هل يستمر صمود X أمام فوضى القرارات؟
ما مقدار الفوضى التي يمكن لشركة واحدة أن تتحملها قبل أن تصبح مكسورة بشكل يتعذر إصلاحه؟ يبدو الأمر في بعض الأحيان كما لو أن إيلون ماسك كان يختبر هذا السؤال إلى مرحلة الدمار منذ أن دفع 44 مليار دولار لشراء تويتر - وإعادة تسميته - X قبل عام.
والخبر السار هو أنه يبدو أن شركة التواصل الاجتماعي ذات تأثيرات تواصلية قوية يمكنها النجاة إلى حد ما. إذا كان لنا أن نصدق الرئيسة التنفيذية الجديدة ليندا ياكارينو، فإن X قد شقت طريقها على الأقل لتقترب من نقطة التعادل.
لكن الخبر غير الجيد هو أن القرارات الصادمة التي اتخذها ماسك قد أضرت بقيمة غنيمته بشكل خطير. حيث يقول عديد من المستخدمين إن مستوى التعصب قد اشتد، ويدعي المنتقدون أن خطاب الكراهية قد ازدهر. وهرب عديد من المعلنين، تاركين شركة X أصغر بكثير مما كانت عليه قبل عام. ولم يتمكن ماسك من حل المشكلات المتأصلة التي جعلت تويتر منذ فترة طويلة كلمة مرادفة للإمكانات غير المتحققة، فضلا عن تقديم تفسير متماسك لما يريد أن تصبح عليه X.
يزدهر ماسك في الفوضى، ولكن حتى وفقا لمعاييره، كانت الاضطرابات التي حدثت في الأشهر الأولى بعد استحواذه مذهلة. ومع فرار المعلنين، قام الملياردير بتنفيذ عدة جولات من التخفيضات الشرسة في الوظائف وحذر من احتمالية الإفلاس. وعندما تم فصل أعداد كبيرة من المهندسين أو استقالوا، توقع كثيرون في عالم التكنولوجيا أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تنهار الشبكة. ومع تراجع ماسك عن الإشراف على المحتوى، انتشرت التنبؤات بهجرة الجمهور للمنصة.
وبعد مرور عام، لم تنهر الشبكة. ولا يزال عديد من منتقدي ماسك - خاصة بين الصحافيين - مدمنين على الخدمة، حتى وهم يغردون معبرين باشمئزاز عن عدم موافقتهم مع ما يقوم به.
مع ذلك، فإن الضرر الذي لحق بالشركة كان بالغا. فقد هجر تماما ما يقرب من نصف أفضل 100 معلن على المنصة قبل استحواذ ماسك عليها، كليا، وفقا لشركة سينسور تاور للبرمجيات. وخفض أكبر خمسة معلنين في الشهر الذي سبق استحواذه على الشركة - ومن بينهم أمازون، ومونديليز، ويونيليفر - إنفاقهم بمقدار الثلثين في المتوسط. ولم يكن لتعيين رئيسة تنفيذية تتمتع بعلاقات عميقة في عالم الإعلام والإعلان أي تأثير ملحوظ حتى الآن في إعادة المعلنين.
قال براين ويزر، محلل صناعة الإعلان الأمريكية: "لقد كانت كارثة وما زالت". فلا يقتصر الأمر على تراجع المعلنين خوفا من ظهور علاماتهم التجارية إلى جانب المحتوى الذي يحض على الكراهية فحسب: بل إن ماسك نفسه شوه السمعة عبر مهاجمته علنا المعلنين الذين انسحبوا في الأيام الأولى بعد عملية الاستحواذ عليها التي قام بها كما يقول ويزر، ما يجعل من غير المحتمل أن يخاطروا بالعودة.
أدى خفض أعداد موظفي تويتر إلى تمكين ماسك على الأقل من إبقاء الشركة عائمة. حيث تشير التقارير إلى أن عدد الموظفين قد انخفض بأكثر من 80 في المائة، ليصل إلى 1500. وبينما قلص ماسك وظائف مثل الإشراف على المحتوى لتعزيز ما يسميه حرية أكبر للتعبير، إلا أن التخفيضات في الوظائف أثرت بعمق في جميع عمليات المنصة. وبكلمات ويزر: "لم تعد هذه العمليات منظمة لتكون شركة كبيرة".
على الأقل، ظل جمهور تويتر على حاله إلى حد كبير، حتى لو أظهر علامات التآكل. فقد انخفض عدد الأشخاص الذين يستخدمون تطبيق الشركة يوميا 13 في المائة منذ ما قبل استحواذ ماسك، وفقا للبيانات المبلغ عنها من شركة أبتوبيا.
صمدت X أمام الهجوم المباشر من المنافسين الذين حاولوا الاستفادة من الفوضى التي عمتها. إذ أحدثت شركة ميتا ضجة كبيرة بإنشائها ثريدز، وهو استنساخ لـX مرتبط بتطبيق إنستجرام الخاص بها. لكن جمهورها اليومي يمثل نحو 7 في المائة فقط من جمهور تويتر، وفقا لشركة جي دبليو إس ماجنيفاي لتزويد المعلومات.
لقد ضاعفت بلو سكاي، وهي شبكة اجتماعية يدعمها المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لتويتر، جاك دورسي، جمهورها في الأشهر الثلاثة الماضية. وبما يقدر بنحو 2 في المائة فقط من جمهور X، وفقا لـجي دبليو إس، لا تزال صغيرة. لكن الدلائل التي تشير إلى أن الصحافيين وغيرهم من أصحاب النفوذ قد بدأوا في النشر بشكل أكثر نشاطا على بلو سكاي تعني أن التهديد قد يكون أكبر مما تشير إليه أعداد الجمهور الحالية.
إذا تمكن ماسك من إبقاء X عائمة - بالكاد - يبدو أن محاولاته لتكملة الإعلانات المتضائلة بتدفقات إيرادات جديدة لم تسفر عن الكثير.
وفي الوقت نفسه، فإن وعده بتنشيط تطوير منتجات الشركة لم يسفر عن نوع التغييرات المهمة التي قد تجتذب جمهورا أكبر بكثير أو ترفع مستويات المشاركة بشكل مفيد. حيث يشكو كثيرون من أن سيل التعديلات الصغيرة لم يؤد إلا إلى الإضرار بالتجربة. فإذا كان لدى ماسك رؤية لكيفية تحويل X إلى "تطبيق يجمع كل شيء" ويمكنه تلبية عديد من الاحتياجات الرقمية لمستخدميه، فهو لم يكشف عنها بعد.