2034 .. الرؤية والتأييد المطلق
سجلت السعودية اسمها بأحرف من نور، وأضافت إلى سجل التاريخ الرياضي إنجازا رياضيا كرويا، بعد أن اختارها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أخيرا لاستضافة كأس العالم 2034 بوصفها المرشحة الوحيدة التي تقدمت رسميا بملفها لتنظيم هذه البطولة الكروية العالمية لتضيف اسمها في سجل الدول التي تنظم هذه التظاهرة الفريدة رياضيا، وذلك بعد نجاح كبير في سلسلة من عمليات الاستحواذ الرياضية رفيعة المستوى التي جعلتها على خريطة الرياضة العالمية لاعبا ومحركا أساسيا في القطاع.
ومن هنا فقد فرض ملف السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2034 نفسه، من خلال مجموعة من العوامل، على رأسها بالطبع الإدارة الناجحة جدا للملف، التي سبقت تقديمه إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
واستضافة المملكة هذا الحدث العالمي الرياضي الأكبر على الإطلاق، تتماشى تماما مع مخططات القيادة السعودية، وما تضمنته "رؤية السعودية 2030"، إذ وضعت مستهدفات محددة في كل القطاعات، بما فيها القطاع الرياضي، ويندرج ضمن هذه الخطط والمستهدفات التي ظهرت خلال الأعوام القليلة الماضية، بعضها تحقق بالفعل حتى قبل المدة المحددة له، ما يعزز جودة التنفيذ، وتكريس المسار الاستراتيجي العام في البلاد لها، وتحقيق قفزات نوعية في هذا القطاع أو ذاك.
ومع إغلاق "فيفا" باب استقبال الطلبات لاستضافة نسخة 2034 من كأس العالم، حظي الملف السعودي بدعم أكثر من 125 اتحادا كرويا على مستوى العالم، وهذا العدد غير مسبوق في تاريخ المؤسسة الكروية الدولية. وتعد هذه النقطة مهمة وبارزة، إذ عادة لا تحظى الملفات المقدمة بهذا الحجم من التأييد، بل حدثت في السابق خلافات بين الاتحادات الكروية بشأن ملفات استضافة كأس العالم. ومثل هذا الإنجاز، يضيف مزيدا من القوة للملف المشار إليه، للتحضير للاستضافة التاريخية.
وتتمتع السعودية ببنية تحتية رياضية قوية رغم أن استراتيجية تنمية القطاع الرياضي عموما ليست طويلة. فالمشاريع التنموية المستمرة منذ عقود اختصرت بالفعل مسافات زمنية في الوصول بهذا القطاع إلى مستويات عالية، وفق أعلى المعايير الدولية في هذا المجال. ورغم نجاعة المخططات المتطورة التي وضعت لتنمية الرياضة بشكل عام في السعودية، إلا أنها تلاقي دعما كبيرا للغاية من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء شخصيا في قطاع يعده استراتيجيا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
ففي الأعوام القليلة الماضية، شهدت المملكة نقلات -لا نقلة واحدة- نوعية على صعيد تنمية القطاع الرياضي، عبر برامج لا تتوقف ومبادرات نوعية، ليس فقط لتطوير المنظومة الرياضية، بل حوكمتها.
والحوكمة محور أساسي في الاستراتيجية العامة للبلاد، سواء في هذا القطاع أو غيره من القطاعات المكونة للمشهد السعودي العام. فكل شيء يجري ليتماشى في النهاية مع المستهدفات، بكل ما توفره من مشاريع ومبادرات ودعم ومخططات تمكين.
واستضافة السعودية كأس العالم لكرة القدم بنسخته لعام 2034، تترك بالطبع آثارا إيجابية في مختلف المجالات المباشرة وغير المباشرة، من مشاريع البنية التحية التي وصلت إلى مراحل متقدمة جدا في الأعوام الماضية، إلى الاستثمارات والسياحة والترفيه. بمعنى آخر تدعم مناسبات كبرى كهذه مسار الاقتصاد الوطني بالشكل الذي تسعى القيادة للحفاظ على جودة أدائه، والوصول به إلى المراحل التي تكرس الاستدامة. وكل هذا ما كان ليحدث لولا التحول الكبير في السعودية، بثوابته الوطنية التي تتماشى مع طموحات المستقبل، وتضع الأسس تلو الأخرى للانطلاق نحو آفاق تليق بسمعتها ومكانتها وبإمكاناتها وبسمعتها الدولية العالية.
وتوظيف القدرات في المجال الرياضي، يحقق هدفا مهما للخطط الموضوعة وهو رفع مستوى جودة الحياة، وبالطبع ترسيخ روح المنافسة، ورفع مستوى الاهتمام في الرياضة ككل كجزء من ثقافة المجتمع.
كل الخطوات التي اتخذتها السعودية للفوز بتنظيم كأس العالم 2034، سندتها أدوات موجودة أصلا، وهي علاقاتها الإيجابية والقوية على الساحة الدولية عموما، والعمل المبكر على إعداد الملف وتقديمه في الوقت المناسب الذي يضمن الموافقة عليه بدعم من جميع الجهات التنظيمية الكروية.
إنها في النهاية قدرات تتمتع بها المملكة مستندة إلى مكانتها العالمية، وتقوية هذه المكانة بصورة كبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية.