الأمن المائي .. التحدي الأكثر إلحاحا « 2 من 2»
تتطلب مثل هذه التغييرات تأسيس الشراكات ووضع السياسات وتوفير التمويل. ومن الناحية العملية، فإننا بحاجة إلى استثمارات وتمويل أكبر بكثير للبنية التحتية المرتبطة بالمياه والمؤسسات، بما في ذلك الهيئات المسؤولة عن أحواض الأنهار، وأجهزة المرافق العامة، والبلديات التي يمكن أن تساعد على بنائها وصيانتها.
وتمثل تلبية الاحتياجات التمويلية العالمية للمياه تحديا كبيرا خاصة، حيث تشير التقديرات إلى أن البنية التحتية للمياه تتطلب مبلغا هائلا قد يصل إلى 6.7 تريليون دولار بحلول 2030، و22.6 تريليون دولار بحلول 2050. ومع ذلك، لا يجتذب قطاع المياه العالمي حاليا سوى أقل من 2 في المائة من الإنفاق العام، مع مستوى مماثل من الاستثمار الخاص في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وهناك حاجة إلى مزيد من التمويل، وأيضا إلى نهج أكثر ابتكارا لتعظيم أثر الأموال التي يتم إنفاقها.
وتعمل القيادات والمؤسسات الرائدة عالميا، ومنها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، إلى جانب الحكومات والمجتمع المدني، على صياغة رؤية مشتركة للأمن المائي ووضعها موضع التنفيذ.
ويستضيف البنك الدولي صندوقا استئمانيا متعدد المانحين، وهو مجموعة الموارد المائية 2030، الذي يستخدم قوة الشراكات لإحداث تغيير في قطاع المياه. ويمكن ملاحظة أثر هذه الشراكات على أرض الواقع في بنجلادش، حيث تواجه المجتمعات المحلية أزمة تلوث حادة. فعديد من الأنهار صارت عديمة الحياة من الناحية البيولوجية، و28 في المائة من الوفيات ناتجة عن التلوث. أما الفجوة التمويلية المطلوبة لإدارة تلوث المياه في البلاد التي من المتوقع أن تصل إلى 6.6 مليار دولار بحلول 2040، فهي أكبر من أن يتم سدها من جانب التمويل الحكومي وحده. وهذا هو الموضع الذي تصبح فيه الشراكة أمرا بالغ الأهمية. وتعمل مجموعة الموارد المائية 2030 على الجمع بين أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص لتسريع وتيرة الاستثمارات، منها 450 مليون دولار من التمويل الحكومي، و100 مليون دولار من رأس المال الخاص، وذلك للمساعدة على التصدي للتحدي الملح الذي يمثله تلوث المياه في بنجلادش.
وعلى مدار العقد الماضي، ساعدت مجموعة الموارد المائية 2030 على تعزيز الأمن المائي من خلال تأسيس شراكات مع كثير من أصحاب المصلحة في عديد من الدول. وفي وقت سابق من هذا العام، أطلق الصندوق الاستئماني خطة استراتيجية جديدة لتحفيز التعاون والتمويل لوضع خطط عمل بشأن الأمن المائي والمناخ. وستشهد الاستراتيجية المحدثة عمل مجموعة الموارد المائية لـ2030 بشكل أوثق مع البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي لتوفير التمويل والابتكار واستجابة قطاع المياه لتغير المناخ. ومن خلال العمل الجماعي، يمكننا اتخاذ خطوات هادفة نحو عالم ينعم بالأمن المائي.