ما الذي يغذي العالم من الكهرباء؟
لقد تم إنتاج وتوليد ما يقارب 29 تيرا واط لكل ساعة من الكهرباء حول العالم في 2022، أي بزيادة قدرها 2.3 في المائة عن 2011. وبالنظر إلى بيانات من تقرير المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية 2023، الصادر من معهد الطاقة بالشراكة مع KPMG وKearney، يحق لنا أن نتساءل: ما الذي يغذي العالم من الكهرباء؟ لقد تصدر الفحم القائمة عندما يتعلق الأمر بالكهرباء، حيث يمثل 35.4 في المائة من توليد الطاقة الكهربائية العالمية في 2022، يليه الغاز الطبيعي بنسبة 22.7 في المائة، ثم الطاقة الكهرومائية بنسبة 14.9 في المائة، ويتم استهلاك أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي الكهرباء المولدة بالفحم في العالم في ثلاث دول فقط. وتعد الصين أكبر مستهلك للفحم، وتشكل 53.3 في المائة من الطلب العالمي على الفحم، تليها الهند بنسبة 13.6 في المائة، والولايات المتحدة بنسبة 8.9 في المائة. ومثلت مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، 14.4 في المائة من إجمالي توليد الكهرباء بمعدل نمو سنوي يبلغ 14.7 في المائة، مدفوعا بمكاسب كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وعلى النقيض من ذلك، حققت مصادر الطاقة غير المتجددة نسبة نمو بسيطة بلغت 0.4 في المائة فقط. إن إدراج الطاقة الكهرومائية ضمن مزيج الطاقة المتجددة أصبح مثار جدل عند البعض، ولم تدرج الطاقة الكهرومائية في حسابات المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية، على الرغم من أن كثيرين يعدونها تقنية راسخة للطاقة المتجددة. وتمثل الطاقة الكهرومائية 29 في المائة من إنتاج الطاقة العالمي، حسب تقديرات الوكلات الدولية. وبمجرد انتقال الطاقة الكهرومائية إلى جانب الطاقة المتجددة، فسيكون مجموع الطاقة المتجددة أكثر من 29.3 في المائة من إجمالي الكهرباء المولدة في 2022، أي بمعدل نمو سنوي قدره 7.4 في المائة. أما الطاقة النووية، فهي المحرك الآخر في حسابات الطاقة. وعلى أثر الاضطرابات التي حدثت في محطة زابوريزهيا النووية في أوكرانيا، وإضافة إلى عمليات إغلاق الأسطول النووي الفرنسي لمعالجة التآكل الموجود في أنظمة حقن السلامة في أربعة مفاعلات، فقد تسبب ذلك كله في انخفاض الاستخدام العالمي بنسبة 4 في المائة سنويا. كما انخفضت كمية الكهرباء المولدة من الطاقة النووية الفرنسية بنسبة 22 في المائة لتصل إلى 294.7 تيرا واط ساعة في 2022، الأمر الذي جعل فرنسا تتحول نتيجة لذلك من كونها أكبر مصدر للكهرباء في العالم إلى مستورد للكهرباء في 2022.
إن حرق الفحم من أجل توليد الكهرباء، فضلا عن صناعة المعادن وإنتاج الأسمنت، لهو المصدر الأكبر على مستوى العالم لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وعلى الرغم من ذلك، فقد زاد استخدامه في توليد الكهرباء بنسبة 91.2 في المائة منذ 1997، وهو العام الذي تم فيه التوقيع على اتفاق في كيوتو للمناخ في اليابان، ومن المتوقع أن يظل الفحم على رأس مصادر الطاقة الكهربائية في العالم في 2023 وصولا إلى 2030. ويستحق الفحم مقالا مفصلا وحده كونه محل نقاش مثيرا مع توجه بعض الدول إلى الفحم في زمن الاضطرابات والأزمات الجيوسياسية. أما الغاز الطبيعي، فسيحافظ على مكانته ومن المتوقع ارتفاعه في 2023 وكذلك الأعوام المقبلة. وسيظل نجم الطاقة المتجددة صاعدا بمعدلات نمو قوية في 2023 وكذلك للأعوام المقبلة، مدفوعا بالتغير المناخي والحفاظ على البيئة. إن الشمس والرياح طاقتان طبيعيتان ونظيفتان لكن لا يمكن الاعتماد عليهما وحدهما إلا بوجود بطاريات ذات جدوى اقتصادية مجدية والتي لا تزال مرتفعة التكاليف حتى الآن. إن كل مصدر من مصادر الطاقة له إيجابياته وسلبياته وتحدياته، لكن يظل مفهوم مزيج الطاقة مهما في عده ضمن استراتيجية الطاقة الكهربائية، وهذا ما يضمن للعالم استدامة صناعة الكهرباء، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في بعض دول العالم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.