الأفكار المتطفلة

تشعر أن هناك مجموعة من الأشخاص يستولون على دماغك يعلو صوتهم فوق صوتك في بعض الأحيان، وكلما سمحت لهم بالحديث تمادوا أكثر فأكثر إلى أن تتلبس أصواتهم فكرك، وتجد نفسك عالقا بين ذلك السيل من الأفكار السيئة وبين رغبتك في طردها والعيش بسلام. تختلف حدة تلك الأفكار أو الأصوات حسب حالتك النفسية، وقد تتحول من مجرد معاتبة للنفس إلى سلوك إجرامي!
تبدأ الأفكار المتطفلة التي تقض مضجعك من الاجترار واسترجاع أحداث يومك وسؤال نفسك "ماذا قلت؟" في حوار مع زميل أو لماذا لم أتخذ ذلك الموقف وتركز على أخطائك التي حدثت بينما لو بادرت وصححت أخطاءك وتخلصت من ذلك الصوت المقبل من دماغك، سترتاح ولن يتطور معك الوضع، لأنه أمر طبيعي يحدث للجميع.
حتما دماغك لن يخلو من آلاف الأفكار اليومية، ولكن عندما تركز عليها وتكون محور حياتك تتحول إلى أفكار مرضية، وبحسب الإحصاءات تشكل مخاوفنا اليومية 67 في المائة من أفكارنا، و18 في المائة من الأفكار التي تطرق جدران رؤوسنا يوميا تصنف أفكارا سيئة أو غير مقبولة، أما الأفكار المتطفلة فتشكل 13 في المائة من عمليات التفكير اليومية في أدمغتنا، أي أقل من مخاوفنا، رغم أنها في جوهرها آلية للتكيف واستراتيجية لإدارة الحياة والتغلب على المشاعر السلبية، لكن إذا استمررت في اجترار الماضي ستتحول إلى أفكار مدمرة وضارة. إن الميل إلى إعادة تشغيل الأشياء في أذهاننا يمكن أن يؤدي إلى أنماط وعادات فكرية غير صحية، تعيق حياتنا، وقد يكون ما تعانيه عرضا لبعض الأمراض النفسية مثل القلق والوسواس القهري والاكتئاب.
لذا بدلا من الاستسلام وقبول الأفكار المتطرفة والمجترة كحقيقة حاول محاربتها واستبدالها بأفكار إيجابية، كشف بحث منشور في مجلة "العلاج السلوكي" أن 91.4 في المائة من توقعات القلق لم تتحقق.
يبين المعالج النفسي رينيه نواك، أنه يمكن مواجهة هذه "الأفكار المتطفلة" من خلال العلاج النفسي، حيث يوضح المعالج النفسي للمريض خلال العلاج السلوكي المعرفي، أن هذه الأفكار المزعجة لا تعدو كونها مجرد هواجس، ويساعده على التخلص منها من خلال تعليمه كيفية تقييم الأفكار ومغزاها، بشكل أكثر موضوعية، ورؤية الفرق بين الأفكار والأفعال.
إنه يحاول أن يقول لك إن تلك الأفكار مجرد خداع لعقلك ليقتنع أن ما يمر به حقيقة وأن عليك فعل ما يمليه عليك دماغك، وهذا ما يدفع المصابين به إلى القيام بإيذاء أنفسهم أو الآخرين مع شعورهم أن ما فعلوه عين الصواب، لذا اكسر دائرة الاجترار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي