القص واللصق .. بين الخطيئة والإبداع
هل علينا أن نقلق من أن راشيل ريفز، التي من المرجح أن تصبح أول وزيرة خزانة في المملكة المتحدة، ستكون "وزيرة قص ولصق"؟ عندما راجعت زميلتي سمية كينز كتاب ريفز "النساء اللاتي صنعن الاقتصاد الحديث"، عثرت على جملة نسخت حرفيا تقريبا من مصدر غير موثوق. لم يكن من الصعب العثور على أمثلة أخرى لما يعده معظم الناس سرقة.
هذا محرج لريفز، لكن سيكون محرجا أيضا لو ضبطت بدلا من ذلك وهي تدفع بقشيشا بخسا في مطعم، أو لا تعيد كتابا إلى مكتبة. لحظات الإهمال أو تجاهل الآخرين غير لائقة. مع هذا، "من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر"، أي لا أحد معصوم من الخطأ.
أنا مهتم أكثر بما تعلمنا هذه الجلبة عن النسخ والإبداع في عصر وفرة المعلومات. لنبدأ بهذه الجملة "كانت لورنسينا ابنة تاجر ليفربول، لورانس هيورث، الذي كانت عائلته من النساجين في باكوب في لانكشاير".
ظهرت هذه الجملة على الموقع الإلكتروني، "ريثينكينج بوفرتي"، قبل أن تنتقل -بتهجئة مختلفة فقط لاسم لورنسينا، لاورنسينا- إلى كتاب ريفز. هذا محرج. لكنها ليست سرقة فكرة مهمة. تفاصيل السيرة الذاتية عن والد والدة بياتريس ويب الخبيرة الاقتصادية تافهة. إنه بالضبط نوع التفاصيل التي سيتعلمها معظم الباحثين بسعادة من مصدر موثوق دون الرجوع إلى غيره.
كان كاتب "أو مساعد باحث" أحكم سيخفي الاقتباس في النص، وينسبه إلى مصدره في الحاشية. لكن الخطوة السريعة هذه مناورة دفاعية تهدف إلى حماية سمعة المؤلف في النزاهة "وهي سمعة تشوهت بحق في حالة ريفز". لن يكسب موقع "ريثينكينج بوفرتي" أي زيارات في كلتا الحالتين، والقارئ ببساطة لا يهتم.
لقد كانت لعبة الملكية الفكرية بأكملها هنا نمطية للغاية، بحيث يصعب تمييز المقاصد، حتى لو كان جميعنا يدرك القواعد. مثلا، عندما نقلت في الفقرة الثانية مثلا معروفا، هل كان ذلك سرقة؟ بالطبع لا، لكن فقط لأن الجميع يعرف أني كنت أقتبس مثلا معروفا. إذا كان النسخ واضحا بما فيه الكفاية، فلا يعد انتحالا، بل تكريما.
يبدو كما لو أنه يجب سن قاعدة بسيطة يمكننا تطبيقها، مثلا، "لا تنسخ عمل آخرين". لكن كما يجادل كيربي فيرجسون في مقالته المصورة البديعة، "كل شيء نسخة معدلة"، "النسخ هو جوهر الإبداع وجوهر التعلم". تستخدم سلسلة "حرب النجوم" أفكارا من فيلم "متروبوليس" لمخرجه فريتز لانج و"القلعة المخفية" لأكيرا كوروساوا وحتى "طقوس الربيع" لسترافينسكي، لكن من السخف الزعم أن خطيئة إبداعية أو اقتصادية قد ارتكبت.
إن التباسنا بشأن الصواب والخطأ في النسخ يرجع جزئيا إلى وجود مكونات عديدة مختلفة في مجموعة بديهياتنا. إذا كنت سأطبع عشرة آلاف نسخة من كتاب ريفز، وأبيعها وأحتفظ بالإيرادات، فسأرتكب شكلا من أشكال سرقة الملكية الفكرية، وأسرق أموالا منها ومن ناشرها بطريقة غير مباشرة. إذا طبعت بدلا من ذلك عبارة "مؤلفه تيم هارفورد" على الغلاف، فسأرتكب شكلا مختلفا من الأذى.
في حالات السرقة الأكاديمية، القلق مختلف أيضا. لا يقلق المعلمون من سرقة الطلاب، لأنهم يخشون حرمان شخص ما من جعالته، بل لأن السرقة تقوض عملية التعليم، فهي تغري الطالب بألا يكلف نفسه عناء الدراسة، وتصعب على المعلم تقييم إنجازات الطالب.
لهذه الأسباب، من الخطر تقديم رأي شامل حول الصواب والخطأ في النسخ، لكن اسمحوا لي أن أقدم رأيا على أي حال، أعتقد أننا نهتم كثيرا حول هذا الموضوع. على المدى الطويل، يؤذي الطلاب السارقون أنفسهم في الأغلب، ولذا يجب أن نثنيهم عن السرقة للسبب نفسه الذي نثنيهم عن المحرمات، من أجل مصلحتهم.
حقوق الطبع والنشر موجودة لسبب وجيه، وليس لتعظيم دخل أي شخص يمتلك حقوق الإبداع، بل لتحقيق التوازن بين الحافز لابتكار أفكار مقابل الحق في التمتع بأفكار الآخرين أو البناء عليها. وكما قلت من قبل، فإن حماية حقوق الطبع والنشر واسعة وطويلة بلا داع، وتفضل أقلية صغيرة من المبدعين الأثرياء على حساب ثقافتنا الإبداعية الأوسع.
أما نوع السرقة في التأليف الذي تتهم به ريفز اهتماما منطقيا، فإننا نهتم به كثيرا أيضا. أليس غريبا أن يكون الكتاب سطحيا ومشتقا من عمل آخر دون سرقة فكرية، وأن الكتاب يمكن أن يحتوي أيضا على سرقة حتى وهو عمل مفصل وأصلي؟ يشير هذا إلى أن السرقة التي يمكنك اكتشافها باستخدام البرامج أو نظرات ثاقبة على "ويكيبيديا" قد لا يكون نوع التقليد المهم حقا.
جادل مالكولم جلادويل منذ 20 عاما تقريبا في مجلة "نيويوركر" أنه من العبث الادعاء أن الكتابة أو أي عمل إبداعي آخر هو عمل بإلهام انفرادي، لا تؤثر فيه تأثيرات أخرى. بالنظر إلى أن الكتاب سيبنون دائما على كلمات كتاب آخرين، فمن السخافة أيضا الإصرار على أن ما يهم أكثر هو طلي اللبنات الأساسية، بحيث لا يمكن تمييزها خلف واجهة رفيعة من العبارات الجديدة. "اتهم جلادويل بعدئذ بالسرقة في مقالات لاحقة لمجلة نيويوركر".
من الحكمة والأدب أن تعترف بمصادر إلهامك، لكن لا الحماقة ولا الوقاحة جريمة تستحق الشنق. أكن احتراما أقل قليلا لريفز الآن، لكن أقل قليلا فقط.
أما بشأن لقب "وزيرة القص واللصق"، اعفونا من هذا. إن إدارة الشؤون المالية للدولة البريطانية مهمة صعبة، تتطلب صفات كثيرة، "القدرة على تزييف الأصالة ليست إحداها".