رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مواطن ضعف التركيب الديموغرافي في الصين «1 من 2»

سعى الرئيس الصيني، شي جين بينج، في الآونة الأخيرة، إلى طمأنة وفد حزبي مشترك من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أنه لا يزال بوسع الصين والولايات المتحدة تجنب المواجهة العسكرية رغم التوترات المتصاعدة بينهما. حيث صرح قائلا: "إن فخ ثوسيديدس ليس حتميا".
إن مصطلح "فخ ثوسيديدس"، الذي يشار به إلى وصف المؤرخ اليوناني القديم للحرب البيلوبونيسية، صاغه العالم السياسي جراهام أليسون لوصف الصراع الذي يبدو أنه لا مفر منه، الذي ينشأ عندما تتحدى قوة ناشئة مثل الصين قوة مهيمنة راسخة مثل الولايات المتحدة.
وقال أليسون إن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة في نهاية المطاف لتصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم، وهي الفكرة التي يدعمها خبراء الاقتصاد في الحكومة الصينية الذين يتوقعون أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سيبلغ ضعف الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بحلول 2030، وثلاثة أضعافه بحلول 2049. وقد غذت مثل هذه التوقعات قلقا استراتيجيا بين عديد من الساسة والعلماء الأمريكيين الذين يشعرون بالقلق من النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين وتطلعاتها الجيوسياسية.
يبدو واضحا أن أطروحة أليسون لقيت قبولا حسنا داخل دوائر القيادة الصينية. والواقع أن النمو الهائل الذي حققه الاقتصاد الصيني ـ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي الصيني نظيره في الولايات المتحدة بنسبة ارتفعت ارتفاعا صاروخيا من 7 في المائة في 1990 إلى 76 في المائة في 2021 ـ أقنع صانعي السياسات في الصين والولايات المتحدة بأنه لا مفر من فخ "ثوسيديدس".
لكن، إذا استوحينا مرة أخرى من اليونان القديمة، فإن هذه التوقعات لا تضع نقطة ضعف الصين في الحسبان: توقعاتها الديموغرافية القاتمة. إذ من الممكن أن تؤدي الشيخوخة السكانية إلى إعاقة الإنتاج، وخفض الاستهلاك، وخنق الابتكار، وتقويض الروح المعنوية العامة، وتراجع الحيوية الاقتصادية. وفي طبعة 2007 من كتابي Big Country with an Empty Nest، شبهت المسار الديموغرافي في الصين بالعداء ـ فهو يتقدم بوتيرة سريعة ولكنه يفتقر إلى القدرة على التحمل. وفي المقابل، تعد الولايات المتحدة والهند من عدائي سباقات المسافات الطويلة، ومن المتوقع أن تهيمنا على القرن الـ21.
تقدم لنا اليابان، التي شبهتها بعداء المسافات المتوسطة، عبرة في هذا الصدد. لقد أدى النمو السريع للقوى العاملة والسكان الشباب إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في اليابان مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في أمريكا، من 8 في المائة في 1960 إلى 73 في المائة في 1995. لكن في 1994، بدأت قواها العاملة الشابة "التي تراوح أعمارها بين 15 و59 عاما" في الانخفاض، ومنذ ذلك الحين بدأت تتخلف عن الولايات المتحدة بكل المقاييس الديموغرافية. وكان معدل النمو الاقتصادي في اليابان أقل من نظيره في الولايات المتحدة منذ 1992، وتراجع ناتجها المحلي الإجمالي عن نظيره في الولايات المتحدة بنسبة 16 في المائة فقط في 2023.
تؤكد تجربة إيطاليا خطورة تجاهل التحولات الديموغرافية. فقد بدأ عدد العمال ممن هم في سن العمل يتراجع في البلاد منذ 1993، كما أن سكانها أكبر سنا بصورة ملحوظة من سكان الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، انخفض ناتجها المحلي الإجمالي مقارنة بنظيره في أمريكا من 20 في المائة في 1992 إلى 8 في المائة هذا العام.
لقد شاخ سكان الصين بوتيرة أسرع مما كان متوقعا، وكان معدل الخصوبة لديها "عدد الولادات لكل امرأة" أقل من نظيره في الولايات المتحدة منذ 1991 وأقل من نظيره في اليابان وإيطاليا منذ 2021. بدأ عدد العمال ممن هم في ريعان الشباب الانخفاض في 2012. ما يشير إلى نهاية فترة ثلاثة عقود من نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل يتجاوز 10 في المائة ... يتبع.

خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي