إعادة التدوير غير مجدية في المكاتب .. لماذا؟
في معظم الوقت، أعتقد أن زملائي أذكياء ومتفانون ومتعاونون. ثم في بعض الأحيان ألقي نظرة سريعة داخل سلات إعادة التدوير في المكتب وأفكر: من هؤلاء الأشرار؟
لماذا قد يرمي أي شخص تفاحة نصف مأكولة في سلة الورق؟ من الذي يعتقد أن كوب القهوة يعد ضمن بواقي الطعام؟ كييف تبدو منازلهم؟
تشير الأدلة المتناقلة التي تراكمت خلال حياتي المهنية إلى أن الأشخاص المهنيين سيئون فيما يتعلق بإعادة التدوير الأساسية في المكتب. أو لقولها بعبارة ألطف: ليسوا جيدين بما فيه الكفاية. إذا وضعت على سبيل المثال قشرتي موز أو علبة حساء كرتونية نصف مملوءة في سلة إعادة تدوير الورق فسيصبح الكيس كله ملوثا – وسيذهب إلى محرقة النفايات. في إعادة التدوير، كما هو الأمر في العملات المشفرة، تفسد بضع تفاحات فاسدة البرميل بأكمله.
فلم لا يستطيع كل أولئك الموظفين الأذكياء في المكتب اتباع التعليمات البسيطة؟ اعترف لي أحد الزملاء الكبار أنه تعلم لتوه غسل علب الفاصوليا المطبوخة في المنزل. ويقول عضو من الموظفين معتذرا، "إنني أحاول جاهدا، لكن أكواب القهوة تحيرني".
إن إعادة التدوير أمر مزعج بما فيه الكفاية لدرجة أن ريشي سوناك، رئيس الوزراء في المملكة المتحدة، وعد بإلغاء "مقترحات أن يكون لكل أسرة سبع سلات" كجزء من إعادة إطلاقه السياسية الأخيرة (على الرغم من أن مثل هذه المقترحات لم تبد موجودة ووعده بإلغائها لم يغير مدى شعبيته الضعيفة في استطلاعات الرأي).
لكن توجد أسباب نفسية تجعلها مزعجة خاصة في المكتب. قد نفعل أمرا يستهلك وقتنا في المنزل، لأننا نعتقد ببساطة أنه الشيء الصحيح. لكننا أقل احتمالية لفعل ذلك في العمل، حيث نحن معتادون على تلقي الأجور مقابل جهودنا. ذلك سبب عدم ري أي شخص وعاء النباتات أو وضع كوبه في غسالة الأطباق في المكتب.
"في المنزل لدينا وقت أكثر ومساحة أكبر"، كما يقول سايمون فوتشر، مدير تطوير الأعمال التجارية في شركة فيوليا لإدارة النفايات في المملكة المتحدة.
يعد التحكم أحد الجوانب الأخرى. في المنزل، نحن نضع القواعد. يقول آدم هيريت من برنامج العمل المتعلق بالنفايات والموارد الخيري: "أنت مسؤول عن سلة مهملاتك". وأنت الملام عندما يحدث خطأ ما. أما في العمل، يقول أحد الزملاء: "لا أحد سيعلم أنني من فعل ذلك". قدر عمال المختبرات في أحد الاستطلاعات أنهم أعادوا تدوير ثلثي نفاياتهم في المنزل، وثلث واحد فقط في العمل (أو عندما يكونون في إجازة).
تحاول فرق المرافق تبسيط الأمور، بترشيد عدد السلات، وتثبيت منشورات ذات تعليمات واضحة، وبث رسائل مشجعة. لكن العالم ضدهم. تبدو أكواب القهوة التي يمكن التخلص منها كأنها يجب أن يعاد تدويرها، لكن معظمها مكونة من مزيج من البلاستيك والورق اللذين يصعب فصلهما، فغالبا يجب أن توضع في سلة المهملات الرئيسة. تبدو المناديل كأنها يجب أن توضع في سلة الورق، لكن ألياف الورق قد أعيد تدويرها مرات عديدة لدرجة أنه لا يمكن ذلك من جديد.
سيكون من الأسهل تصنيف هذه المنتجات قبل وصولها إلى المستهلكين. حظرت إنجلترا الماصات البلاستيكية وأعواد تحريك القهوة في 2020، وحظرت هذا الشهر أدوات المائدة البلاستيكية وأكواب البوليسترين. تخلصت معظم مقاصف المكاتب من جميع الأكواب ذات الاستخدام الواحد. يقول هيريت: "سيكون كل شيء مثاليا إذا لم يكن هناك أي منتجات للاستخدام الواحد ولا يوجد تغليف للمنتجات، انتهى الكلام". "لكن ذلك لن يكون ممكنا".
يقول فوتشر من شركة فيوليا إنه في المتوسط، انتقلت المكاتب من إعادة تدوير نحو 10 في المائة من نفاياتها قبل عقدين، إلى نحو 45 في المائة اليوم. عندما وجدت الرجل المسؤول عن إعادة التدوير في مقر "فاينانشيال تايمز"، أخبرني بأمر مفاجئ: إن فاينانشيال تايمز جيدة نسبيا في ذلك. في آخر إحصاء، أعدنا تدوير 82 في المائة من نفاياتنا.
لدى الشركات حافز مالي لتشجيع إعادة التدوير. يتقاضى جامع النفايات في "فاينانشيال تايمز" أربعة أضعاف تكلفة كل كيلو من النفايات العامة مقارنة بكيلو من نفايات الطعام المنفصلة. لكن موظفي المكاتب الأفراد لا يتقاضون أجرا مقابل وضع علبة الكوكاكولا في السلة الصحيحة.
يشير خبراء البيئة إلى أن إعادة التدوير أقل أهمية من إجراءات الاستدامة الأخرى. نظرا لأن عملية إعادة التدوير تتضمن النفايات والطاقة، فهي أقل فاعلية من استخدام أشياء أقل (لكنها أكثر فاعلية من عدم إعادة التدوير). حتى أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية. يذكر الصحافي أوليفر فرانكلين-واليس في كتابه "ويست لاند" دراسة في مجلة علم نفس المستهلك وجدت أن المشاركين استخدموا أوراقا في المهام المكتبية عند وجود سلة إعادة تدوير أكثر بمرتين من عند عدم وجودها. بعبارة أخرى، الاقتناع بإعادة التدوير قد يجعلنا مرتاحي البال. قد يكون هناك جانب إيجابي واحد لإدراك مدى سوء إعادة التدوير في المكاتب: قد ننتج نفايات أقل في المقام الأول.