أمريكا تتبنى الخدمات المصرفية المفتوحة

أمريكا تتبنى الخدمات المصرفية المفتوحة

هل أنت مستعد لمشاركة حياتك المالية بأكملها عبر الإنترنت؟ هذا ما يطلق عليه اسم "الخدمات المصرفية المفتوحة"، اتخذت لتوها خطوة كبيرة إلى الأمام في أكبر سوق في العالم.
في الشهر الماضي، أعلن المنظمون الأمريكيون إجراءات تسمح بمشاركة البيانات المالية للمستهلكين بسهولة، وذلك في أعقاب إصلاحات مشابهة في أوروبا وأستراليا تجعل من السهل تبديل الحسابات المصرفية والاشتراك في مجموعة من المنتجات المالية.
يشير فيليب بنتون، المحلل في مجموعة أوميديا لأبحاث التكنولوجيا والخبير في الخدمات المصرفية الرقمية، إلى أن البنوك "تعرف في كل مرة تنقر فيها ببطاقتك للشراء، وترى أنك تستقل القطار، وأنك تذهب لشراء قهوتك، وتنفق أموالك هناك. إن لديهم بالفعل كل تلك البيانات. لذلك فإن الهدف الأساسي من الخدمات المصرفية المفتوحة والتمويل هو جعل ذلك متاحا للنظام البيئي الأوسع".
وأصبح هذا ممكنا في الولايات المتحدة عبر مكتب الحماية المالية للمستهلك بموجب قانون جديد لحقوق البيانات المالية الشخصية الذي سيضمن، لأول مرة، للأمريكيين إمكانية الوصول إلى بياناتهم المحفوظة في أحد البنوك أو أي مزود آخر دون أي رسوم. ونتيجة لذلك، سيتمكن العملاء من مشاركة هذه البيانات مع أطراف ثالثة - التي ستخضع لقيود على كيفية استخدامها - أو إلغاء الوصول إلى البيانات في أي وقت.
يقول روهيت شوبرا، مدير مكتب الحماية المالية للمستهلك: "مع وجود الحماية المناسبة للمستهلك، فإن التحول نحو الخدمات المصرفية المفتوحة واللامركزية يمكن أن يؤدي إلى تعزيز المنافسة، وتحسين المنتجات والخدمات المالية، وتثبيط الرسوم غير المرغوب فيها".
ويعد هذا الحق في التحكم في بياناتك أحد الأسباب التي تجعل تغيير البنوك في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، أكثر بساطة منها في الولايات المتحدة. ويرى جون بيتس، الرئيس العالمي للسياسة في شركة بلايد الأمريكية للتكنولوجيا المالية، والمسؤول السابق في مكتب الحماية المالية للمستهلك، أن ملكية الحساب في الولايات المتحدة يصعب تغييرها، إذ إن إمكانية حصولك على الطلاق أكبر من نقل الحسابات المصرفية من بنك إلى آخر.
ويقول بيتس: إن هذه القابلية لنقل البيانات الشخصية ستسمح للمستهلكين بانتقاء واختيار "المنتجات المختلفة التي لا يقدمها بنكهم أو يقدمها لكن شخصا آخر يقدم إصدارا معدلا منه يناسب احتياجاتك بشكل أفضل". سيتمكن العميل من استخدام تلك المنتجات الأكثر ملاءمة دون أن يترك بنكه الرئيس.
وقد بدأت الخدمات المصرفية المفتوحة كمبادرة من حكومة المملكة المتحدة في عام 2018، كجزء من الجهود المبذولة على مستوى أوروبا لتعزيز المنافسة والابتكار، وكسر القبضة الخانقة على التمويل الشخصي من قبل مقدمي الخدمات القدماء. حيث اضطرت كبرى البنوك البريطانية إلى مشاركة بيانات عملائها مع أطراف ثالثة مثل شركات التكنولوجيا المالية لأول مرة، بموجب إذن من هؤلاء العملاء.
وبعد خمسة أعوام من العمل بهذا النظام، نجد تباينا في النتائج. فالتقدم في تحقيق أهداف المرسوم الثاني لخدمات الدفع في أوروبا، الذي نفذ الخدمات المصرفية المفتوحة في الاتحاد الأوروبي، كان "متباينا"، وفقا لدانييل جونز، الشريك في شركة أوريك للمحاماة المتخصصة في التكنولوجيا والتمويل.
ويقول: "أعتقد أن هناك عديدا وعديدا من الولايات القضائية في الاتحاد الأوروبي التي لا تلبي التوقعات التي حددها القانون".
وحتى البلد الذي بدأ كل ذلك لم يحقق كل أهدافه المنشودة. ويقول جونز إن الإصلاحات في المملكة المتحدة كان لها تأثير في الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان فقط. ويضيف جونز: "لا يزال يتعين علينا إطلاق العنان للإمكانات بجد، وهي القدرة على مقارنة أشياء مثل الرهون العقارية أو المعاشات التقاعدية".
وبالتالي فإن ما يحدث في الولايات المتحدة تتم متابعته بشغف. في حين أنه يوجد حاليا استخدام واسع النطاق لتطبيقات التكنولوجيا المالية التي تستفيد من بيانات العملاء من الشركات المالية الأخرى، في الأغلب ما يتم جمع هذه المعلومات من خلال "مسح الشاشة"، حيث تقوم الروبوتات بنسخها من موقع الإنترنت مستخدمة تفاصيل تسجيل دخول العميل. قد يكون هذا أمرا غير موثوق به وينطوي على مخاطر، منها حصول الطرف الثالث على بيانات أكثر من اللازم.
وفي الولايات المتحدة، سيتطلب قانون الخدمات المصرفية المفتوحة الجديد، كما هي الحال في المملكة المتحدة، أن توفر البنوك واجهات برمجة التطبيقات (أيه بي آي)، التي تسمح بمشاركة البيانات بسهولة. ويقول مكتب الحماية المالية للمستهلك: إن قانونه "سيتطلب من مزودي البيانات إنشاء واجهة مطورة والاحتفاظ بها لكي تتمكن الأطراف الثالثة من الوصول إلى بيانات المستهلك المصرح بها".
وفي المملكة المتحدة، وقعت التكلفة الهائلة لتنفيذ التغييرات التكنولوجية على عاتق البنوك الكبرى فقط، وليس على شركات التكنولوجيا المالية التي ستستفيد من الوصول إلى شبكاتها – الأمر الذي تسبب في نشوب نزاع. ويقول جونز: "أنا على علم ببعض البنوك الكبيرة التي تتلقى الودائع التي أنفقت أكثر من نصف مليار [جنيه استرليني]".
وفي الولايات المتحدة تكمن المشكلة في أنه بينما تستطيع مؤسسات وول ستريت تحمل التكاليف، إلا أن هناك الآلاف من مقدمي الخدمات صغار ومتوسطي الحجم الذين قد يواجهون صعوبات. ويشير مكتب الحماية المالية للمستهلك إلى أن "هناك أكثر من تسعة آلاف بنك واتحاد ائتماني في جميع أنحاء البلاد، يعمل معظمها كمزود للبيانات، كما هي حال عديد من المؤسسات المالية غير البنكية". ومن المرجح أن يكون جعل كل تلك المؤسسات المالية تعمل معا بسلاسة مهمة شاقة.
ووفقا لنشرة فينتيك برين فود الإخبارية، التي كتبها المعلق سايمون تايلور، فإن حقيقة قانون مكتب الحماية المالية للمستهلك لا يسمح للبنوك بفرض رسوم على الوصول إلى واجهة برمجة التطبيقات "ستعزز التصور بأن الخدمات المصرفية المفتوحة ليس لها أي جانب إيجابي على الشركات القائمة، وأنها كلها جوانب سلبية". واقترح شكلا من أشكال تقاسم الإيرادات، يمكن للبنوك من خلاله أن تتلقى رسوما صغيرة على المعاملات عندما يستخدم العملاء الخدمات المصرفية المفتوحة عبر أطراف ثالثة.
ومع ذلك، رحبت جمعية المصرفيين الاستهلاكيين، التي تمثل مصارف التجزئة، بالقانون الجديد، الذي يسعى إلى تنظيم شركات التكنولوجيا المالية. وأشارت الجمعية إلى أن "عديدا من هذه الكيانات التي تقوم بجمع وتخزين وبيع معلومات المستهلك هذه لا تخضع لمعايير أمن البيانات نفسها والخصوصية الصارمة كمؤسسات مالية تخضع للتنظيم والإشراف الجيد".
وتقول جمعية التكنولوجيا المالية - وهي مجموعة الضغط التابعة لشركات التكنولوجيا المالية - إن القانون سيجعل المستهلكين "أقرب خطوة واحدة إلى الحصول على حق قوي في التحكم في بياناتهم المالية".
إضافة إلى ذلك، ينبغي للتغييرات التنظيمية أن تقرب الولايات المتحدة من الرؤية الأوسع للتمويل المفتوح: بأن تكون حياتك المالية بأكملها - التي تشمل حساب الودائع الخاص بك، والمعاش التقاعدي، والرهن العقاري، والتأمين، ومحفظة الأسهم - متاحة على الفور في مكان واحد، ويمكن نقلها بسهولة إلى مزودي خدمات مختلفين.
ويشير بينتون إلى أن أستراليا بدأت بهذه الفكرة، وهو قانون البيانات المفتوحة الذي من شأنه أن يتوسع ليشمل كل شيء. لكن ما زالت هناك عقبات كبيرة تقف أمام التمويل المفتوح بالكامل.
الأولى: "قضية ثقة ضخمة" بين البنوك التقليدية والأطراف الثالثة، كما يقول جونز. أحد الأسئلة الذي لم تتم الإجابة عنه هو، من المسؤول في حالة الاحتيال أو فقدان البيانات؟. ويقول جونز إن ما نحتاج إليه هو إما تشريع واضح وإما "تطبيق تحويلي" (أي فعال لدرجة يغير معها قواعد اللعبة).
وفي استطلاع أجرته شركة أوميديا حول الخدمات المصرفية المفتوحة أخيرا، كانت الأولويات القصوى للبنوك: الأمن عبر الإنترنت والحماية من الاحتيال.
ويتفق بيتس مع مسألة أن الثقة أمر رئيس، حيث يقول: "عندما أفكر في أحد البنوك، فإن الصورة بالنسبة لي هي خزانة - والخزانة تنقل الثقة بطريقة ذات معنى بشكل عميق. أعتقد أنك بحاجة إلى المستوى نفسه من الثقة في الخدمات المصرفية المفتوحة، وهذا يعني التنظيم والسياسات والإجراءات المناسبة عندما يتعلق الأمر بالاحتيال والخصوصية".

أسواق النمو التكنولوجي القادمة في مجال المدفوعات "من 2023 حتى 2027"

فيتنام

عزز نجاح شبكة الدفع المحلية ناباس (إن أيه بي أيه إس) نمو المدفوعات الرقمية، حيث من المتوقع أن يزيد عدد حاملي البطاقات إلى أكثر من الضعف بحلول عام 2027.

أستراليا

ستشهد شبكة الدفع الفوري باي تو PayTo، التي تم إطلاقها العام الماضي، تبنيا متزايدا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة مع ظهور حالات استخدام جديدة.

السعودية

تعد التكنولوجيا المالية جانبا رئيسا من هدف البلد المتمثل في أن تصبح المدفوعات بين الأفراد رقمية بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2025.

سنغافورة

لدى سلطات المدينة - الدولة طموحات جريئة حول نظام الدفع القائم على رمز الاستجابة السريعة (رمز كيو آر QR-code)

الأكثر قراءة