم فيه.. عندما تتحدث مع الرياضيين عن التوتر والتحكم في أعصابهم قبل مباراة كبيرة، فهذا أمر مشابه. أحب الضغط. أحب أن تطرح الأسئلة على نفسك. لأنه عندما تحقق أهدافك، فإن هذا الشعور بالإنجاز يكون استثنائيا".
ومع ذلك، فهو يعترف بأن منهجه المريح نسبيا في التعامل مع التوتر هو الخبرة. "إنك تعمل في هذا المجال منذ فترة طويلة".

الأكثر قراءة