لماذا نساء الهند أكثر تأثرا بالكوارث؟ «2 من 2»

إن العنف ضد المرأة متجذر بقوة في المشكلات الاجتماعية والهيكلية مثل تدني وضعها الاجتماعي والاقتصادي والفوارق بين الجنسين في توزيع الموارد، والبيئة المحيطة غير الآمنة، ومحدودية الوصول إلى خدمات الدعم علما أن كل هذه الأمور يمكن أن تتفاقم بسبب الكوارث الطبيعية، فعلى سبيل المثال، قد يؤدي فقدان الوظائف بسبب مثل هذه الكوارث، إلى إضعاف قدرة الأسر على المساومة والتسبب في ضغوط نفسية ومالية للرجال، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة تعاطي الكحول والمخدرات، وهي المحفزات التي عادة ما تؤدي إلى عنف الشريك الحميم، حتى إن المرأة أصبحت مقيدة أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك فإن الحواجز الاجتماعية والثقافية نفسها التي تمنع تحولها إلى العمالة غير الزراعية لا تزال باقية دون تغيير، ما يمنعها من المشاركة في صنع القرار الاقتصادي.
إن الكوارث لا تزيد من عنف الشريك فحسب، بل إنها تجعل المجتمعات غير آمنة كذلك، وتتعرض الفتيات المراهقات بشكل كبير لخطر الاعتداء والاستغلال الجنسيين، ويرجع ذلك بشكل أساس إلى اعتمادهن على الآخرين، وفي الأغلب ما تكون المخيمات المؤقتة التي تخدم النازحين مليئة بالجريمة.
علاوة على ذلك، فإن السفر لمسافات طويلة لجمع الحطب ومياه الشرب، إضافة إلى إنارة الشوارع التي لا يمكن التعويل عليها يؤديان إلى ارتفاع معدلات الضحايا.
إن الآثار طويلة الأمد للفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية هي مدمرة كذلك، ويمكن للصدمة الاقتصادية الناجمة عن مثل هذه الكوارث أن توجد بيئة من النمو السلبي للنساء المحرومات اجتماعيا واقتصاديا، فعلى سبيل المثال، تؤدي أضرار الفيضانات عادة إلى انخفاض كبير ومستدام في العمالة الزراعية، ما يحد بشدة من الفرص المستقبلية المتاحة للمرأة خارج المنزل.
لمنع الكوارث الطبيعية من إلحاق الأذى بشكل غير متناسب بالنساء الهنديات، يتعين على الحكومة أن تسن قوانين تحد من العنف القائم على نوع الجنس مثل حظر المشروبات الكحولية، فضلا عن السياسات التي تعمل على تحسين استجابة الشرطة مثل تزويد مراكز التوظيف بشرطيات، وسيكون تأمين قدر أكبر من الاستقلال الاقتصادي أمرا ضروريا أيضا، ويجب على صناع السياسات العمل مع أصحاب المصلحة الآخرين لضمان قدرة المرأة على الوصول إلى فرص العمل البديلة، بما في ذلك في صناعة الألبان وغيرها من القطاعات المرتبطة بالزراعة. إضافة إلى ذلك، ينبغي للمسؤولين توظيف النساء للمساعدة على إدارة ملاجئ الإخلاء وإشراكهن في التخطيط المتعلق بالكوارث.
يتعين على لجنة الإنقاذ الدولية أن تتعاون مع الحكومات المحلية، والمنظمات غير الحكومية، والأفراد -خاصة النساء- لتطوير استراتيجيات قادرة على كبح جماح التمييز على أساس نوع الجنس والعنف في أثناء فترات التعافي من الكوارث الطبيعية، ومن خلال التحويل المباشر لأموال الإغاثة إلى النساء المتضررات، يمكن للحكومات والمنظمات الدولية تمكينهن من ترك شركائهم المسيئين والتركيز على تطوير مهاراتهن الخاصة.
إن الفيضانات الكارثية الأخيرة في ليبيا، التي أودت بحياة آلاف الأشخاص وأجبرت آلافا آخرين على ترك منازلهم توضح التهديد العالمي الملح والمستمر الذي تشكله الأنواء المناخية الشديدة. وفي الهند وأماكن أخرى، يجب أن ينصب التركيز على معالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين والعنف، وهي أمور موجودة مسبقا وذلك للحد من الأضرار الأولية الناجمة عن مثل هذه الكوارث، وتقليل ما يتبع ذلك من مخاطر النزوح والهجرة، ومع اكتساب المرأة القدرة على الصمود، تصبح المجتمعات أكثر قدرة على الصمود كذلك.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي