"جيميناي" .. سبيل صعود جوجل إلى هامة الذكاء الاصطناعي
استغرق الأمر عاما، لكن جوجل قدمت أخيرا استجابة متماسكة للتحدي المفاجئ لهيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي الذي جاء مع إطلاق تشات جي بي تي.
فإصدار جيميناي هذا الأسبوع، وهي عائلة من النماذج اللغوية الكبيرة، سيمنحها منصة أقوى للرد على كل من أوبن إيه آي، الشركة التي تقف وراء تشات جي بي تي، ومايكروسوفت، التي استخدمت نماذج أوبن إيه آي لتعزيز جميع برمجياتها وخدماتها السحابية هذا العام.
والسؤال الآن هو ما إذا كان برنامج جيميناي قادرا على إحداث فرق ملموس في خدمات جوجل الحالية - وربما الأهم من ذلك، ما إذا كان يمكن أن يصبح أساسا لمجموعة جديدة من الخدمات التي تدخل الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق بكثير في الحياة اليومية.
مع الإعلان عن "النكهات" الثلاث لجيميناي هذا الأسبوع، تضع شركة جوجل بصمتها أخيرا على التكنولوجيا التي بذل باحثوها كثيرا من أجل أن تصبح رائدة، لكن الاتجاه السائد كان لبرنامج تشات جي بي تي التابع لشركة أوبن إيه آي. فمثلا، يتم وضع الإصدار المدفوع بشكل مباشر في مواجهة جي بي تي-3.5 من أوبن إيه آي، وهو النموذج وراء الإصدار المجاني من تشات جي بي تي والعمود الفقري لعديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي الأولى من الشركات الأخرى التي دخلت السوق هذا العام.
تتم مقارنة جيميناي نانو الصغير مع أنظمة مثل الإصدار الأصغر من لاما 2، وهو نموذج مفتوح المصدر من فيسبوك، ما يجعله قابلا للتشغيل على جهاز محمول. وتتخذ شركة أبل، كما هي الحال دائما، نهجا مدروسا قبل جلب الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى آيفون، لكن ظهور جيميناي على أحدث هواتف بيكسل من جوجل يعد علامة على أنها لا تستطيع الانتظار فترة طويلة.
إن جيميناي ألترا الأفضل في فئته، المقرر طرحه في أوائل العام المقبل، هو الذي يحمل آمال جوجل الرئيسة في مضاهاة أو تجاوز جي بي تي-4 الخاص بأوبن إيه آي في السباق لتحويل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أداة يومية أكثر فائدة. لقد تأخرت الشركة هذا العام، لكن لديها بعض المزايا الواضحة التي يمكن أن تساعد على جلب جيميناي إلى سوق كبيرة في 2024.
إحدى هذه المزايا هي التوزيع. قالت جوجل هذا الأسبوع، مثلا، إن برنامج جيميناي سيضاف إلى متصفح كروم، الذي يستحوذ على أكثر من 60 في المائة من سوق المتصفحات، ما يمنح المليارات من مستخدمي الويب إمكانية الوصول الفوري إلى الأدوات القادرة على القيام بأشياء كتحليل محتوى صفحات الويب.
مع قيام جوجل باستعراض قوتها السوقية الحالية على هذا النحو لتعزيز طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، فسوف تراقب الجهات التنظيمية المختصة بالمنافسة الوضع عن كثب.
ميزة أخرى لشركة جوجل هي عدم اليقين بشأن أوبن إيه آي. فبعد الإقالة الصادمة للرئيس التنفيذي سام ألتمان وإعادته إلى منصبه الشهر الماضي، فإن عديدا من الشركات التي بنت خطط الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها على نماذج شركة أوبن إيه آي، ستتطلع إلى التحوط في رهاناتها.
وتأمل شركة البحث أيضا أن يقوم روبوت الدردشة بارد الخاص بها بعمل أفضل في منافسة تشات جي بي تي الآن بعد أن أصبح لديه نموذج لغوي أفضل وراءه. لكن أفضل أمل لها في استعادة التفوق قد يكمن في كونها أول من يتوصل إلى الخدمات المتقدمة التالية التي يدعمها الذكاء الاصطناعي التوليدي. حيث تشير بعض الادعاءات عن جيميناي إلى المكان الذي تعتقد جوجل أنه قد يكمن فيه.
لقد أكدت كثيرا على حقيقة أن جيميناي تم تصميمه منذ البداية ليكون "متعدد الوسائط" - أي لا يكون قادرا على فهم النص فحسب، بل أيضا الصور والفيديو والصوت. ووفقا لجوجل، فإن ذلك يجعله أكثر ملاءمة من نماذج مثل جي بي تي-4 للتعامل مع المواقف اليومية التي تعتمد على الحواس مثل البصر والسمع.
قد تكون هذه خطوة نحو أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تكون أكثر قدرة على العمل في العالم الحقيقي. لكن من السابق لأوانه أن نجزم بالتطبيقات التي قد تجعلها ممكنة، أو ما إذا كانت جوجل قد حققت بالفعل التفوق التقني الذي تدعيه.
هناك طريق آخر للتطوير يكمن فيما تدعي جوجل أنه قدرات التفكير والتخطيط لدى جيميناي. إن هذه المهارات هي التي يمكن أن تمهد الطريق للمساعدين الشخصيين القادرين على معالجة المشكلات المعقدة ووضع خطة عمل.
إذا كان المساعدون مرتبطين بخدمات إنترنت أخرى، فيمكنهم أيضا أن يصبحوا وكلاء، ويتخذوا إجراءات نيابة عن مستخدميهم. تخيل وكيل تسوق مثلا، لا يبحث عن المنتجات التي تريدها فحسب، بل يمضي قدما ويدفع ثمنها أيضا.
إن هذا يتشكل ليصبح بالفعل واحدة من معارك الذكاء الاصطناعي الرئيسة لـ2024 وما بعده. فقد اتخذت شركة أوبن إيه آي خطوة أولى في هذا الاتجاه الشهر الماضي عندما قالت إن مستخدميها سيكونون قادرين على بناء وكلاء بدائيين فوق نماذجها، ثم عرضها للبيع في متجر تطبيقات أوبن إيه آي. وقد يشير ذلك إلى التقدم الكبير التالي في الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز تشات جي بي تي - وهذه المرة، ليس لدى جوجل أي نية للتخلف عن الركب.