المشاريع الصغيرة ليست سبيل الخروج من الفقر
"جماعة الحجم الصغير"، هذا ما يمكننا أن نطلقه على فكرة أن المؤسسات الصغيرة والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة هم العمود الفقري للاقتصادات الفقيرة، والسبيل إلى المرونة الاجتماعية، وأفضل أمل للقضاء على الفقر. نرى ذلك في التركيز على القروض الصغيرة والشركات الصغيرة وتمويل المشاريع المجتمعية.
تعد جميع هذه التدخلات جيدة جدا. يمكن أن تساعد شبكات الأمان والخدمات المصرفية عبر الهاتف والطرق الريفية، آفاق الدخل لأشد الناس فقرا. حسب بعض التقديرات، تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 80 في المائة من الناتج الاقتصادي لإفريقيا. لكن جماعة الحجم الصغير تحتاج إلى إصلاح. على إفريقيا التفكير بشكل أكبر.
في المدن في جميع أنحاء القارة، قد يكون "صاحب المشروع الصغير"، كما يسمى حسب مصطلحات التنمية، مالكا لأعمال دباغة الجلود، أو الحدادة، أو مصنعا لصناعة البلاط. والأكثر احتمالا أن تكون امرأة تحمل صينية على رأسها وتتفادى الازدحامات لتبيع الطعام لنخبة صغيرة تملك سيارات ذات دفع رباعي. أو رجل يعمل في "تلميع الأحذية" وأدواته عبارة عن قطعة قماش وصندوق مكسور ونصف علبة من ملمع الأحذية.
تعج مدن المنطقة بالأشخاص الذين لا يملكون وظائف رسمية، ويكافحون من أجل لقمة عيشهم. إنهم صامدون ويعملون لساعات طويلة ليجمعوا مبالغ زهيدة. إذا كان مستقبل إفريقيا يعتمد على عملهم، فإنها تواجه مشكلة. لن يحول أي قدر من إمكانية الحصول على تمويل مثل هذه "المؤسسات" إلى لبنات بناء للاقتصاد الحديث.
يقول بول كولير، مؤلف كتاب (ذا بوتوم بليون)، عن التأثير التحويلي للأعمال المعقدة: "تحقق الشركات معجزة إنتاجية من خلال تنظيم العمال لجني المكاسب من الحجم والتخصص". أما من يعملون على الطرقات فليسوا متخصصين ولا منتجين. أن تقبل القوة العاملة الصغيرة يعني أن تقبل الفقر إلى الأبد.
إذا كانت كثير من الوظائف الحضرية غير منتجة للغاية، فربما على الناس البقاء في الريف؟ كانت هذه وجهة نظر محمد بخاري، رئيس نيجيريا السابق، الذي أخبر الشباب "أن يعودوا إلى المزارع".
لكن حياة معظم أصحاب الحيازات الصغيرة لا تشبه حياة الكاتب توماس هاردي، بل تشبه حياة الكاتب جون ستاينبيك أكثر. دون الري والأسمدة والبذور أو الجرارات الحديثة، فإن الإنتاجية عبر القارة منخفضة بشكل كئيب. لا يستطيع أفقر المزارعين زراعة ما يكفي لإطعام عائلاتهم كما ينبغي، فضلا عن إرسال أطفالهم إلى المدارس.
تدعو أوبري روبي، مستثمرة مخضرمة في إفريقيا، للاستخدام المكثف للتكنولوجيا لتحرير الزراعة من قبضتها على المعيشة. تقول إن المزارعين الإفريقيين عادة ما يزرعون أقل من هكتارين تنتج قيمة مضافة إجمالية تبلغ نحو ألفي دولار، أي 1 من 50 من متوسط المزارع الأمريكي. وتقول إن "جماعة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة" مدمرة مثل جماعة أصحاب المشاريع الصغيرة.
بنيت معجزة الصين الاقتصادية عن طريق نقل المزارعين غير المنتجين إلى المصانع. يظهر بحث من المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي، مؤسسة فكرية تقع في مدينة أكرا، كيف فشلت الاقتصادات الإفريقية في فعل ذلك. لا يسجل كثير نتائج سيئة فحسب، بل يعودون إلى الوراء. انخفض مقياس المركز الإفريقي للتحول الاقتصادي للتنوع الاقتصادي بست نقاط تقريبا بين 2000 و2020 بينما فشلت القدرة التنافسية للصادرات في الارتفاع في تلك الفترة من الرقم الكئيب الذي بلغ 13.8. في المتوسط، تمثل الخمس صادرات الأولى للدول الإفريقية 70 في المائة مركزة بشكل خطير من المجموع.
بنت اقتصادات آسيا وأمريكا اللاتينية الناجحة شبكات صناعية معقدة. كانت ترتبط أحيانا بمواد خام مثل النحاس التشيلي أو زيت النخيل الماليزي، لكن عادة ما كانت ترتبط بالقوة العاملة المتعلمة والبنية التحتية الموثوقة ومجموعات كبيرة من المدخرات.
طورت ليسوتو وموريشيوس في إفريقيا صناعات نسيج تنافسية، وأسست إثيوبيا صناعة أحذية وملابس مبنية على الجلود المنتجة محليا، وتحاول بنين تحويل الكاجو النيء إلى سلع يمكن بيعها في متاجر البقالة الكبيرة. لكن مثل هذه الجهود قليلة.
إذا كان علاج "الحيازات الصغيرة" كبيرا ومعقدا، فالقارة لا تؤدي أداء جيدا. لا توجد أي شركة إفريقية في قائمة فورتشن 500 لأغنى الشركات في العالم. مع ذلك، هناك شركات أكبر مما نرى، وكثير منها مملوكة للعوائل. سجلت شركة مكينزي 400 شركة إفريقية بإيرادات سنوية تزيد على مليار دولار في 2018. تملك مجموعة فورسايت الإفريقية لياسمين كومي قاعدة بيانات فيها 2000 شركة بإيرادات تبلغ 20-100 مليون دولار.
لكن هناك حاجة إلى مزيد، كما هي الحاجة إلى قانون المنافسة الصارم لضمان عدم الاعتماد على أمجادهم أو خداع العملاء. لا تعد السياسات المطلوبة لتسهيل الأعمال التي توفر فرص العمل كأجرة التنمية العادية، كما تنطوي على مهام مثل ترشيد إمدادات الكهرباء، وترسيخ أسواق رأس المال، وتقليل تكلفة رأس المال من خلال إنشاء صناديق المعاشات التقاعدية، وتوجيه التنمية إلى الأعمال التجارية واسعة النطاق، ورعاية المزارع التي تدار بشكل احترافي.
قد تكون نقطة البداية هي التخلي عن المفاهيم الحالمة بأن المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وأصحاب المشاريع الصغيرة هم الطريق للخروج من الفقر، فهم ليسوا كذلك، ووجودهم بأعداد كبيرة هو تعريف الفقر نفسه.