ماذا لو لم تتسع فجوة التفاوت في أمريكا؟

ماذا لو لم تتسع فجوة التفاوت في أمريكا؟

كيف ستشعر لو اكتشفت أن فجوة التفاوت في الدخل في الولايات المتحدة لم تتسع على مدى الـ60 عاما الماضية، وأن الأغنياء لم يأخذوا نصيب الأسد من النمو الاقتصادي منذ الثمانينيات، وأن النصف الأفقر من المجتمع الأمريكي كان يتمتع بالحصة نفسها من إجمالي الدخل في 2020 كما كانوا في 1960؟
أظن أن كثيرين، مثلي، سيشعرون بسرور يشوبه الشك. السعادة لأنها تشير إلى أن أقوى اقتصاد في العالم كان يعطي نتائج أكثر إنصافا، وعدم التصديق لأن الافتراضات تتعارض مع كل ما قيل لنا تقريبا عن المجتمع الأمريكي.
هذه ليست مجرد أسئلة افتراضية، فالنتائج تكمن في صلب تحليل أجراه جيرالد أوتن، مسؤول في مكتب التحليل الضريبي التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، وديفيد سبلنتر، مسؤول في اللجنة المشتركة للضرائب في الكونجرس الأمريكي. تم قبول نشر بحثهما هذا الشهر في مجلة أكاديمية مرموقة محتواها خاضع لمراجعة أقران.
سيكون من العدل أن ندعو أوتن وسبلنتر بالمهووسين بالضرائب والبيانات. يسلط عملهما الضوء على المشكلات العميقة الناجمة عن التحليل الساذج للبيانات الإدارية - في هذه الحالة السجلات الضريبية. وفي حين يعاني تحليل الاقتصاد الكلي أزمة تحيز في الإجابة عن المسوحات الاستقصائية حاليا، يؤكد هذا على وجود أزمة منهجية في تحليل الاقتصاد الجزئي.
كانت الشخصيتان الرئيستان في أبحاث السجل الضريبي في الولايات المتحدة هما توماس بيكيتي وإيمانويل سايز، اللذان نشرا النتائج التي تفيد بأن حصة الدخل لأعلى 1 في المائة تضاعفت تقريبا من 8 في المائة في الثمانينيات لتصل إلى 27 في المائة بحلول 2021. التعاون مع زوكمان لاحقا قد عدل هذه النتائج قليلا، لكنه لا يزال يترك صورة للأغنياء وهم يهربون بالغنائم.
يوثق أوتن وسبلنتر كيف أن هذين الاقتصاديين لم يكونا دقيقين في أبحاثهما بما فيه الكفاية، زاعمين أن العمل السابق لم يكن "قويا" في مواجهة الأدلة حول كيفية ملء الناس الإقرارات الضريبية. والجميل في تحليلهما هو أنهما يبدآن بالنتائج الواردة في البيانات الأولية ثم يوثقان التعديلات التي لا تحصى واللازمة لافتراض شيء ما عن المجتمع.
تعد بعض الاختيارات والنزاعات حول المنهجية لافتة للنظر. مثلا، خلص العمل السابق إلى أن أكثر من 1 في المائة من سكان الولايات المتحدة هم من ضمن 1 في المائة الأعلى دخلا لأن معدلات الزواج أصبحت أعلى بكثير بين الأغنياء مقارنة بالفقراء. والاختلافات الكبيرة الأخرى هي أن أوتن وسبلنتر يقولان "بمنطق عقلاني"، "إن التغييرات في قوانين الضرائب الأمريكية في 1986، التي جعلت الأغنياء يدفعون ضرائب على أرباح الشركات، لم تمثل زيادة في الموارد التي يحتفظ بها الأغنياء، بل مجرد تغيير في السلوك".
كما أنهما يوكدان أهمية عدم احتساب الذين ينقلون مدخراتهم من صندوق معاشات تقاعدية إلى آخر بصفته دخلا، ويثبتان أن التهرب الضريبي للشركات بين العاملين لحسابهم الخاص لا يتركز بين فاحشي الثراء. هما يقدران ذلك من خلال مراجعة حسابات دائرة الإيرادات الداخلية وليس من افتراض أن الدخل غير المبلغ عنه يتطابق مع الدخل المبلغ عنه.
والمحصلة هي أنهما وجدا أن التفاوت في الدخل قبل الضرائب قد اتسع بالفعل، مع ارتفاع حصة أعلى 1 في المائة من 9.8 في المائة إلى 12 في المائة بين 1960 و2019. لكن ذلك تم تعويضه من خلال نظام ضرائب تصاعديى، ولا سيما فيما يتعلق بالفوائد الصحية للأسر الأمريكية، مع استقرار حصة الدخل لأعلى 1 في المائة بعد خصم الضرائب على مدى 60 عاما.
أحد الاستنتاجات هو أن المنهجية لها أهميتها في بحث كهذا. والاستنتاج الأعمق هو أنه إذا لم تتسع فجوة التفاوت في الدخل، فإننا كنا نطرح الأسئلة الخاطئة حول المجتمع الأمريكي. وبدلا من السؤال عن كيفية كبح سلطة فاحشي الثراء، ربما هناك أسئلة أفضل. مثلا، لماذا كان ارتفاع معدلات إعادة التوزيع غير فاعل لحد كبير في حل علل أمريكا الاجتماعية؟ وهل نريد هذا القدر الكبير من عملية إعادة التوزيع أن يتم تنفيذه من خلال الرعاية الصحية بدلا من مد الأسر الفقيرة بمزيد من المال؟

الأكثر قراءة