"سيتي" وإعادة الهيكلة المطولة .. يجب ألا يصبح التروي تأخيرا
تواجه جين فريزر، الرئيسة التنفيذية لسيتي جروب، صعوبة كبيرة في العمل في ثالث أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول. في مواجهة انخفاض أداء سعر السهم والنفقات المتضخمة، أعلنت عملية إعادة تنظيم واسعة النطاق تسعى إلى تسريع عملية اتخاذ القرار عبر إلغاء مستويات إدارية وعشرات اللجان مع خفض التكاليف أيضا.
سيتطلب ذلك تسريح جزء كبير من القوى العاملة في سيتي البالغ عددها 240 ألف موظف، وإعادة صياغة الوصف الوظيفي لكثيرين آخرين. بدأ مراقبو سيتي أول مرة يتحدثون علنا عن تغيير يتضمن فقدان عدد كبير من الوظائف في أغسطس وتم الإعلان عن الخطة في سبتمبر. لكن البنك التزم الصمت بشأن التفاصيل، بما في ذلك تسريح العمال المخطط له.
إن الموظفين في حالة ترقب، إذ يستمعون إلى اجتماعات مفتوحة متعددة عبر الفيديو ويحاولون التكهن بمصيرهم عبر ما تم الكشف عنه حول الإدارة العليا. يقول المنافسون: إن نظراءهم في "سيتي" يبدون مشتتين، وإن الروح المعنوية في بعض أجزاء البنك توصف بأنها "فظيعة". ولن يعرف معظم القوى العاملة - ما يقارب 200 ألف شخص - مصيرهم إلا في الربع الأول من العام المقبل.
لا ينصح خبراء الإدارة عموما بعملية ممتدة كهذه، وذلك لسبب وجيه. يقول براندي أفين، الذي يدرس العلوم التنظيمية في جامعة كارنيجي ميلون: "عندما تصدر الإدارة إعلانا دون تنفيذه بسرعة وحزم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شلل المؤسسة، إن الأمر مرهق للغاية".
في الشتاء الماضي، نال مورجان ستانلي الثناء، لأنه تحرك بسرعة أكبر في عملية تسريح العمال من نظيره جولدمان ساكس، حيث خفض كلاهما أعداد الموظفين بعد زيادة حجمهما خلال الجائحة.
يرد بنك سيتي بأنه يتعمد اتباع نهج تنظيمي من أعلى إلى أسفل فيما ستكون أكبر عملية إعادة تنظيم للبنك منذ أكثر من 15 عاما.
تريد فريزر، وهي مستشارة سابقة في شركة ماكينزي، أن تؤدي الاستراتيجية إلى خفض الوظائف وإعادة التعيين، وليس العكس. تحدث فريق الموارد البشرية أيضا مع شركات أخرى حاولت إجراء تغييرات على هذا النطاق أثناء صياغة نهجها.
اختار البنك أن يبدأ في سبتمبر بالإعلان عن أسماء وهيكل أول طبقتين من الإدارة. إذ سيقوم هؤلاء المديرون التنفيذيون البالغ عددهم 200 تقريبا بتصميم البنك المعاد تشكيله وإدارته. في وقت لاحق من هذا الشهر، سيحصل المستوى التالي الأدنى، نحو 2500 شخص، على إنذارات تسريحهم.
وسيتم الإعلان عن المرحلة التالية من التغييرات، التي قد تشمل ما بين 25 ألفا إلى 30 ألف مدير، في يناير، وذلك بهدف إكمال العملية برمتها بحلول نهاية مارس. إن الهدف هو التأكد من انخراط المديرون في كل مرحلة في تصميم فرقهم، وأن يكون لدى كل شخص يواجه إعادة تعيين أو تسريح رئيس موجود بالفعل يمكنه التحدث إليه.
تتساءل سارة ويشتر، كبيرة مسؤولي الموارد البشرية في سيتي: "لو كنت مديرا، فهل تريد أن تتلقى التنظيم أو أن يكون لك رأي في الهيكل؟". ويدعم وجهة نظرها بعض خبراء أماكن العمل، الذين يقولون إنه ينبغي أن يتم التعامل مع إعادة الهيكلة الأساسية بعناية أكبر من التعامل مع عمليات التسريح الجماعي للعمال بعد التوظيف الزائد. تقول أنجي كاماث، عميدة كلية الدراسات المهنية في جامعة نيويورك، التي بدأت حياتها المهنية في سيتي: "إن استمرارية العمل مهمة حقا (...) سيستغرق الأمر وقتا أطول".
حتى الآن، يقول باحثون عن المواهب إنهم لم يروا زيادة في طلبات العمل من موظفي "سيتي". ومع استمرار ركود الأعمال المصرفية الاستثمارية، أصبحت الفرص الخارجية أقل، ولا يرغب أي موظف أن يضبط وهو يبحث عن وظيفة بينما يفكر المديرون في عمليات التسريح. لدى كبار الموظفين في البنك أيضا سبب وجيه للبقاء فترة أطول قليلا: يدفع "سيتي" مكافآت نهاية العام في أواخر فبراير.
مع ذلك، الوتيرة المتعمدة تترك "سيتي" تحت رحمة التسريبات ونشر الشائعات، التي تقدر فقدان الوظائف بعشرات الآلاف. عندما سئلوا الأسبوع ما قبل الماضي عن تقرير لقناة سي إن بي سي بأن التخفيضات ستصل إلى 10 في المائة من إجمالي عدد الموظفين، لم يتمكن المديرون من إنكار ذلك، لأن ليس لديهم معلومات أكيدة.
كما أن الساعة تدق مع شعور المستثمرين بأن فريزر يجب أن تتحرك بشكل أكثر حزما. إنهم يعبرون عن تخوفهم بشأن الجهود الفاشلة لبيع وحدة باناميكس التابعة لمجموعة سيتي في المكسيك - من المخطط له الآن إجراء عملية طرح عام أولي - فضلا عن الفشل في تعيين رئيس دائم للمصرفية، وهي واحدة من أهم الوظائف في الإعلان الأصلي في سبتمبر.
يقدم بنك باركليز تحذيرا لما يمكن أن يحدث عندما يشعر المستثمرون أن التغيير يتحرك ببطء شديد. بعد أن تسربت أنباء في الربيع الماضي مفادها أن البنك البريطاني قد عين مستشارين، شعر باركليز بالضغط ليصرح في مكالمة الأرباح الشهر الماضي أن هناك مراجعة استراتيجية جارية، لكن النتائج لن يتم الإعلان عنها حتى فبراير. هذه الأخبار، إضافة إلى انخفاض الأرباح، دفعت أسهمه للانخفاض 7 في المائة.
يجب ألا يصبح التروي تأخيرا. حاول مديرون تنفيذيون آخرون معالجة مشكلة البيروقراطية الضخمة التي يصعب التحكم فيها. لكنها صمدت أكثر منهم جميعا.