شاحنة سايبرتراك من تسلا .. مرتقبة ومتأخرة و"كابوس" في التصنيع
يتذكر جيم فارلي المرة الأولى التي رأى فيها سيارة تسلا سايبرتراك. تهيمن شركة فورد على سوق سيارات البيك آب في أمريكا الشمالية، لذا كان رئيسها التنفيذي فضوليا لإلقاء نظرة على المنافسة.
وقال فارلي لصحيفة "فاينانشال تايمز": "أعتقد أن سايبرتراك تبدو بهذا الشكل لمجموعة من الأسباب، جزئيا بسبب الديناميكيات الهوائية... لكن معظم شكلها في الواقع يهدف إلى خفض الاستثمار". وأوضح أن التصميم ذا الزوايا غير المعتادة يعني أن تسلا يمكنها أن تصنع سقف سيارة سايبرتراك من قطعة واحدة من المعدن، بدلا من الاستثمار في مكبس رص باهظ الثمن. وأشار إلى أن هذا من شأنه أن يخفض تكلفة التصنيع، لكن من المرجح أن يجعل "تصنيعها بأعداد كبيرة صعبا".
يبدو أن إيلون ماسك يتفق مع ذلك. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذر رئيس شركة تسلا من "تحديات هائلة في الوصول إلى الإنتاج بأعداد كبيرة من هذا " النموذج الذي تم الكشف عنه لأول مرة قبل أربعة أعوام.
وقال ماسك للمستثمرين: "هذا الأمر ببساطة طبيعي... فعندما يكون لديك منتج يحتوي على كثير من التكنولوجيا الجديدة أو أي برنامج سيارات جديد تماما، ولكنه منتج مختلف ومتقدم بشكل خاص مثل سايبرتراك. لقد حفرنا قبرنا".
تعد سايبرتراك أول سيارة تسلا جديدة منذ الطراز واي الذي أطلق في 2020، إذ تأتي في الوقت الذي انخفضت فيه الأرباح بسبب تخفيضات الأسعار عبر مجموعتها لتحفيز الطلب.
شاحنة نصف النقل الخاصة بها وسيارة رودستر الرياضية لم تصلا مرحلة الإنتاج بعد، ومن غير المتوقع أن يتم إنتاج الطراز 2 منخفض السعر قبل 2026.
عندما تصل شاحنة سايبرتراك - من المتوقع الآن أن تتم أولى عمليات التسليم في نهاية نوفمبر - فستأخذ تسلا إلى القسم الأكثر ربحا في سوق السيارات في أمريكا الشمالية، وستدخل مباشرة في المنافسة مع أكبر الطرازات المربحة من فورد وجنرال موتورز وستيلانتس.
كانت واحدة من كل خمس سيارات بيعت في الولايات المتحدة وكندا العام الماضي سيارة بيك آب، وفقا لمزود البيانات جاتو دايناميكس. ونصف هذه السيارات، أي نحو 1.5 مليون سيارة، كانت عبارة عن سيارات بيك آب "كاملة الحجم"، مثل فورد إف-150 أو سيلفرادو من شيفروليه، وهي السوق التي ستتنافس فيها شاحنة سايبرتراك.
حتى وفقا لمعايير تسلا، فهي مركبة منتظرة بشدة - وتأخرت لفترة طويلة. وعندما تم الكشف عن سايبرتراك في 2019 مع الموسيقى التصويرية الرائعة لفيلم Mad Max: Fury Road، قال ماسك إن تسلا أرادت "تجربة شيء مختلف". وتم تحديد بدء الإنتاج في 2021، وبدأت العرابين حينها تتدفق.
وفي أوائل العام الماضي، ظهرت تقارير تفيد بأن المهندسين كانوا يعانون مشكلات تبدو أساسية بما في ذلك نظام التعليق والمكابح وتشميع الشكل غير المعتاد للمركبة لعزل الضوضاء الخارجية.
ورفضت شركة تسلا التعليق في ذلك الوقت، لكنها لم تبدأ حتى هذا العام في تقديم عمليات قيادة تجريبية في إصدار ما قبل الإنتاج.
وقال فيليب هوشوا، محلل السيارات في جيفريز الذي كان واحدا من القلائل الذين تم اختيارهم لتجربتها: "إنها وحش مثير للإعجاب، لكنها وحش".
وأضاف: "عديد من جوانب التصميم - مثل نظام التوجيه الرباعي الذي يسمح لها بتغيير المسار أثناء سيرها بسرعة عالية، بسلاسة كبيرة - كانت مثيرة للإعجاب. إنها مريحة للغاية. وقيادتها جيدة".
من المحتمل أن التصميم غير التقليدي، فضلا عن اعتماد تسلا على "الصب" - باستخدام قطع من المعدن المصبوب بدلا من الاعتماد على آلات الكبس باهظة الثمن - تكنولوجيا تصنيع غير مجربة على نطاق واسع عندما كشف عن السيارة في 2019، ربما أعاقا الإنتاج على حد قوله.
ومن خلال التحذير من صعوبات الإنتاج، اعترف ماسك بشيء "كنا نشتبه فيه منذ فترة طويلة" كما قال هوشوا لصحيفة "فاينانشال تايمز" هذا الأسبوع، مضيفا: "كانت دائما المخاطرة بشيء مختلف تماما. ما عليك إلا أن تنظر إليها وتفكر: هذا كابوس للتصنيع".
وقال مصدران مطلعان على دراية بشبكة التوريد الخاصة بالشركة، إن تسلا غيرت رأيها ببعض الأعمال الهندسية في وقت متأخر من العملية، الأمر الذي كان له تأثير كبير في موردي قطع الغيار لها، مضيفان: "أهداف حجم التصنيع التي تتغير أسبوعيا تقريبا، وأضافت تكاليف وتأخير للمشروع".
ولم ترد تسلا من فورها على طلب للتعليق.
وللمرة الأولى يضع ماسك رقما حول إنتاج سايبرتراك المتوقع في مصنع الشركة في تكساس، حيث تهدف إلى إنتاج نحو 250 ألف سيارة سنويا، على الرغم من أن تسلا لا تتوقع الوصول إلى هذا المعدل حتى 2025. في حين أن الطلبات المسبقة تربو على مليون.
وبالمقارنة، تنتج فورد أكثر من مليون شاحنة بيك آب سنويا على الرغم من أن ذلك يتضمن إصدارات أصغر حجما.
ومع ذلك، إذا استطاعت صنع سايبرتراك بالشكل الصحيح فإن المكاسب غير المتوقعة المحتملة لشركة تسلا ستكون ضخمة.
ومنذ أن أطلقت الطراز إس في 2012، كانت مبيعات تسلا تقتصر على سيارات سيدان والسيارات الرياضية. لكن سيارات البيك آب ستأخذها إلى منجم الذهب الحقيقي لهذه الصناعة.
وفي شركة ستيلانتس، التي تمتلك علامتي رام وجيب التجاريتين، تمثل مبيعات الشاحنات الأوروبية والبيك آب الأمريكية ما يقل عن نصف أرباح الشركة بقليل، حيث تقزم هوامش كل مركبة هوامش سيارات الركاب الخاصة بها.
وتحقق شركة فورد معظم أرباحها من سيارات البيك آب، في حين أن مصنعها في كنتاكي الذي يصنع سيارات سوبر ديوتي هو المصنع الوحيد الأكثر ربحية في الشبكة العالمية لشركة صناعة السيارات بأكملها.
وفي هذه السوق المربحة، بدأ السباق نحو السيارات التي تعمل بالكهرباء بالفعل، حيث يبدأ سعر سيارة البيك آب الكهربائية فورد إف-150 لايتنينج من 42 ألف دولار، بينما أطلقت جنرال موتورز سيارة هامر كهربائية يبدأ سعرها من 80 ألف دولار وتزن نحو خمسة أطنان.
تخطط شركة رام لصنع ثلاث سيارات بيك آب كهربائية جديدة بدءا من العام المقبل، وتجلب سيارات بيك آب كهربائية أصغر إلى أوروبا - حسبما قال رئيس المركبات التجارية جان فيليب إمباراتو لصحيفة "فاينانشال تايمز" هذا الأسبوع. وتعتقد شركة ستيلانتس أنها تستطيع مضاعفة إيرادات الشاحنات والفانات خلال هذا العقد.
تعتقد الصناعة أن السيارات الكهربائية مثل سايبرتراك ستجلب عملاء جددا إلى السوق.
وقال آر جيه سكارينج، مؤسس شركة ريفيان الناشئة للسيارات الكهربائية والمدعومة من شركة أمازون: "أكثر من 60 في المائة من عملائنا لسيارة آر 1 تي [وهي سيارة بيك آب] لم يمتلكوا سيارة بيك أب من قبل. لذلك، فنحن لا نوجد عملاء جددا للمركبات الكهربائية فقط. بل نوجد أيضا عملاء جددا للشاحنات".
قد يجذب تصميم سيارة تسلا المميز أيضا قاعدة جديدة من العملاء.
وبالعودة إلى فارلي الذي قال إنه "إذا كنت تسعى وراء عملاء جدد [للشاحنة]، فيجب أن تصمم السيارة بشكل مختلف للغاية". ويجادل بأن هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين ستسعدهم قيادة سيارة بيك آب، ولكن ما يثنيهم عن ذلك هو بعض القضايا النمطية المرتبطة بها.
وتساءل: "من سيذهب إلى ناد ريفي ويتوقف عنده بسيارة بيك آب في سان فرانسيسكو؟ إذا قمت بتصميم مركبة بشكل مختلف، فسيرغب كثير من الأشخاص في الواقع بامتلاك سيارة بيك آب".
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في الصناعة الذي عمل في كل من فورد وتسلا عن سيارة سايبرتراك لماسك: "مهما كان من الصعب صنعها، أعتقد أنه سيبيع كل ما يمكنه صنعه".
وأضاف: "في كاليفورنيا، يريد الجميع أحدث وآخر شيء. ستكون السيارة المثالية. ستجذب مزيدا من الإعجاب أكثر من قيادة سيارة لامبورغيني".