«العظماء السبعة» يدفعون هيمنة الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية جديدة

«العظماء السبعة» يدفعون هيمنة الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية جديدة

قادت سبع شركات تكنولوجيا أمريكية كبيرة جميع المكاسب في الأسهم العالمية هذا العام، ما دفع هيمنة الولايات المتحدة على أسواق الأسهم إلى آفاق جديدة.
وكانت الشركات التي يطلق عليها "العظماء السبعة" -أبل، ومايكروسوفت، وميتا، وأمازون، وألفابت، ونفيديا وتسلا- تدعم مؤشر إس آند بي 500 للشركات الأمريكية الكبرى معظم العام بسبب حماسة المستثمرين بشأن نمو الذكاء الاصطناعي.
لقد أصبح هذا الاتجاه متطرفا لدرجة أنه يهيمن على الأسواق في الخارج. لكن بالنسبة إلى الشركات السبع، فإن مؤشر إم إس سي آي أول-كونتري ورلد القياسي الذي يضم نحو ثلاثة آلاف شركة كبيرة ومتوسطة الحجم كان سيتراجع خلال العام حتى الآن، وفقا لبيانات شركة بلومبيرج.
أضافت الشركات السبع نحو أربعة تريليونات دولار من القيمة السوقية عام 2023، مقارنة بمكاسب قدرها 3.4 تريليون دولار لمؤشر إم إس سي آي ككل. لقد أضافت مجتمعة 40 نقطة للمؤشر، الذي ارتفع 37 نقطة بشكل عام.
وما لم يكن هناك تحول حاد بحلول ديسمبر، فإن عام 2023 سيكون بمنزلة العام الثامن في العقد الماضي الذي ترتفع فيه حصة الولايات المتحدة من القيمة السوقية العالمية.
تمثل الشركات الأمريكية الآن 61 في المائة من المؤشر الذي تبلغ قيمته 60 تريليون دولار، مقارنة بأقل من 50 في المائة قبل عقد من الزمن. وتشكل الأسهم العشرة الأكبر نحو 19 في المائة من المؤشر، مقارنة بـ8 في المائة عام 2013.
بعد بداية جيدة لهذا العام، فقدت الأسهم العالمية زخمها في الأشهر الأخيرة بسبب المخاوف بشأن أسعار الفائدة والمخاطر الجيوسياسية.
المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة هذا العام حطمت توقعات المستثمرين الذين جادلوا بأن تقييمات الصفقات ستساعد الأسواق الأخرى حول العالم على اللحاق بالولايات المتحدة.
قال ماكس جوكمان، رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة فرانكلين تمبلتون إنفسمنت سولشوين "تاريخ الأسواق مليء بالمستثمرين الكبار الذين وقعوا في فخ القيمة البسيط. عندما ننظر إلى الولايات المتحدة مقابل بقية العالم، أعتقد أن هناك سببا يجعلها فئة الأصول الأفضل أداء لفترة طويلة".
لا يوجد خلاف كبير حول ما إذا كانت الأسهم الأمريكية تبدو باهظة الثمن مقارنة ببقية العالم. يتم تداول مؤشر إس آند بي 500 بنحو 18 ضعف قيمة أرباحه المتوقعة على مدى الـ12 شهرا المقبلة، مقارنة بـ12 ضعفا لمؤشر إم إس سي آي لجميع البلدان باستثناء الأسهم الأمريكية، وفقا لبيانات شركة جي بي مورجان أسيت منجمنت. والسؤال هو ما إذا كانت هناك محفزات واقعية للتغيير؟
قال جوريان تيمر، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في شركة فايديليتي "تقييم الأسهم غير الأمريكية مغر للغاية، لكن مجرد كون الشيء رخيصا فهذا لا يعني أنه سيتفوق في الأداء".
وأضاف أنه "في الوقت نفسه، يمكن أن يكون لدى أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة مجال أكبر للتشغيل، حيث لا يوجد حتى الآن حافز واضح لها للتراجع. وقد تضرر بعضها من الزيادة الأخيرة في عوائد سندات الخزانة، لكنها في المتوسط صمدت بشكل أفضل من السوق الأوسع".
وفي إشارة إلى استمرار قوة اهتمام المستثمرين، كانت شركة أوبن أيه آي، المجموعة المملوكة للقطاع الخاص التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، والتي تقف وراء "شات جي بي تي"، تناقش بيع أسهم مع المستثمرين من شأنه أن يقدر قيمتها بنحو 86 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف ما كانت قيمته في أبريل الماضي.
وقال جوكمان، من شركة فرانكلين تمبلتون، "إن الشركات السبع العظمى قد تتعرض للضغوط في العام المقبل إذا لم تظهر فوائد ملموسة كافية من نمو الذكاء الاصطناعي". لكنه أضاف أنه "حتى لو تضاءل الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، فإن أسهم النمو -التي هي أكثر شيوعا بكثير في الولايات المتحدة- ستستفيد عندما تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض".
وقال "إذا اعتقدنا أن أسعار الفائدة سترتفع من هنا فسيكون ذلك سيئا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكن إذا تجاوزنا الذروة أو اقتربنا منها، وهو ما يتفق عليه معظم الناس.. فستكون هناك رياح مواتية من أسعار الفائدة المنخفضة".
وإلى جانب تأثيرات عوائد السندات المرتفعة، تعرضت الأسهم العالمية لضغوط في الأسابيع الأخيرة بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال كثير من المستثمرين "إن المخاوف الجيوسياسية سيكون لها تأثير أكبر خارج الولايات المتحدة، ما يشكل عائقا إضافيا أمام سد فجوة التقييم".
وقال ريتش ستاينبرج، كبير استراتيجيي السوق في مجموعة كولوني لإدارة الثروات "بالنظر إلى بعض المخاطر الجيوسياسية التي نواجهها الآن وفي المستقبل، قد يكون هناك بعض التردد في القيام برهانات كبيرة للغاية على الشركات غير الأمريكية، لأن الناس تضرروا من قبل".
الجدال الدائر حول هيمنة الولايات المتحدة على الأسواق العالمية له تداعيات تتجاوز مجرد تخصيص أصول المستثمرين. وأسهم ذلك في إثارة المخاوف في المراكز المالية مثل لندن وفرانكفورت من احتكار أمريكي محتمل يصبح ذاتي التعزيز، الأمر الذي يستنزف السيولة من الأسواق الأخرى ويشجع الشركات على نقل إدراجها للوصول إلى تقييمات أعلى وأحجام تداول أعلى في الولايات المتحدة.
وقال لوكا فينا، رئيس قسم الأسهم في شركة جنرالي إنفستورز، ذراع إدارة الأصول في أكبر شركة تأمين في إيطاليا "كلما استمرت الولايات المتحدة في التداول بعلاوة، زادت مناقشة الموضوع داخل الشركات".
وقال فينا "إنه يتوقع أن تسد الأسهم الأوروبية بعض الفجوة مع الولايات المتحدة على المدى القصير إذا تحسنت الآفاق الاقتصادية"، مضيفا "على المدى المتوسط إلى الطويل، من المحتمل أن يستمر النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها المكان المناسب".
وقال فينا "في النهاية، الأمر الأكثر أهمية هو قدرة الولايات المتحدة على أن تكون أفضل بيئة للابتكار، لإنشاء شركات قادرة على إحداث تغيير جذري".
لكن لا يزال البعض متفائلا بشأن التوقعات في المدى الطويل للأسهم العالمية. نشرت ذراع إدارة الأصول في بنك جيه بي مورجان الأسبوع الماضي توقعات تتنبأ بأن الأسواق الناشئة والمتقدمة خارج الولايات المتحدة ستوفر عوائد أفضل من الأسهم الأمريكية خلال العقد المقبل.
وقال ديفيد كيلي، كبير استراتيجيي السوق العالمية في شركة جيه بي مورجان أسيت منجمنت، "إن هناك قليلا من الأموال تتدفق إلى الأسهم الدولية"، لكنه أقر بأن رهانات مشابهة في الماضي القريب "تركت طعما مريرا في الفم" لكثير من المستثمرين.
وقال "إن الفارق هذه المرة هو أن البنك توقع أن يضعف الدولار تدريجيا بسبب النمو القوي في الخارج وتضييق الفروق في أسعار الفائدة. وهذا من شأنه أن يجعل الاستثمارات خارج الولايات المتحدة أكثر جاذبية للمتداولين المقيمين في الولايات المتحدة، والذين يشكلون الجزء الأكبر من الاستثمار في الأسهم العالمية".
وقال كيلي: "سيكون أداءالأسهم الدولية جيدا عندما يعتقد المستثمرون الأمريكيون أنها فكرة جيدة. أعتقد أن المصالحة العظيمة بين المستثمرين الأمريكيين والعالميين ستبدأ بانخفاض الدولار".

الأكثر قراءة