التلوث الكيميائي .. أزمة عالمية مقبلة «2 من 2»
يتحول جانب من النيتروجين المتطاير في الهواء إلى أكسيد النيتروجين، وهو من الغازات المسببة للاحتباس الحراري ويعد أقوى 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون. ويرتبط التلوث بالمواد الكيميائية بأزمة المناخ، حيث يمكن أن يؤدي تغير المناخ بدوره إلى زيادة كمية المواد الكيميائية غير الآمنة في البيئة.
تعد المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في حياتنا اليومية مثيرة للقلق بالقدر نفسه. فالكادميوم، وهو مادة كيميائية تدخل في تركيب البطاريات والإلكترونيات والطلاء ـ وكذلك في بعض الأغذية ـ يؤثر في صحة القلب والأوعية الدموية ويمكن أن يسبب الفشل الكلوي والسرطان. والإسبستوس، المعروف بالتسبب في سرطان الرئة والمحظور في معظم الدول مرتفعة الدخل، لا يزال يستخدم بشكل شائع كمادة عازلة في بعض الدول مثل الهند وسريلانكا وإندونيسيا.
تشير الآثار الناجمة عن التلوث الكيميائي إلى دق جرس إنذار آخر، يذكرنا بأنه لا يمكننا ببساطة أن نتطور الآن ثم نعود لإصلاح ما أتلفناه لاحقا. وفيما يلي ثلاثة إجراءات يمكن لواضعي السياسات اتخاذها لتحسين إدارة المواد الكيميائية:
إن قياس المواد الكيميائية التي تحتاج إلى إدارتها. ولا يوجد حاليا نهج موحد لقياس التلوث الكيميائي. وقد اقترح البنك الدولي مبادئ توجيهية فيما يخص جمع العينات من الكيماويات الموجودة في البيئة أو من المنتجات المحلية وتحليلها، وإعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية المستعملة، وأيضا تعدين الذهب بالوسائل الحرفية. ويتعين على الحكومات والأوساط الأكاديمية وشركاء التنمية أن يتفقوا على بروتوكولات عالمية لقياس المواد الكيميائية الموجودة في البيئة وتلك التي يتناولها الناس.
اعتماد "المبدأ الاحترازي" حيث يفترض أن يتم إثبات سلامة المادة الكيميائية قبل استخدامها. ويتطلب هذا النهج من واضعي السياسات أن يتحلوا بالحيطة الكافية تجاه استخدام المواد الكيميائية الجديدة.
وضع أطر سياسات استنادا للشواهد والأدلة. ويمكن أن يأتي هذا الإجراء على هيئة معايير صارمة للبيئة والسلامة، حيث يجبر المتسببين في التلوث على دفع الثمن المناسب، وإلغاء الدعم الضار بالبيئة، الذي تنفق عليه الحكومات حاليا تريليونات الدولارات سنويا.
من جانبنا، يلتزم البنك الدولي بالشراكة مع الدول المتعاملة معه لضمان حماية العمال والمجتمعات المحلية المعرضة للخطر من أخطار التلوث الكيميائي. ففي العراق، يساعد البنك الدولي على إدارة التلوث الناجم عن المواد الكيميائية الخطرة في المواقع الملوثة الناجمة عن الصراع عن طريق إزالة الملوثات العضوية الثابتة، بما في ذلك مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور. في غانا، يعمل البنك مع الحكومة لتشجيع ممارسات الزراعة المستدامة والتعدين محدود النطاق بهدف تحسين صحة السكان وسلامة بيئتهم.
من أجل كوكب صالح للعيش فيه حقا، كوكب يدعم صحة الناس وسلامة البيئة التي يعتمدون عليها، يجب أن نتحرك بشكل أسرع وأكثر حسما بشأن أزمة التلوث.