صناع السياسات الاقتصادية يسيرون عميانا .. السبب البيانات

صناع السياسات الاقتصادية يسيرون عميانا .. السبب البيانات

بلغ المقياس الرسمي للبطالة في المملكة المتحدة 4.2 في المائة في الأشهر الثلاثة بين يونيو وأغسطس من هذا العام. هذا التعريف دقيق، فهو يعني أن من بين السكان الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما أو أكثر ممن يعملون أو يبحثون بهمة عن عمل ومستعدون لمباشرة العمل في الأسبوعين المقبلين، فإن 4.2 في المائة منهم لا يملكون وظيفة.
هناك مشكلة قديمة في هذا التعريف الرسمي، وهي أنه لا يتوافق مع وجهة نظر معظم الناس بأنك عاطل عن العمل إذا كنت في سن العمل ولا تملك وظيفة. وهذا يوجب علينا التفكير في نظرتنا إلى البطالة. لكن الأزمة الأكثر إلحاحا هي أن الأرقام الرسمية ربما تكون بلا معنى.
هل ينبغي أن نكون سعداء بانخفاض معدل البطالة الرسمي الأخير عن 4.3 في المائة في المنشور الرسمي السابق؟ هل ينبغي أن نقلق من أن المعدل الأخير أعلى نحو 0.2 نقطة مئوية مما كان عليه قبل ثلاثة أشهر؟ أم هل ينبغي لنا أن نشعر بالارتياح لأن أحدث مجموعة من البيانات كانت أفضل من سابقتها عندما بلغ الارتفاع الفصلي في البطالة 0.5 نقطة مئوية؟
الجواب هو أنه ليس لدينا أي فكرة عما يجب أن نشعر به لأننا لا نستطيع أن نثق في أي من هذه الأرقام الرسمية، على الرغم من أنها تأتي من مكتب الإحصاءات الوطنية المبجل.
لقد شهد المسح الذي يدعم تقليديا بيانات سوق العمل الرئيسة انخفاضا في معدل الاستجابة من نحو 50 في المائة قبل عقد إلى 15 في المائة هذا العام. هذه البيانات سيئة جدا لدرجة أن مكتب الإحصاءات الوطني جرد الأرقام من اعتماد "الإحصاءات الوطنية" الثلاثاء من هذا الأسبوع، ولكن نظرا للطريقة الغريبة التي ينص عليها القانون في هذه الأمور، لا تزال الأرقام "إحصاءات رسمية".
تمثل أزمة البيانات مشكلة عميقة بالنسبة إلى السياسة الاقتصادية. إذ لا يمكن لمكتب الإحصاءات الوطنية أن يخبرنا في الوقت الحالي بأي قدر من اليقين ما إذا كانت سوق العمل في حالة تراخ أو ضيق، لذلك سيواجه بنك إنجلترا صعوبة أكبر من المعتاد في تحديد أسعار الفائدة. ولا يستطيع أن يخبرنا ما إذا كانت المملكة المتحدة بالفعل دولة شاذة على المستوى الدولي بعد الجائحة، حيث شهدت ارتفاعا حادا في عدد المرضى الذين لا يبحثون عن عمل، الأمر الذي قد يسلط الضوء على الآثار الاقتصادية الضارة لقوائم الانتظار المرتفعة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. ولا يمكنه تقديم أي توجيه حول ما إذا كانت التغييرات الضريبية قد تسببت في انهيار العاملين لحسابهم الخاص.
كما لا يستطيع القيام بهذه المهام الأساسية لأن أرقامه قد تكون بلا معنى.
لقد اتضح الشهر الماضي أنه لا يمكن الوثوق ببيانات البطالة. ولكن بدلا من الاعتذار الشديد بسبب مشكلة معروفة منذ أوائل 2021 عندما سلط مايكل أوكونور وجوناثان بورتس الضوء لأول مرة على أرقام غريبة آتية من مسح القوى العاملة، نشر مكتب الإحصاءات الوطنية مدونة متفائلة الثلاثاء. وفقا لوكالة الإحصاء البريطانية، يجب أن نكون سعداء لأنها "تتحول إلى استخدام أساليب أفضل لجمع البيانات تناسب العصر الرقمي". لقد كان ذلك غير عادي.
يجب على الناخبين المطالبة بأساس متين من الحقائق لتوجيه الخطاب السياسي. ويحق للوزراء أن يكونوا غاضبين من أن أرقام سوق العمل في المملكة المتحدة غير متسقة ومتغيرة دائما، وقد ترسم صورة سلبية عبثا للاقتصاد تماما كما فعلت أرقام الناتج المحلي الإجمالي السابقة. ولكن يجب عليهم أيضا أن يشعروا ببعض الخجل من أن السمعة الدولية للإحصاءات تتدهور، وهذا يرجع جزئيا إلى نقص التمويل اللازم لإدارة حكومية صغيرة جدا وقليلة التكلفة.
لكن المال ليس كل شيء، فالأمر متروك لمكتب الإحصاءات الوطنية وهيئته التنظيمية، وهي هيئة الإحصاء في المملكة المتحدة، للتوقف عن التستر على الفظائع في بيانات سوق العمل والإعلان بوضوح عما يعرفه جميع صانعي السياسات ومراقبين البيانات عن كثب.
في الوقت الحالي في المملكة المتحدة، لا نعرف ما الذي يحدث للبطالة، والمشاركة في القوى العاملة، وثروات المجموعات المختلفة في سوق العمل. ومن نواح مهمة، فإن صناع السياسات الاقتصادية يسيرون على عمى.

الأكثر قراءة