معركة مستقبل تصنيع السيارات .. تويوتا تتبنى تكنولوجيا جيجا كاستنج

معركة مستقبل تصنيع السيارات .. تويوتا تتبنى تكنولوجيا جيجا كاستنج

تجري معركة شركة تويوتا للحاق بشركة تسلا في عصر جديد من المركبات الكهربائية في واحد من أقدم أجزاء صناعة السيارات: خطوط التجميع.
تدعي شركة صناعة السيارات اليابانية تحقيق اختراقات تكنولوجية في البطاريات صلبة الحالة ووضعت الأسبوع الماضي رهانا بقيمة ثمانية مليارات دولار على سوق المركبات الكهربائية الأمريكية في الوقت الذي تحاول فيه إقناع المستثمرين بقدرتها على التنافس مع شركة تسلا.
لكن شركة تويوتا تواجه تحديا من شركة تسلا على أرض المصنع، حيث تقود شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم تغييرا جوهريا في الطريقة التي يتم بها صنع السيارات. يقول إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إن عمليات التجميع القديمة تحتاج إلى تغيير بالنسبة إلى المركبات التي تعمل بالبطاريات، وتبسيط وتسريع عملية تصنيع السيارات مع عدد أقل من الموردين وطرز المركبات.
ويتوقع بعض المسؤولين التنفيذيين والمحللين في قطاع السيارات أن تضع عملية شركة تسلا - والتي يسميها ماسك "جيجا كاستنج" - معيارا جديدا لبناء المركبات، لتحل محل نظام إنتاج شركة تويوتا المتبجح على أساس كفاءة التصنيع في الوقت المناسب.
وقال تاكاكي ناكانيشي، محلل السيارات المخضرم الذي يدير مجموعته البحثية: "لقد تم عد الطريقة التي تصنع بها شركة تويوتا السيارات المعيار لكن من الصادم للغاية الاعتقاد بأن ما تقترحه شركة تسلا من المرجح أن يصبح المعيار لإنتاج المركبات الكهربائية. سيكون التأثير على صناعة السيارات في اليابان هائلا".
وهذا يترك كوجي ساتو، الرئيس الجديد لشركة تويوتا البالغ من العمر 54 عاما، يكافح من أجل إظهار أن أساليب شركته المتفوقة لإنتاج ملايين المركبات كل عام في أشكال متعددة ستظل ميزة تنافسية في عصر المركبات الكهربائية.
قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في إحدى شركات صناعة السيارات الأوروبية إن الطريقة التي تصنع بها شركة تسلا السيارات "تتحرك بسرعة لتصبح معيارا صناعيا".
تستخدم شركة تسلا تكنولوجيا جيجا كاستنج كطريقة لتصنيع سيارتها الرياضية متعددة الاستخدامات من طراز واي منذ 2020. وقال ماسك إن الفكرة خطرت له لأول مرة بعد النظر إلى السيارات الألعاب الخاصة بطفله - وتساءل عن سبب عدم إمكانية تكرار ذلك في السيارات الحقيقية.
تقليديا، يتم تصنيع الجسم الرئيس للسيارة عن طريق لحام أو رص عدد كبير من الأجزاء المنفصلة معا. في المقابل، تستخدم تكنولوجيا جيجا كاستنج أو ميجا كاستنج آلات الصب لدفع المعدن المنصهر في قوالب تحت ضغط عال لإنتاج الأجزاء الكبيرة من هيكل الألمنيوم، مثل الجانب السفلي بأكمله من المركبة.
تستخدم الصناعة منذ أعوام عمليات الصب لمكونات الألمنيوم الأصغر حجما، لكن خطة ماسك لتصنيع هياكل سيارات بالكامل باستخدام هذه التكنولوجيا أجبرت شركات صناعة السيارات الأخرى على التفكير بشكل أكبر. لم تستجب شركة تسلا لطلب التعليق.
وقال إريك سيفيرينسون، رئيس قسم الاستراتيجية في شركة فولفو كارز: "تكنولوجيا ميجا كاستنج خير مثال على إمكانية استبدال 100 قطعة بقطعة واحدة فقط".
هذا يوفر الوقت، والعمالة، والتكلفة ومساحة المصنع، ويحل محل كثير من الروبوتات التي تقوم بلحام أجزاء السيارة معا بآلة واحدة. إن تكلفة تغيير مئات الأجزاء تعني أن شركات صناعة السيارات عادة ما تنتج مركبات بتكنولوجيا عمرها 14 عاما، مع تغييرات متواضعة في منتصف دورة حياتها. من شأن عملية الصب أن تغير هذا الإطار الزمني وتسمح لشركات صناعة السيارات بتحديث منتجاتها بسرعة أكبر.
كما يعد استخدام تكنولوجيا جيجا كاستنج للألمنيوم إحدى الاستجابات للطريقة التي تعيد بها بطاريات السيارات الثقيلة جدا تشكيل كيفية تصميم السيارات.
وقال كوتا يوزاوا، محلل في بنك جولدمان ساكس في طوكيو، إن تكنولوجيا البطارية تقود تكنولوجيا جيجا كاستنج. يجب أن تنتج مركبة أخف وزنا، ولهذا تحتاج إلى هيكل أخف وزنا لتحسين مسافة القيادة.
في حين أن تكلفة الألمنيوم أكثر من تكلفة الفولاذ، وقال يوزاوا: "إذا قمت بدمج جميع العناصر، فينبغي أن يكون هيكل التكلفة ثابتا أو أفضل قليلا، لكن من حيث الأداء، فمن الواضح أن تكنولوجيا جيجا كاستنج أفضل".
بقية الصناعة تأخذ ذلك في الحسبان. ستقوم شركة فولفو بدمج عملية الصب في الجيل الثالث من مركباتخا الكهربائية في وقت لاحق من هذا العقد. قالت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة جنرال موتورز، هذا العام إن الشركة طلبت ماكينتي كبس من نوع "جيجا" بهدف استخدام هذه التكنولوجيا في مركبات السوق الشاملة.
كما تعمل شركة تويوتا على التكنولوجيا نفسها حيث تهدف إلى زيادة هائلة في إنتاج المركبات الكهربائية. خلال سلسلة من الجولات في المصانع في سبتمبر الماضي، اعترف المسؤولون التنفيذيون في الشركة أن هناك كثيرا لنتعلمه من شركة تسلا وغيرها من الشركات المصنعة للمركبات الكهربائية في الصين.
لكن شركة تويوتا أشارت إلى أنها لا تنوي اعتماد نهج شركة تسلا في استخدام تكنولوجيا جيجا كاستنج بالجملة بل تعتمد بدلا من ذلك على عقود من خبرتها للعثور على نهجها الخاص.
وقال كازواكي شينغو، رئيس قسم الإنتاج في شركة تويوتا، للمحللين والمستثمرين: "لكي نكون صادقين، إننا متأخرون في مجال تكنولوجيا جيجا كاستنج لأننا لم نقم بعد بطرح أي منتج. لكننا نقوم بعملية الصب منذ فترة طويلة... وفي النهاية، نعتقد أنه بإمكاننا إنتاج منتج سيكون أرخص، وأخف وزنا وأرق بأداء عال".
وعبر اعتماد تكنولوجيا جيجا كاستنج واستخدام خطوط تجميع جديدة، ستهدف شركة تويوتا إلى خفض العمليات والاستثمار في المصانع بمقدار النصف.
لكن المسؤولين التنفيذيين يشعرون بالقلق من إنتاج مركبات ذات هيكل سفلي مصبوب بطبقة واحدة. في ظل الوضع الراهن، يعد تغيير جزء تالف في السيارة أمرا سهلا ورخيصا نسبيا. إذا تعين استبدال الجانب السفلي بالكامل، فسيؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في عدد المركبات التي تحول تكلفة إصلاحها العالية دون إصلاحها.
يتفق خبراء التصنيع على أن هذا قد يكون عيبا كبيرا في هذه التكنولوجيا. قال أحد خبراء صنع السيارات الذي يقدم المشورة لشركة تويوتا وغيرها من شركات صناعة السيارات: "يتمحور السؤال الكبير حول عدد السيارات التي يتم تصنيعها بتكنولوجيا [جيجا كاستينغ] التي يجب شطبها لجعلها لا تستحق الاستخدام".
تدرس شركة تويوتا ما إذا كان إنتاج الجزء السفلي من السيارة في عدة قطع يمكن أن يقلل من تكاليف الإصلاح والتأمين - وهي عوامل محتملة مهمة لشركة تصنيع سيارات ذات سوق عالمية أوسع بكثير من شركة تسلا.
ووضعت تويوتا، أكبر شركة تصنيع سيارات في العالم من حيث عدد السيارات التي تباع سنويا، خططا لبيع 3.5 مليون مركبة تعمل بالبطاريات كل عام بدءا من 2030. لكنها لا تزال تتوقع هذا العام بيع 123 ألف مركبة كهربائية خالصة فقط في هذا العام المالية الكاملة، مقارنة بهدف بيع 11.4 مليون سيارة في المجمل.
وقالت شركة تصنيع السيارات إنها لا تزال ملتزمة بما تسميه "نهجا متعدد المسارات" يعتمد على مجموعة واسعة من السيارات التي يتم بيعها في أكثر من 170 بلدا، من بينها كثير من الدول قد تظل فيها المركبات الكهربائية غير ميسورة التكلفة لأعوام مقبلة.
وقال شينغو: "لا نعتقد حقا أن مركباتنا البالغ عددها عشرة ملايين مركبة ستتحول على الفور إلى تكنولوجيا جيجا كاست"، موضحا أن شركة صناعة السيارات تريد تعزيز الإنتاجية ككل عبر مزج خطوط الإنتاج القديمة مع أساليب تصنيع المركبات الكهربائية الجديدة.
في الوقت الحالي، تقول شركة تويوتا إنها تريد أن يتكون أكثر من نصف هدف مبيعاتها لعام 2030 من المركبات الكهربائية باستخدام بنيتها المعيارية الجديدة، التي تسمح لها بإنتاج نماذج مختلفة عديدة، تشترك في المكونات الرئيسة، على المنصات نفسها.
لم يحظ أي جزء من التوجه التكنولوجي الجديد لشركة تويوتا بالقدر نفسه من الاهتمام الذي حظيت به البطاريات، بما في ذلك البطاريات الصلبة، التي يقوم مهندسوها بتطويرها داخل الشركة.
لكن المحللين والمسؤولين التنفيذيين في شركة تويوتا يشكون في أن التغييرات التي طرأت على خطوط التجميع استجابة لمتطلبات تكنولوجيا البطاريات يمكن أن تكون على القدر نفسه من الأهمية.
وقال أكيهيسا شيراو، مدير المشروع العام لوحدة أعمال تويوتا التي تشرف على استراتيجية مصنع المركبات الكهربائية: "أعتقد أن هذه هي المجالات التي ستظهر فيها الاختلافات... وآمل أن تساعدنا هذه الأنشطة على المضي قدما".
وقال يوزاوا: "ستعمل تكنولوجيا جيجا كاستنج على إعادة تشكيل شبكة سلسلة التوريد السفلية بالكامل".

الأكثر قراءة