خطة مثيرة للانقسام .. هل تحظر أوروبا العبوات غير القابلة للتدوير؟
أيد المشرعون في الاتحاد الأوروبي خططا مثيرة للانقسام لجعل جميع أنواع التغليف في الاتحاد الأوروبي قابلة لإعادة التدوير بحلول 2030 رغم الضغوط المكثفة من الشركات التي تراوح بين شركات تصنيع الورق وصانعي الكممبير (الجبن الطري).
ففي تصويت الأربعاء، وافق أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ على قانون مفصل يمكن أن يحظر أيضا استخدام جميع الأكياس البلاستيكية "الخفيفة للغاية" والمواد الكيميائية الضارة في العبوات.
ويعكس اقتراح بروكسل مدى تعقيد خفض الكمية السنوية للقمامة الناتجة عن التغليف في الكتلة من أكثر من 80 مليون طن. يتألف القانون من 118 صفحة مع 13 ملحقا وسيؤثر في مئات الشركات بما فيها سلاسل الوجبات الجاهزة ومصنعو الأجهزة الطبية ومزارعو الفاكهة وموزعو البيرة.
وقد أشادت فريدريك ريس، وهي نائبة بلجيكية ليبرالية في البرلمان الأوروبي قادت المفاوضات حول القانون، بتصويت البرلمان ووصفته بأنه "رسالة قوية لمصلحة إصلاح كامل" في مجال التغليف وإدارة النفايات في الاتحاد الأوروبي.
تشمل العناصر الأخرى ذات الاستخدام الواحد التي يمكن حظرها مستلزمات الزينة الصغيرة في الفنادق، والملصقات البلاستيكية على الفاكهة وأكياس السكر الصغيرة في المقاهي.
قبل التصويت، قال أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي إن هذا التشريع قد يكون أكثر تشريعات الاتحاد الأوروبي التي مورست الضغوط بشأنها "على الإطلاق"، مضيفا: "لقد تم تجهيز كل شيء بحيث تكون لكل صناعة مصلحة".
كانت فنلندا، موطن شركات العبوات الورقية الكبيرة، وإيطاليا، التي لديها نظام إعادة تدوير متكامل للغاية، الأكثر معارضة لأهداف العبوات القابلة لإعادة الاستخدام.
وأضاف الدبلوماسي أنه حتى الدول التي لديها أجندة خضراء طموحة تسعى للحصول على إعفاءات. حيث أرادت الدنمارك الحصول على إعفاءات لصناعة أغذية لديها، بينما كانت فرنسا تسعى للحصول على إعفاء لتغليف البضائع الفاخرة مثل العطور.
أصبحت النفايات، خاصة الناتجة عن البلاستيك، قضية مثيرة للجدل إلى حد كبير حيث تحاول الدول معالجة الأضرار البيئية المتفاقمة. فقد تعثرت المفاوضات حول معاهدة عالمية لخفض حجم النفايات البلاستيكية الإثنين بعد معارضة كبار منتجي البتروكيماويات.
ويحدد قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بالتعبئة والتغليف أهدافا لتوفير عبوات قابلة لإعادة الاستخدام عبر مختلف القطاعات وتقليل العبوات غير الضرورية التي تهدف إلى "زيادة الحجم المتصور للمنتج، بما في ذلك الجدران العازلة، والقيعان الزائفة للعبوات بأشكالها والطبقات غير الضرورية"، حسبما ذكر الاقتراح.
هناك أهداف لمستويات المواد المعاد تدويرها في العبوات وشرط أن تكون جميع العبوات قابلة لإعادة التدوير بحلول 2030، وهو حجر الزاوية في جهود الكتلة لإنشاء اقتصاد دائري.
قال باسكال كانفين، وهو مشرع فرنسي ليبرالي يرأس لجنة البيئة في البرلمان، إن المستهلكين في الاتحاد الأوروبي ينتجون أكثر من 180 كيلوجراما من نفايات التغليف سنويا للشخص الواحد، مضيفا: "إننا بحاجة لتقليل هذا إذا أردنا أن نكون جادين بشأن الموارد".
لكن الالتزامات، خاصة فيما يتعلق بالعبوات القابلة لإعادة الاستخدام، أثارت غضب الصناعات حول الاتحاد الأوروبي، وفي بعض الحالات حرضتها ضد بعضها بعضا.
وقالت شركة يوروبين، التي تمثل صناعة التغليف على نطاق أوسع، إن اتباع نهج التغليف على مستوى الاتحاد الأوروبي قد تأخر كثيرا. لكن فرانشيسكا ستيفنز، أمينتها العامة، قالت إنه تم منح كثير من الإعفاءات "للحكومات لوضع معايير استدامة ونفايات خاصة بها، وإدخال حواجز وطنية جديدة، وتقويض أهداف الاستدامة وخنق الاستثمار في بنية تحتية لازمة لاقتصاد دائري".
اعترض مصنعو البلاستيك على فرض حظر مقترح على الأغلفة البلاستيكية المستخدمة في توزيع البضائع الاستهلاكية، لكن بلاستيك أوروبا، وهي الهيئة النقابية، أقرت بأن القواعد يمكن أن تكون "حافزا لتحويل الأغلفة البلاستيكية".
لكن مصنعي الورق والكرتون، مثل هوتاماكي وسمورفيت كابا، كانوا مصرين على أن الاندفاع لإنتاج عبوات قابلة لإعادة الاستخدام، التي عادة ما تكون مصنوعة من البلاستيك الصلب، من شأنه أن يلحق ضررا بالبيئة أكثر من نفعه.
فقد قال أليكس مانيستي، رئيس قسم الاستراتيجية في شركة دي إس سميث للتعبئة والتغليف: "لقد أمضينا جيلا كاملا في الوصول إلى مستوى إعادة التدوير الذي لدينا اليوم.. إذا وضعت أهدافا إلزامية لإعادة الاستخدام، فسيتم تهميش منتج التغليف الذي يعاد تدويره أكثر من غيره من الكرتون".
لقد اتهمت اللوحات الإعلانية التي تم نشرها عبر محطات القطارات في بروكسل هذا الأسبوع من قبل تحالف من مشغلي الوجبات الجاهزة والتعليب الورقي، من ضمنهم ماكدونالدز وهوتاماكي، بروكسل "بتجفيف أوروبا". واستشهدت بدراسة أجراها التحالف الأوروبي للعبوات الورقية، الذي وجد أن العبوات القابلة لإعادة الاستخدام في قطاع الوجبات السريعة سيستهلك مياها عذبة أكثر بنسبة 64 في المائة خلال دورة حياته بالعبوات التي تستخدم مرة واحدة.
وقال محمد شهيم، عضو البرلمان الأوروبي الاشتراكي الهولندي، إن جماعات الضغط قامت بنشر منشورات كتب عليها "أنقذوا وجباتنا السريعة" حول البرلمان ردا على الأهداف المقترحة للكرتون القابل لإعادة الاستخدام لمجموعات توصيل الطعام. قال: "هذا أمر مثير للسخرية حقا".
حتى منتجو الأجبان الطرية انضموا إلى المعركة، حيث بدأوا حملة الأسبوع الماضي لإنقاذ عبواتهم الخشبية التقليدية، التي يستخدمها أيضا بائعو المحار، التي يمكن حظرها بعد 2030 لأنه لا يمكن إعادة تدويرها. وأثارت الحملة مقارنات بالثورات ضد قانون "الموز الملتوي" الذي أصدره الاتحاد الأوروبي عام 1995 الذي حدد متطلبات شكل الموز.
وتعمل بروكسل على استثناء من التزامات إعادة التدوير لمنتجات مثل كمميبر وجورجونزولا التي تتمتع بوضع جغرافي خاص، لكن سيكون الأمر متروكا للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة وأعضاء البرلمان الأوروبي للموافقة.
كما دافع مسؤولو المفوضية عن أهداف إعادة الاستخدام بوصفها متواضعة وتهدف إلى بدء نمو مزيد من العبوات القابلة لإعادة الاستخدام والتي ستتحسن مع انتشار أنظمة إعادة العبوات وغسلها.
وقال مفوض البيئة فيرجينيوس سينكيفيشيوس: "نرى أن إعادة التدوير لن تكون كافية، لذا نحتاج إلى النظر في إمكانية إعادة الاستخدام وحظر بعض التغليف غير الضروري".
ووفقا لعرض بيانات غير منشورة من اللجنة اطلعت عليه صحيفة "فاينانشال تايمز"، فقد وجد أنه مقارنة بـالأكواب الورقية ذات الاستخدام الواحد، وصواني الورق المقوى والحاويات الورقية لوجبة الهامبرجر، فالحاويات البلاستيكية القابلة لإعادة الاستخدام تستخدم كميات أقل من المياه وأقل كثافة في انبعاث الكربون.
لكن الناشطين في مجال المناخ يشعرون بالقلق من أن أهداف الاتحاد الأوروبي ليست كافية. إذ قال ماركو موسو، كبير مسؤولي سياسات الاقتصاد الدائري في مكتب البيئة الأوروبي: "حتى لو تم اتخاذ جميع التدابير وإذا تم تنفيذ جميع هذه التدابير بشكل كامل، فلن يكون ذلك كافيا لتحقيق خفض حتى بنسبة 5 في المائة في نفايات العبوات بحلول 2030.
سيتعين التفاوض على القواعد مع الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي قبل أن تصبح قانونا.