أبحاث السرطان تخلفت .. نهج وادي السيليكون سيسرعها

أبحاث السرطان تخلفت .. نهج وادي السيليكون سيسرعها

خلال الفترة التي قضيتها في جامعة إمبريال كوليدج لندن وجامعة ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ليهاي في بنسلفانيا رأيت التأثير الإيجابي للعمل الذي أجراه بعض أعظم الباحثين في العالم وكيف يمكن أن يحسن حياة الناس. لكن فوائد مثل هذا العمل أصبحت أوضح لي عندما شخصت بإصابتي بسرطان البنكرياس في 2021.
أسهم نقص الاستثمار في أبحاث هذا المرض في معدل نجاة مروع. للأسف، عدة سرطانات أخرى، بما فيها سرطان الدماغ والكبد والمعدة والمريء والرئة، أهملت الأبحاث فيها أيضا، مع معدلات نجاة قاتمة، أقل من 25 في المائة. وتشكل هذه السرطانات المعروف أن احتمالية النجاة منها ضعيفة 20 في المائة من الحالات في المملكة المتحدة، لكنها تسبب 40 في المائة من الوفيات.
في أغلب الأحيان، يحول الباحثون والممولون تركيزهم إلى مكان آخر. وبما أن المشروعات الكبيرة والمجموعات البحثية أحرزت تقدما هائلا في مجالات سرطان أخرى عديدة، فقد حان الآن التركيز على الأنواع المستعصية التي احتمالية النجاة منها ضعيفة حيث لم يتم تحقيق تقدم علمي كبير فيها بعد.
الخبر السار هو أن الاستثمار يحدث فرقا. إن مضاعفة الاستثمار الحكومي وممولي الأبحاث في سرطان الدم يعني أن معدلات النجاة الآن أعلى أربع مرات مما كانت في سبعينيات القرن الـ20، ما يساعد على تقديم أدوات تشخيصية وعلاجات أفضل مثل الأدوية دقيقة الاستهداف. تهدف المملكة المتحدة إلى قيادة العالم في مجال البحث والتطوير والابتكار. ولفعل ذلك، علينا معالجة النقص المحزن في تمويل البحوث وسوء النتائج للسرطانات ذات احتمالية النجاة الضعيفة.
في مارس، أطلقت الحكومة خطة "لتعزيز مكانة المملكة المتحدة قوة عظمى في العلوم والتكنولوجيا بحلول 2030" باقتراح "اختبار نماذج مختلفة لتمويل العلوم (...)بالعمل مع شركاء الصناعة والشركاء من فاعلي الخير لإفساح مجال لتمويل جديد". نجح أحد هذه الاختبارات عندما ضاهت الحكومة في الآونة الأخيرة تبرعا بمبلغ 20 مليون دولار للبنك الحيوي في المملكة المتحدة، قاعدة البيانات الطبية الحيوية الرائدة عالميا، للإسهام في ثورة العلوم الوراثية والطب. من الواضح أن هذه الخطة يمكن أن تنجح. الآن علينا أن نمضي قدما بسرعة في شراكات أخرى تستفيد من دعم الأعمال الخيرية.
هناك وفرة من الشركاء المحتملين من بين متبرعين كثيرين يدعمون الجمعيات الخيرية الصغيرة التي تلعب دورا حاسما في توفير التمويل الأولي للبحوث في السرطانات ذات احتمالية النجاة الضعيفة. إن مرونة هذه المؤسسات الخيرية تدعم الاختراعات والابتكارات والمواهب لكن حجمها يعني أنها لا تستطيع فعل هذا بمفردها. بدلا من ذلك، علينا أن نختبر نماذج تمويل جديدة ببناء شراكات بينها وبين الحكومة.
أحد النماذج الجديدة هو اتباع نهج وادي السيليكون. في المشروعات الريادية، تدعم مبالغ صغيرة من التمويل في المراحل المبكرة، والمعروفة باسم الاستثمارات الخيرة، العمل المبتكر وغير المؤكد إلى حد كبير. عندما يكون الكيان جاهزا للتوسع، تستهدف مبالغ أكبر.
بالطريقة نفسها، يجب تحفيز زيادة التمويل لمشروعات البحوث الخيرية الصغيرة بمزيد من الاستثمار. في المملكة المتحدة، يجب أن يأتي هذا من الدعم الحكومي. يجب أن ننشئ "صندوقا سنويا للتغلب على السرطان" بقيمة 50 مليون جنيه استرليني لبدء نهج من نوع تمويل المشروعات. ستختار الحكومة والشركاء أبحاثا واعدة في مرحلة مبكرة في السرطانات ذات احتمالية النجاة الضعيفة وسيسرع الاستثمار النتائج. على عكس الأخيار في وادي السيليكون، لن تكافأ الجهات الخيرية بالعوائد المالية، بل بالتقدم البحثي ونتائج أفضل للمرضى.
هناك ابتكارات جاهزة لتستقبل زيادة الاستثمار. مثلا، بفضل الدعم المقدم من منظمة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة الخيرية وغيرها، طور البروفيسور جورج هانا من جامعة إمبريال كوليدج نهجا جديدا مثيرا لفحص منخفض التكلفة لسرطان البنكرياس بإجراء اختبار تنفس بسيط يمكن أن يحسن النتائج تحسينا كبيرا.
تمس الحاجة إلى نهج ريادة الأعمال والاستجابة السريعة لتسريع مثل هذا التقدم العلمي للسرطانات ذات احتمالية النجاة الضعيفة. يمكننا تغيير نتائج هذه السرطانات الأكثر فتكا. لكن يجب أن نعمل الآن.

*الرئيسة السابق لجامعة إمبريال كوليدج لندن

الأكثر قراءة