المرأة السعودية وكفاءة التمكين
حظيت المرأة السعودية باهتمام ورعاية القيادة السعودية ومنحتها سبل التمكين بحزم من القرارات التاريخية لتشكل نقلة نوعية غير مسبوقة عزز دورها في مختلف الميادين، فأضحت شريكا فاعلا في رفعة الوطن ونمائه، وحققت نجاحات نوعية تباينت مجالاتها علميا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، والمتتبع لمسيرة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والمدنية للمرأة السعودية، يجد أنه تمت إجراءات فعلية على أرض الواقع لتعزيز مكانتها في المجتمع بما يتلاءم مع قدراتها المتميزة واستعدادها لتحقيق التقدم والازدهار على مختلف الأصعدة، كما أنها خطت مسافات مشرفة متناسبة مع المجتمع ومتغيرات العصر ومخرجاته ومراحله المختلفة.
ومن هذه المقدمة والخلفية، فإنه ليست هناك حدود لمسار تمكين المرأة في السعودية. فكل المشاريع والمبادرات والمحاور التي وضعتها "رؤية المملكة 2030"، تصب في هذا الاتجاه، بل وضعته على رأس الأولويات، انطلاقا من أهمية مشاركة المرأة على الساحة الوطنية في كل المجالات التي يمكن أن تضيف إليها، وأن تشترط في عملية البناء الاستراتيجية الكاملة، التي تعيد تشكل المشهد المحلي عموما، وفق ما تستحقه السعودية، وما تتمتع به من إمكانات كبيرة. وعلى هذا الأساس، وضعت الدولة مكانة المرأة الاجتماعية والعملية والإبداعية والإنتاجية على رأس الاهتمامات، ووفرت لها كل الأدوات اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة. ومن هنا، يمكننا فهم الخطوات الواسعة، التي تسير عليها المرأة في كل القطاعات التي تخصها وترتبط بالتنمية المستدامة الشاملة.
والاستنتاج الأخير للبنك الدولي في هذا المجال، يعزز المشهد العام لدور المرأة في المملكة. فالمؤسسة الدولية لم تحص فقط الإنجازات التي تمت على هذا الصعيد فحسب في مدة زمنية قصيرة، بل عدت التجربة التي تمر بها المرأة من خلال الخطط الموضوعة وتنفيذ مستهدفاتها، مثالا يحتذى على الصعيدين الإقليمي والعالمي. فمشاركة المرأة السعودية (وفق البنك الدولي) منذ 2017 بلغت آفاقا عالية للغاية على صعيد تمكينها واندماجها في ورشة التنمية الوطنية الهائلة، لماذا؟ لأنها تشارك في مختلف القطاعات. والنقطة الأهم هنا، لا تنحصر في هذا الشأن فحسب، بل تؤكد حقيقية أن الارتفاع المستمر لمشاركة المرأة في سوق العمل، لم يؤد إلى زيادة البطالة على الجانب الآخر من السوق. الذي حدث فعلا أن البطالة انخفضت في ظل وجود فرص متوالدة للعمل محليا.
واللافت، أن هذه القفزات النوعية تمت في فترة لا تزيد على ستة أعوام، ما يعزز النجاحات الخاصة بتحقيق مستهدفات "رؤية المملكة". فمنذ 2017 حتى اليوم زادت مشاركة المرأة في القوى العاملة بمختلف القطاعات المحلية من 17.4 إلى 36 في المائة. وهذه النسبة ترتفع مع توسع المشاريع وطرح مبادرات تنموية استراتيجية جديدة. ومن النقاط المهمة في هذا الشأن، أن عملية تمكين المرأة في سوق العمل تشمل بقوة القطاع الخاص الذي وضعت له شريكا وطنيا لاستكمال عملية البناء الشاملة. فمشاركة المرأة لم تقتصر على القطاع الحكومي، بل باتت تمثل قوة عاملة أساسية على الساحة الاقتصادية والتنموية الخاصة. وهذه النقطة على وجه الخصوص، تعزز الحالة الصحية للأداء الاقتصادي الوطني عموما.
كل هذا ما كان ليحصل لولا المخططات الاستراتيجية عالية الجودة، والتحولات الاجتماعية على الساحة المحلية. فالخطط والبرامج الموضوعة لا تختص فقط بالجانب التنموي والاقتصادي، بل أيضا إصلاحات اجتماعية ضرورة تعد بمنزلة قاطرة لضمان الوصول إلى المستويات الصحية من التنمية المستدامة. فالمبادرات الداعمة لمشاركة المرأة وتمكنيها وتحقيق المساواة بين الجنسين عموما، لا تتوقف. وتشمل كل مناحي العمل، بما في ذلك مبادرة التمكين في الخدمة المدنية، والتنوع في سوق العمل، وتشجيع التطور الوظيفي والعملي للمرأة عموما، إضافة طبعا إلى مبادرات التدريب والتوجيه، وإيجاد الأجواء العملية المرنة لها ولكل العاملين على الساحة المحلية عموما. فضلا عن توفير الخدمات الأسرية للأطفال خلال فترات عمل المرأة والقيام بدورها.
وعلى هذا الأساس، يبقى الهدف الأول حاضرا في كل الأوقات، حول تعزيز مشاركة المرأة وتمكينها في التنمية الوطنية الشاملة. وهذا ما مكنها أساسا في أداء دورها في هذا المسار الذي يقود إلى استكمال عملية البناء الاستراتيجية، كما وضعت من قبل القيادة العليا في البلاد. إنها تحولات تؤكد مجددا أن المملكة ماضية قدما وبسرعة فائقة إلى تحقيق غاياتها وصناعة مستقبل يستحقه كل السعوديين.