صنارة الأرباح القياسية لشركات الطيران تخفق في اصطياد المستثمرين
تكافح شركات الطيران لإقناع المستثمرين بدعم تعافي السفر على الرغم من إعلانها أرباحا مزدهرة وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات لشراء الطائرات الجديدة.
يتم تداول مؤشر إم إس سي أي الذي يتتبع شركات الطيران العالمية عند نحو 40 في المائة دون مستويات ما قبل الجائحة. وانخفض المؤشر أكثر من 20 في المائة منذ بداية يوليو رغم أن كثيرا من شركات الطيران بما فيها شركة أي أيه جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية، وإيزي جيت، والخطوط الجوية السنغافورية أعلنت أرباحا قياسية.
طلبت شركات الطيران أيضا أكثر من 2800 طائرة جديدة حتى الآن هذا العام في رهان بمليارات الدولارات على أن الصناعة تستعد لفترة نمو قوي.
مع ذلك، اقترنت أسعار الوقود المرتفعة بالمخاوف الاقتصادية والمخاوف المستمرة بشأن الإنفاق الاستهلاكي في إثارة قلق المستثمرين، الذين كانوا يرون شركات الطيران منذ فترة طويلة قطاعا دوريا عرضة للصدمات الخارجية، من سحب الرماد البركاني والجوائح إلى الانكماش الاقتصادي.
قال أحد المصرفيين الاستثماريين إنه في أعقاب الجائحة كان ينظر إلى الصناعة على أنها "غير قابلة للاستثمار" من عديد من المستثمرين.
لا تزال بعض شركات الطيران تحظى بشعبية. كان أداء الأسهم في بعض شركات الطيران الآسيوية - ومنها الخطوط الجوية السنغافورية - جيدا حيث لا تزال المنطقة تتمتع بطفرة في السفر تلت الجائحة بعد الانفتاح ببطء.
وتفوق أداء شركات الطيران الأمريكية ذات الانكشاف الأقل على السوق المحلية المتباطئة على نظيراتها، في حين توج فوز شركة رايان إير على المدى الطويل بعد أن استغلت الاضطراب الناجم عن الجائحة لمصلحتها للشروع في فترة نمو سريع.
لكن سجلت أسهم شركة إير فرانس-كيه إل إم مستوى قياسيا منخفضا في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الشركة أرباحا قياسية في الربع الثالث.
قال أليكس إيرفينج، المحلل في شركة بيرنشتاين: "المستثمرون ينظرون بشكل كامل في النتائج مع التركيز على المخاطر الكلية خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي".
تأتي شكوك المستثمرين في أوروبا على الرغم من إعلان شركات الطيران عن طلب قوي على السفر في فصل الشتاء، مع أن البيانات الصادرة هذا الشهر أظهرت انخفاضا في الحجوزات على مستوى العالم بعد الحرب في الشرق الأوسط.
قال جوزيف فارادي، الرئيس التنفيذي لشركة ويز إير: "دائما ما يتكرر هذا السؤال: الصيف جيد ولكن ماذا عن الشتاء؟ الشتاء جيد أيضا".
بنيت أرباح هذا العام على ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، حيث اجتمع الطلب المرتفع على الطيران مع النقص في الطائرات.
لكن بعض التصدعات ظهرت في السوق الأمريكية، حيث أعلنت بعض شركات الطيران الرائدة تحذيرات بشأن الأرباح على خلفية ارتفاع التكاليف بما فيها العمالة والوقود.
قال كونور كانينغهام، المحلل في شركة ميليوس للأبحاث، إنه مع تزايد شكوك المستثمرين، فإن الجولة الأخيرة من أرباح شركات الطيران "يجب أن تكون خالية من العيوب". وأضاف: "لقد كانت مختلطة إلى حد كبير، ما أدى إلى ضغوط بيع مستمرة".
وكانت هناك أيضا مؤشرات على أن شركات الطيران تسير كثيرا من الرحلات الجوية في السوق المحلية في الوقت الذي بدأ فيه الطلب بالتباطؤ، ما يضغط على العوائد حيث لا بد أن تخفض الشركات الأسعار لملء الطائرات.
قال باري بيفل، الرئيس التنفيذي لشركة فرونتير إيرلاينز التي تركز على الأنشطة المحلية، في مناسبة خاصة بالصناعة الشهر الماضي: "يسير الوقود والسعة والطلب في الاتجاه الخاطئ، ونحن مثل طائر الكناري في منجم فحم (كناية عن طائر الكناري الذي يجلبه عمال مناجم الفحم معهم ليكون موته تحذيرا لهم من خطر الاختناق)".
من جانبه، قال جوه تشون فونج، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية السنغافورية، إنه بينما يتوقع طلبا "قويا" لبقية العام المالي المنتهي في مارس، فإن هناك دلائل حديثة على أن أسعار تذاكر الطيران "تراجعت" في سوقه أيضا.
لا تزال شركات الطيران، بما في ذلك رايان إير وإيزي جيت وساوث ويست إيرلاينز، تسعى جاهدة لتأمين مواعيد تسليم نادرة بشكل متزايد من شركتي بوينج وإيرباص، ولا سيما للطائرات ذات الممر الواحد، أو الطائرات ذات الهيكل الضيق، للرحلات القصيرة.
على الرغم من أن أحد العوامل التي تدفع الطلب هو الحاجة إلى استبدال الطائرات القديمة، فإن هذه الفورة أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت بعض شركات الطيران تخاطر بالإفراط في الطلب.
بلغ إجمالي الطلبيات المتراكمة لشركتي إيرباص وبوينج لصناعة الطائرات مستويات قياسية تزيد على 13900 حتى نهاية أكتوبر، وفقا لبيانات من شركة سيريوم لاستشارات الطيران.
سيتضخم ذلك أكثر بعد موجة الطلبات من شركات الطيران في الشرق الأوسط، بما في ذلك طيران الإمارات، خلال المعرض الجوي الذي أقيم الأسبوع الماضي في دبي.
حذر روب موريس، رئيس شركة أسيند الاستشارية التابعة لـ"سيريوم"، من أن الطلبات تشكل خطرا على شركات الطيران بالنظر إلى "محركات الاقتصاد الكلي والجيوسياسية العالمية والإقليمية التي يبدو أنه الصعب بشكل متزايد التنبؤ بها في مرحلة ما بعد كوفيد".
وقال كريس تاري، مستشار الطيران، إن الصناعة لديها تاريخ في إساءة توقيت هذه المعاملات، وطلب الطائرات بحماس خلال أوقات الازدهار، لتصل الطائرة مع انخفاض الطلب والعوائد.
"من المتوقع أنه في عدد من الأسواق، ستتم استعادة القدرة الاستيعابية بالكامل فقط عندما يكون هناك تباطؤ في النشاط الاقتصادي أو الإنفاق الاستهلاكي. من المؤكد أن سوق الطيران لا تتكيف على الفور ودون تكلفة".