صعود بيتكوين المذهل يتعذر تفسيره كالعادة
إذا رأيتني يوما، في أي منتدى، أوصي الناس بضرورة شراء العملات المشفرة، فهذا يعني أن واحدا من أمرين قد حدث. إما أن شخصا استخدم تكنولوجيا التزييف العميق على صورتي، أو خطفت. في السيناريو الثاني، ستكون جملة "اشتروا العملات المشفرة" إشارة استغاثة سرية. اتصلوا بالشرطة.
رغم ذلك، من الصعب تجاهل الارتفاع المذهل في عملة بيتكوين. صدقني، لقد حاولت. بطريقة أو بأخرى، ورغم جحيم العدوان التنظيمي والصراع القانوني الذي تعانيه بعض المؤسسات الرئيسة في هذا المجال، ارتفع سعر هذا الرمز 160 في المائة هذا العام (ليس خطأ مطبعيا) إلى 44 ألف دولار، في انتعاش تسارع تسارعا حادا الأسبوعين الماضيين أو نحو ذلك. وهذا يتجاوز بفارق كبير أي فئة أصول تقليدية على هذا الكوكب.
كي أكون واضحة، إذا أراد الناس شراء هذه الرموز، ليس لدي شيء ضدهم، إذ ينفق الناس المال على صنادل كروكس والبيرة الأصلية وأشياء أخرى لا أحبها طوال الوقت. بشكل مشابه، فإن الرهان على عملة مشفرة يعد أمرا مقبولا تماما كشراء تذكرة يانصيب أو الرهان على فوز حصان في مضمار سباق كمبتون. لا حرج في ذلك. إذا كنت تريد أن تفعل هذا، فلا تتردد. آمل أن يجعلك هذا غنيا. إذا حدث ذلك، فأنت من سيضحك أخيرا، لذا من فضلك لا تكلف نفسك عناء إرسال رسائل البريد الإلكتروني المعتادة ذات الأحرف الكبيرة التي تخبرني بأنني حمقاء - فسوف تذهب إلى الملف مع الرسائل الأخرى.
لكن ما هي الظروف التي ينجح فيها هذا كاستراتيجية استثمارية؟ ماذا يعني ارتفاع الأسعار حقا؟ عندما تكون فئة الأصول مثلا أسهما أو سندات، اتفق المستثمرون على نطاق واسع على مقاييس وافتراضات للإجابة عن هذه الأسئلة. لكننا نتحدث عن بيتكوين. استعد لسماع حجج معقولة جزئيا، لكن لا أساس لها إلى حد كبير، التي يؤمن بها كثير من الأشخاص العقلاء بصدق.
زاك باندل هو أحد هؤلاء الأشخاص الذين تركوا حياتهم المهنية في مجال الاستراتيجيات الكلية في جولدمان ساكس ليعمل محللا في شركة جراي سكيل، التي تدير صناديق استثمار العملات المشفرة. يقول: "أنا أؤمن بمستقبل العملات المشفرة". ولكن في الوقت نفسه، "أنا لست شخصا أيديولوجيا هنا".
ينظر باندل عموما إلى قيمة العملات الرقمية المشفرة عبر عدسة العملات الرئيسة نفسها، التي يتم تحديدها على نطاق واسع (وأنا أؤكد على نطاق واسع) من خلال أسعار الفائدة الحقيقية وتدفقات الأموال. ويعتقد باندل أن الصعود القوي الأخير لبيتكوين يرجع في الواقع إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والافتراض بأنه انتهى من رفع أسعار الفائدة وربما يخفضها قريبا نوعا ما. يقول: "لقد تأثر الذهب بذلك، وتأثرت السندات بذلك، وتأثرت بيتكوين بذلك". وهو أمر معقول حتى الآن: فالانخفاض الكبير للغاية الذي شهدناه في عوائد السندات أخيرا يعزز الجاذبية النسبية للأصول التي لا تدر عوائد كالذهب والعملات المشفرة. لكن بالنسبة إلى باندل، فإن الأمر يتعلق بما هو أكثر من ذلك.
بدلا من ذلك، يقول: إن بيتكوين هي "العملة المنافسة الواضحة" الوحيدة في حال "انخفاض قيمة" الدولار الأمريكي. وبالنسبة إليه، فإن اليورو والجنيه الاسترليني والين والرنمينبي لا تنجح في الاختبار. وهذا يتطلب منك أن تؤمن بأمرين: أن انخفاض قيمة الدولار أمر واقعي بالفعل، وأن من الممكن الاستعاضة عنه في دوره المركزي بوصفه العملة الاحتياطية العالمية بعملة رمزية لا يمكنك استخدامها بعد لشراء فنجان من القهوة. إنها مبالغة.
وبصرف النظر عن أسعار الفائدة، هناك سبب رئيس آخر في المدى القصير في الأغلب ما يستشهد به لارتفاع بيتكوين الأخير، وهو أن الإخفاقات المتعددة التي حظيت بتغطية إعلامية جيدة لمشاريع العملات المشفرة خلال العام الماضي، خاصة الغرامة البالغة 4.3 مليار دولار التي فرضت على بورصة باينانس الشهر الماضي، كان من الممكن أن تكون أسوأ. فكرتي هنا هي "بصرف النظر عن ذلك يا سيدة لينكولن، كيف كانت المسرحية؟" (في إشارة كوميديا سوداء إلى اغتيال الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن في مسرح فورد) ولكن بالنسبة إلى مؤيدي العملات المشفرة الذين ليسوا في السجن، فإن حقيقة أن باينانس لا تزال موجودة على أي حال يعد أمرا إيجابيا.
لكن العامل الأكبر هو طلب المستثمرين. لم أقابل بعد أيا من كبار مسؤولي الاستثمار أو مدير محفظة في أي مؤسسة إدارة أموال لديه أي اهتمام ببيتكوين. يصر المؤيدون على أن بيتكوين تجلب هذا النوع من الأموال، ولكن باستثناء عدد قليل من صناديق التحوط وشركات رأس المال المغامر والشركات العائلية، فإن الأدلة على ذلك ضئيلة في أحسن الأحوال. ربما يكون الأفراد الأثرياء على دراية بالقفزة الأخيرة التي حققتها بيتكوين، ولكن حتى في ذلك، فإن مستشاري القطاع متشككون. قال كريستيان نولتنج، كبير مسؤولي الاستثمار في دويتشه بنك لإدارة الثروات: "لا أرى مزيدا من الطلب من جانب العملاء". أواجه ما يكفي من التقلبات من جانب السندات، ولست مهتما بالعملات المشفرة وتقلباتها".
من المحتمل أنه إذا وافق المنظمون الأمريكيون على إطلاق صناديق بيتكوين نقدية متداولة من مؤسسات مثل بلاك روك، فقد يغري ذلك مزيدا من المستثمرين بالسعي إلى الانكشاف على العملات المشفرة من خلالها. ومن المحتمل أن تكون هذه لحظة تقدم حقيقية، لكن الطلب الحقيقي لم تتم رؤيته بعد ويمكن احتسابه بالفعل.
إن هذه مجرد واحدة من الحجج المتناقضة هنا. في الوقت نفسه، يقال لنا: إن العملات المشفرة قد ارتفعت لأن المواطنين السياديين يريدون تجنب التدخل الحكومي والتنظيمي، وارتفعت لأنها ربما تكون على وشك الحصول على قدر أكبر من الإشراف التنظيمي. ويبدو أنها في الوقت نفسه رهان على انخفاض التضخم، وتحوط ضد ارتفاع التضخم. إنها عملة، لكنها أيضا أصل مضاربة.
لا يمكن أن تكون هذه الأمور كلها صحيحة في الوقت نفسه، فالحقيقة هي أن أشخاص مختلفين يشترون العملات المشفرة لكل هذه الأسباب المختلفة وأكثر من ذلك، لنتجاهل التناقضات. والاستنتاج الوحيد للارتفاع الأخير في الأسعار هو أن عددا غير معروف من الأشخاص يشترون هذا الرمز غير السائل بحماس أكبر مما كانوا عليه من قبل. والرقم يرتفع.