بنك اليابان يغير نهجه بدهاء

بنك اليابان يغير نهجه بدهاء

كانت الجهود جارية في الأعوام الأخيرة في اليابان لتغير نهج التحكم في مياه الأنهار لمواجهة خطر الفيضانات المتزايد حيث يشتد تغير المناخ. يقدم هذا التحول نهجا مماثلا لما يحاول بنك اليابان فعله لتعديل تجربته الجريئة في السياسة النقدية.
كان التحول في التحكم بالمياه بعيدا عن الاعتماد على البنية التحتية الثابتة مثل السدود والسدود الردمية تحت سلطة إدارة الأنهار. إذ أثبتت في بعض الأحيان عدم قدرتها على تحمل الزيادات المفاجئة في هطول الأمطار وتدفق الأنهار. يسعى النهج الجديد بدلا من ذلك إلى تقليل الأضرار عن طريق السماح لكمية محددة ومتعمدة من الماء بالتدفق خارج السدود مع استخدام مرافق واسعة النطاق مثل الحقول والبنية التحتية في أحواض الأنهار كحواجز.
نعتقد أن آخر خطوات بنك اليابان في اجتماع السياسة النقدية الذي عقده في 30-31 أكتوبر لزيادة مرونة برنامج شراء السندات لاحتواء العوائد مبنية على المفهوم نفسه.
في يوليو، غير بنك اليابان في هذا البرنامج، المعروف بالتحكم في منحنى العائد. أطلق البرنامج في البداية المحافظ السابق هاروهيكو كورودا في 2016 كمحاولة لتحفيز الاقتصاد. إذا ارتفعت عوائد سندات الحكومة اليابانية فوق 0 في المائة، فسيشتري مزيدا منها. وقد اشترى الكثير - يملك الآن أكثر من 50 في المائة من السندات الحكومية اليابانية ارتفاعا من أقل من 10 في المائة في 2010. ثم زاد الحد الأعلى المستهدف لاحقا إلى 0.5 في المائة وزاده أكثر في يوليو إلى 1 في المائة.
كان هذا لضمان عدم انهيار سد التحكم في العائد أو تجاوزه. لكن العوائد ارتفعت أسرع من المتوقع، مدفوعة بالضغط الصعودي القوي من أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة على المدى الطويل.
يمكن أن توصف إجراءات أكتوبر بأنها تسمح باختراق السد لدرجة معينة بطريقة محدودة - ما يعادل بشكل واسع سحب سياسة عمليات شراء السندات في كل يوم تداول عند مستوى 1.0 في المائة.
يعني هذا في الواقع أنه من الممكن، حسب الظروف، تدفق مياه النهر فوق السد إلى الخارج. لكننا نعتقد أن هناك نقطتين أسيء فهمهما عن ذلك ويجب تجنبهما.
أولا، لم يتخذ قرار بإنهاء التحكم في مياه الأنهار أو إصدار حكم بعدم أهميته بعد الآن. بعبارة أخرى، مع أن من الواضح أن بنك اليابان يتخذ نهجا أكثر مرونة من ذي قبل، فإنه لم يغير موقفه الذي يهدف نحو التحكم في أسعار الفائدة طويلة الأجل لتحقيق هدف استقرار الأسعار وأن يصاحب ذلك نمو الأجور. افترض بعض المشاركين في السوق أن بنك اليابان قد ألغى التحكم في منحنى العائد فعليا. نعتقد أن ذلك لم يحدث بعد في هذه الحالة.
ثانيا، وهو السؤال الأكثر أهمية، إذا تم إنهاء "التحكم في مياه الأنهار"، فهل يعني ذلك تغير مستوى أسعار الفائدة الأساسية؟
قد يكون السبب هو أن "النهر المتصاعد" حاليا في أسعار الفائدة اليابانية طويلة الأجل ما هو إلا نتيجة "لتغير المناخ" - بعبارة أخرى، نتيجة قوة الضغط الصعودي من أسعار الفائدة الأمريكية طويلة الأجل. ثم من غير المرجح حدوث تغيير كبير في أسعار الفائدة حالما تنتهي هذه العوامل الخارجية.
لن يكون التغيير الجوهري في مستوى تدفق النهر ممكنا إلا إذا تحسن النمو المحتمل للاقتصاد الياباني وارتفع معدل التضخم الأساسي إلى جانب ذلك.
قد يكون ذلك أحد أسباب عدم قول بنك اليابان بوضوح إنه قد اتخذ إجراءات تعادل التحكم في مياه أحواض الأنهار في اجتماعه في 30-31 أكتوبر.
هناك علامات متزايدة على يسميه مسؤولو بنك اليابان، من ضمنهم المحافظ كازو أويدا، دورة فاعلة للأجور والتضخم. نتوقع زيادة أعلى قليلا في الأجور مما كانت عليه هذا العام في مفاوضات "شونتو" العام المقبل (مفاوضات جماعية في الربيع بشأن الأجور). إذ نتوقع زيادات في الأجور بنسبة 3.9 في المائة في العام المالي حتى مارس 2024 و2025، متقدمة عن 3.6 في المائة المسجلة في 2023. أعلنت عدة مؤسسات كبرى بالفعل زيادات أكبر في أجور موظفيها. هذا من شأنه أن يعزز إنفاق المستهلك، إلى جانب برنامج إدارة كيشيدا التحفيزي بقيمة 113 مليار دولار للمساعدات النقدية والتخفيضات الضريبية.
مع بقاء الاقتصاد على مسار الانتعاش المتواضع، نتوقع نمو الناتج الإجمالي المحلي الحقيقي 1.4 في المائة لهذا العام المالي، و0.5 في المائة في 2023-2024، و1.0 في المائة في 2024-2025.
لم تتحول إمكانات نمو الاقتصاد على المدى الطويل، التي تعد عاملا آخر مهما في قياس محور تدفق الأنهار، نحو الأعلى بشكل كبير بعد. لكننا نعتقد أن بنك اليابان قد راقب إمكانية تغير تدفق النهر بشكل جوهري من كثب. كما نعتقد أن هناك احتمالية بنسبة 60 في المائة لإلغاء التحكم في منحنى العائد في الربع الثاني من 2023-2024 (ربما في أبريل).

*كبير الاقتصاديين في نومورا سيكيوريتيز

الأكثر قراءة