بنوك الزومبي تجتاح أوروبا .. محقونة بـ 4 أسباب

بنوك الزومبي تجتاح أوروبا .. محقونة بـ 4 أسباب

قال مصرفي مخضرم "في كلية إدارة الأعمال، يعلمونك درسا بسيطا، إذا تداولت الشركة لفترة طويلة أقل من قيمة صافي أصولها يجب إغلاقها أو تفكيكها".
تظهر دراسة من مجموعة بوسطن للاستشارات، التي من المقرر نشرها الشهر المقبل، لكنها ذكرت في قمة "فاينانشيال تايمز" للمصرفية العالمية الأسبوع الماضي، أن نسبة استثنائية بلغت 73 في المائة من البنوك الأوروبية تتداول أقل من قيمتها الدفترية. معظمها على هذه الحال منذ أكثر من عقد. مرحبا بك في عالم بنوك الزومبي في أوروبا.
إنها ليست من أنواع الزومبي العادية. على عكس الشركات العادية غير الميتة، المدعومة بأعوام من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية لكنها الآن تعاني بسبب تكاليف التمويل التي أصبحت طبيعية، فالعكس صحيح بالنسبة إلى البنوك: أسعار الفائدة التي لم تصل إلى هذا الارتفاع منذ 15 إلى 20 عاما عززت هوامش الإقراض.
كان كثير من المقرضين الأوروبيين يحققون أرباحا جيدة بالفعل. تبلغ مدفوعات المساهمين مقارنة بسعر سهم البنوك المنخفض باستحكام أكثر من 15 في المائة، وفقا لمحللي مجموعة ميديوبانكا، طالما أخذت في الحسبان عمليات إعادة شراء الأسهم إضافة إلى توزيعات الأرباح.
رغم ذلك يظل المستثمرون دون حراك وهم يرون أن العوائد الحالية للبنوك غير مستدامة. حتى بين البنوك القليلة التي تمتعت بانتعاشات كبيرة في أسعار الأسهم "تضاعف سهم يوني كريديت هذا العام"، لا تزال التقييمات أقل بكثير من القيمة الدفترية "بلغت نسبة سعر السهم إلى قيمته الدفترية ليوني كريديت 73 في المائة".
إذن يجب أن يظل الأساس المنطقي للتفكك ساريا. لكنه ليس كذلك. كان هناك بالطبع عمليات تفكيك غير طوعية مفروضة من الحكومة، مثلا بنك نورثرن روك ومجموعة فورتيس البلجيكية الهولندية في المملكة المتحدة في 2008. كانت هناك محاولات تفكيك من المستثمرين، خاصة في المملكة المتحدة: استهدفت شركة نايت فينكي بنك إتش إس بي سي قبل أكثر من 15 عاما، وفي وقت قريب استهدفته شركة بينج أن الصينية للتأمين، المساهمة بحصة أقلية. ثم لاحقا استهدفت شركة شيربورن لإدوارد برامسون بنك باركليز. لكن لا شيء من ذلك كان قريبا من اتباع الكتب الدراسية لكلية إدارة الأعمال.
إن هذه ليست مشكلة أوروبية بالكامل، تظهر دراسة مجموعة بوسطن للاستشارات أن مشكلة التقييم المنخفض يعانيها أكثر من ثلث البنوك الأمريكية وجميع البنوك تقريبا في بعض أجزاء آسيا. لكن هناك مزيجا ضارا بشكل خاص من الأسباب في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
نقطة الضعف الأولى هي النمو الاقتصادي الضعيف في المنطقة. والثانية هي صنع السياسات غير الواقعي في المنطقة. فرضت ضرائب البنوك الإضافية في بعض الدول، إما كعقوبة مطولة على الضرر الذي سببته في 2008 "كما هي الحال في المملكة المتحدة"، أو كاستجابة أحدث على هوامش الربح المرتفعة "كما هي الحال في إسبانيا". خطة إيطاليا لفرض ضريبة عدلت لتسمح للبنوك بتعزيز الاحتياطيات بدلا من ذلك، لكنها لا تزال الملامة في إخافة المستثمرين.
المشكلة الثالثة هي اتساع نطاق العمليات. إن سوقهم الأوروبية المحلية متصدعة بشكل كبير نتيجة الفشل في إنشاء سوق موحدة مناسبة للاتحاد الأوروبي. "الاتحاد المصرفي" لم يتحقق إلا نصفه حتى الآن، كما أن "اتحاد أسواق رأس المال" المقترح هو مجرد مخطط إلى حد كبير. أثبت ذلك أنه حتى أكثر المجموعات الأوروبية طموحا ليس لها حضور كبير إلا في دولتين أو ثلاث فقط في الاتحاد الأوروبي.
أما الجانب السلبي المختلف الرابع -القدرة الاستثمارية الضعيفة نسبيا- فهو ينبع من الثلاثة الآخرين، لكن مع زيادة الحاجة إلى إصلاح نماذج الأعمال باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للتكنولوجيات الأخرى، فإن البنوك الأمريكية تقزم منافستها الأوروبية من حيث الاستثمار في التكنولوجيا. يجعل كل هذا من السهل إثبات قضية الهبوط للبنوك الأوروبية، خاصة مع ارتفاع حالات التخلف عن سداد القروض في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية.
يعد رأسمال البنوك الأوروبية القوي أحد الأسباب للتفاؤل، وكذلك السيولة، والرقابة التي تسود في المملكة المتحدة والبنوك التي ينظمها البنك المركزي الأوروبي، أزمة البنوك الإقليمية في الربيع في الولايات المتحدة وانهيار بنك كريدي سويس لم يطولا المملكة المتحدة أو منطقة اليورو.
من المؤكد أن بعض المستثمرين الانتهازيين، مثل صندوق التحوط توسكا فاند في لندن، قد جنوا مبالغ جيدة من المال من اختيارات منتقاة من البنوك الأوروبية. يقول أحد المستثمرين المتفائلين، "لا يهم أنهم ما زالوا أقل من القيمة الدفترية". "إذا انتقلوا من 35 في المائة إلى 70 في المائة من القيمة الدفترية، فلا تزال أموالك ستتضاعف". إذا رأى المستثمرون باستمرار، مع مرور الوقت، أن الميزانيات العمومية للبنوك قوية، وظلت بيئة السياسات مستقرة، وتلاشت ذكريات خيبات الأمل السابقة، فقد تعود البنوك الأوروبية يوما ما إلى قيمتها الدفترية، وتطرد أخيرا ظاهرة الزومبي إلى الأبد.

الأكثر قراءة