الإمتاع بمنظور استثماري

لا تتوقف الخطوات، التي تقوم بها السعودية لتعزيز المسار الاستراتيجي الشامل في عملية إعادة البناء. والخطوة الأخيرة المتمثلة في إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية في السعودية، تأتي ضمن التوجهات الوطنية العامة، التي أظهرت في الأعوام القليلة الماضية قدرات كبيرة وإمكانات واسعة، ونجاحات تحدث عنها العالم في نطاق تنظيم المناسبات الكبرى، بما في ذلك التجمعات العالمية المتخصصة، التي صارت مقصدا دوليا، فالسعودية القادرة على تنظيم المناسبات الكبرى، بأعلى معايير الجودة، تتمتع أيضا بإمكانات مكملة، على صعيد الترفيه والسياحة والثقافة والفنون وغير ذلك، ما يدعم ما يمكن أن نطلق عليه "سياحة المناسبات".
والرياضات الإلكترونية مجال يشهد انتشارا كبيرا على الساحة العالمية، وسيواصل توسعه في المستقبل، مع جذب مزيد من الرواد واللاعبين المشاركين في مثل هذه الرياضات، كما أنه مجال يستقطب بالدرجة الأولى الشباب، ما يعطيه مزيدا من الأهمية، لأنه يستوعب هذه الشرائح، التي تسهم في النهاية في صياغة شكل المستقبل في أي مكان توجد فيه.
ولا بد من الإشارة هنا، إلى أهمية قرار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بإنشاء مؤسسة "كأس العالم للرياضات الإلكترونية"، كمؤسسة غير ربحية، تتولى تنظيم البطولة التي ستنطلق في صيف العام المقبل، كما أنها ستتولى -بالطبع- أمور البطولات المستقبلية السنوية، التي ستجري على أرض المملكة. وهذه الخطوة على وجه الخصوص، ستعزز الحراك السعودي الموجود بالفعل في التعاون مع جميع الشركاء والجهات المعنية بمنظومة هذا النوع من الألعاب.
وتوجهات المملكة في هذا الصدد، تعزز بقوة مكانة الرياضات الإلكترونية على الساحة العالمية كلها، وتضعها في رأس قائمة الجهات الفاعلة في رياضات تتمتع بآفاق لا حدود لها، فضلا عن العوائد الأخرى الآتية من هذه البطولات الكبرى، وعلى رأسها المساهمة في توفير ما لا يقل عن 39 ألف فرص عمل جديدة في هذا القطاع، ومع حلول 2030 ستسهم الرياضات الإلكترونية بكل فعالياتها ومناسباتها في تحقيق ما يزيد على 50 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
وهذا يعني أن الاستثمار في هذا المجال له عوائده الوطنية المطلوبة ضمن نطاق مسار تنفيذ الخطط المطلوبة، كما أنه يمنح السعودية مزيدا من قوة الدفع لتعزيز دورها على الساحة العالمية في مجال يشهد نموا يوما بعد يوم، ويحصد الاهتمام المتصاعد على مستوى العالم.
ولعل من أهم المنجزات، التي ستتحقق في هذا القطاع، أن المملكة ستستضيف سنويا بطولة العالم للرياضات الإلكترونية بدءا من العام المقبل. إنها ستستأثر بتنظيم هذا التجمع الدولي، في الوقت الذي ستحصد فيه كثيرا من العوائد، ولا سيما على صعيد السياحة. فبطولة كهذه، ستسهم في رفع معدلات إشغال الفنادق والمنتجعات ودور الضيافة عموما، ما يرفع الإنفاق السياحي، فضلا عن أثرها الإيجابي الواضح من جهة المطاعم والمقاهي التي تتراجع عادة إيراداتها خلال فصل الصيف. فالبطولة ستقام في موسم الصيف من كل عام، ما يرفع وتيرة الأداء السياحي في فترة تشهد فيه عادة تراجعا مفهوما.
لا شك أن هذه الانطلاقة في آفاق رياضية مختلفة عن تلك التقليدية المعروفة، ستدعم بقوة التوجهات الاستراتيجية على الصعيد المحلي، التي تعتمد أساسا على التنويع في العوائد، وفتح السوق لمزيد من الأنشطة والفعاليات من جهات مباشرة وغير مباشرة. والمملكة تستطيع أن تحقق نجاحات في هذا المجال، كما تفعل دائما في مجالات عالمية أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي