ممارسات غامضة في تقييم الأصول الخاصة

ممارسات غامضة في تقييم الأصول الخاصة

عندما يحقق المنظمون في المملكة المتحدة في القيمة الحقيقية للأصول الخاصة، فمن المرجح أن يواجهوا مزيجا من الدقة والتخمين والتمني، كما يقول المطلعون على الصناعة.
من المتوقع أن تبدأ هيئة السلوك المالي مراجعتها هذا العام - وهي لحظة حاسمة من التدقيق لفئة الأصول مترامية الأطراف التي تراكمت عليها صناديق التقاعد والمستثمرون الآخرون عند بحثهم عن العوائد خلال فترة طويلة من معدلات الفائدة المنخفضة.
ويعد تتبع قيمة الأسهم والسندات المتداولة علنا أمرا سهلا. لكن الديون والأسهم والأصول الخاصة كالعقارات والبنية التحتية يتم تقييمها عموما بصورة تقديرية دون استخدام الحواسيب، وعلى أساس ربع سنوي، باستخدام مجموعة واسعة من الأساليب. حيث كتب الأكاديميون في كلية إدهيك لإدارة الأعمال في ورقة استشارية تم تقديمها إلى حكومة المملكة المتحدة الشهر الماضي أن بعض هذه الأساليب لتقييم البنية التحتية "أقرب إلى الاحتيال".
وقال فريديريك بلانك برود، مؤسس شركة ساينتفيك إنفرا، وهي فرع من كلية إدارة الأعمال الفرنسية: "في الأساس المشكلة تتعلق بالبيانات، ما البيانات التي يتم استخدامها وما مدى موثوقيتها"، مضيفا: "يجب أن يذكر كل واحد من هذه الأصول في التقرير السنوي الكيفية التي تم تقييمه بها، وجميع التفاصيل. إذا كانت هذه الأرقام غريبة أو لا تتغير أبدا، فسيدفعهم ذلك إلى طرح بعض الأسئلة وربما تجنب المفاجآت البغيضة لاحقا".
ينصب اهتمامه في المقام الأول على الممارسات السيئة المعتادة فيما يتعلق بتقييمات البنية التحتية، لا الأشخاص "النادرون" الذين "قد يحاولون تزوير السجلات والبيانات".
ومع ذلك، فإن مراجعة هيئة السلوك المالي تبرز قلق متزايدا من جانب الهيئات التنظيمية العالمية بشأن احتمال حدوث صدمات في الأصول الخاصة، التي بلغت قيمتها 11.7 تريليون دولار العام الماضي، وفق مستشارين في شركة ماكينزي. ولدى المنظمين ثلاثة أسباب تدعوهم إلى القلق.
لقد تضاعفت الأصول الخاصة أكثر من مرتين بين 2017 ومنتصف 2022، وهو ما يمثل حصة قياسية من الأصول المالية العالمية، ما أدى إلى مخاوف من أن حدوث اضطراب فيها قد يرتد عبر الأسواق الأوسع.
ويمثل ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي خطرا على بعض نماذج الأسهم الخاصة، كما أوضحت الهيئات التنظيمية بما فيها منظمة أيوسكو، التي حذرت أخيرا من الصعوبات في إعادة تمويل الأصول ومن احتمال حدوث عمليات بيع بأسعار محروقة.
طريقة تقييم الأصول منطقة رمادية. حيث يطلب من المالكين الاحتفاظ بالأصول "بالقيمة العادلة" بموجب القواعد المحاسبية. وعادة ما ستستخدم شركات الأسهم الخاصة تقييمات الشركات العامة المماثلة كدليل لعمليات التدقيق والمستثمرين. ولن يتم تحديد مدى دقتها إلا عند بيع الأصل.
ورحب كارل أستوري، رئيس الاستثمارات في أوروبا في صندوق أستراليان سوبر، وهو أكبر صندوق تقاعد في أستراليا لديه نحو تسعة مليارات دولار أسترالي في الأسواق الخاصة في المملكة المتحدة، بالمراجعة، لكنه قال إن هناك "عنصر التقدير في أي تقييم ومدخلاته. وهذا، بعد كل شيء، هو ما يصنع السوق".
وأضاف أن تقييمات صندوق أستراليان سوبر يتم فحصها بشكل مستقل.
إن الحكم ينطوي على مخاطر، خاصة عندما يتم تحفيز المديرين لتقديم صورة مشرقة لأطول فترة ممكنة، وتحديدا إذا كانوا يسعون إلى جمع الأموال من المستثمرين. وفي الأغلب ما يكون مناسبا للمستثمرين أيضا، مثل صناديق التقاعد، التمسك بالتقييمات المتفائلة ولكن التي لا معنى لها.
وقال أحد خبراء التقييم لصحيفة "فاينانشال تايمز"، طالبا عدم الكشف عن اسمه حتى يتمكن من التحدث بحرية عما يراها ممارسات مشكوك فيها: "تتمتع الأسهم الخاصة بترف القدرة على تأجيل التعامل مع المشكلات والأمل في غد أكثر إشراقا".
وتتجلى فجوات التقييم أكثر ما تتجلى في صناديق الأسهم الخاصة المدرجة، التي يتم تداولها في أسواق الأوراق المالية، وينبغي أن يتم تداولها قريبا من قيمة أصولها.
وتظهر البيانات من رابطة الشركات الاستثمارية أن صافي قيم الأصول في صناديق الأسهم الخاصة في المملكة المتحدة يزيد حاليا بنحو 30 في المائة عن تقييمات أسعار الأسهم. وتقترب هذه الفجوة من أعلى مستوى تاريخي، ما يشير إلى أن أسعار الأسهم رخيصة أو أن تقييمات الأصول تتجاوز بكثير ما يمكن تحقيقه في عملية بيع في اليوم التالي.
وقال نيك بريتون من رابطة شركات الاستثمار (أيه أي سي) إن مديري الأسهم الخاصة كلهم "يقولون الشيء نفسه: إنهم يعتقدون أن التقييمات التي يحتفظون بها للاستثمارات في ميزانياتهم العمومية متحفظة والدليل الذي يقدمونه هو أنه عندما خرجوا من الاستثمارات في العقد الماضي، كانت قيمتها في ارتفاع مستمر".
وأضاف أنه في حين تم تداول الأسهم الخاصة المدرجة بسعر منخفض منذ الأزمة المالية، إلا أنهم "يكافحون لفهم مدى خطورتها في الوقت الحالي".
وتعد العقارات والبنية التحتية حساسة على نحو خاص. حيث قال نيك نايت، المدير التنفيذي لخدمات التقييم الاستشارية في شركة سي بي آر إي، إن ارتفاع أسعار الفائدة والتقييمات النادرة يعني "أن هناك احتمالا لوجود بعض الأخطاء".
تعتمد تقييمات البنية التحتية على الافتراضات بشأن التدفقات النقدية المستقبلية، التي تعتمد بشكل كبير على المدخلات التي تقول كلية إدهيك إنه يجب الإعلان عنها. إذا كانت المدخلات قديمة، فإن التقييمات قد تفوت أزمة وشيكة، كما يتضح من مخاوف المستثمرين من انهيار شركة تيمز ووتر.
وأوضحت الجمعية البريطانية للأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري أن أساليب التقييم التي يتبعها أعضاؤها تخضع للتنظيم والتدقيق الخارجي السنوي، وتتبع معايير المحاسبة ذات الصلة. ويقدم أعضاؤها "تقييمات قوية لضمان قدرة المؤسسات العالمية على الاستثمار بثقة في فئة الأصول".
لكن المختصين في السوق من ذوي الخبرة يتحدثون عن مشكلات في صناعة تستهدف الأفراد الأثرياء بشكل متزايد إلى جانب المؤسسات الكبيرة مثل صناديق التقاعد، التي تشهد تدفق الوافدين الجدد نسبيا.
وأشار أحد المتخصصين في التقييمات إلى مكالمة هاتفية في وقت سابق من هذا العام مع مدير أسهم خاصة يطلب المشورة بشأن ما إذا كان سيتعين عليه خفض قيمة أحد الأصول بسبب اللوائح الجديدة.
وعندما قال المتخصص إن التخفيض أمر لا مفر منه، طلب المدير المالي لشركة إدارة الأسهم الخاصة من فريقه، أثناء المكالمة، "معرفة الأصول الأخرى التي يمكننا زيادة قيمتها لتعويض ذلك".
وهناك مشكلة أخرى، كما قال متخصص التقييم، تتمثل في أن أصحاب الأسهم الخاصة في الأغلب ما يقدمون للمستثمرين تسويقا مربكا.
وقال كريس آدي، الرئيس التنفيذي لشركة كاسيل هول ديليجانس، وهي شركة تقدم خدمات البحث والتقصي اللازمة، إن بعض مديري الأسهم الخاصة "سيحاولون التلاعب بالمعلومات وتقديم البيانات للمدققين... عندما تكون الحقيقة أن الشركات الأساسية تكافح في السوق وقد لا تكون قادرة على خدمة ديونها".
ومن غير المرجح أن تتضح نتيجة مراجعة المملكة المتحدة حتى منتصف العام المقبل، لكن المنظمين يقولون بصورة فردية إنهم قد يتصرفون بسرعة إزاء الممارسات الفردية السيئة.
ومع ذلك، في حين تواجه شركات الأسهم الخاصة أسوأ عام لها في الخروج من استثماراتها منذ عقد من الزمن، فإن الخبر السار بالنسبة إليها هو أنها لن تتعرض لضغوط من أجل البيع.
وقال بريتون: "ميزة شركات الاستثمار هي أنها لا تتمتع بعمر محدود، فهي مستدامة ما لم يقرر المساهمون تصفيتها، لذلك لا توجد ضغوط لبيع الاستثمارات في وقت غير مناسب. من الواضح أنه استثمار طويل الأجل".
وأضاف: "نقول إنك تتطلع إلى الاحتفاظ بهذا لمدة عشرة أعوام على الأقل. وإنك تتوقع أن تحل هذه الأمور نفسها بمرور الوقت، وأن تعود أسعار الفائدة إلى طبيعتها... لكن الأمور قد تسوء دائما قبل أن تتحسن".

الأكثر قراءة