تجارة الألم .. الهبوط يفسد "عام السندات"
يؤدي الانخفاض الشديد في قيمة السندات العالمية إلى زيادة ألم المستثمرين الذين قاموا بشراء كثير من الأصول ذات الدخل الثابت هذا العام، حيث استشفوا نهاية دورة ارتفاع أسعار الفائدة للبنوك المركزية.
الخميس، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى 5 في المائة - وهو مستوى لم ير منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية - متوجا ارتفاعا من نحو 3.5 في المائة في بداية العام الذي يسير إلى جانب تراجع حاد في الأسعار.
استؤنفت عمليات البيع في أسواق السندات العالمية هذا الأسبوع بعد توقف قصير مع توافد المستثمرين على الأصول الآمنة في أعقاب اندلاع الحرب.
أدت إلى أحدث سلسلة من الانتكاسات للمستثمرين الذين دخلوا مجال الدخل الثابت في 2023 - الذي أطلق عليه محللو وول ستريت في البداية اسم "عام السندات" - منجذبين لأعلى العوائد منذ أعوام وتوقعات أن الاحتياطي الفيدرالي ونظراءه من البنوك المركزية في أوروبا كانوا على وشك إنهاء حملاتهم للتشديد النقدي.
أظهر استطلاع لمديري صناديق، نشره بنك أوف أمريكا هذا الأسبوع، لكن تم إجراؤه في وقت سابق من أكتوبر، أن السندات كانت إلى حد بعيد فئة الأصول المفضلة لدى المستثمرين مقارنة بأوزانها التاريخية في المحافظ الاستثمارية.
تظهر البيانات الأسبوعية التي جمعتها لجنة تداول العقود الآجلة للسلع في الولايات المتحدة أن مديري الأصول كانت لديهم مراكز طويلة في عقود سندات الخزانة الآجلة لعشرة أعوام في سبتمبر، وسجلوا مراكز طويلة قياسية في عقود سندات الخزانة الآجلة لـ30 عاما في أكتوبر.
قال بوب ميشيل، كبير مسؤولي الاستثمار والرئيس العالمي للدخل الثابت في شركة جيه بي مورجان أسيت مانجمنت: "كان هذا مؤلما لبعض المشاركين في السوق. يجب على الجميع في الأسواق أن يحاولوا استيعاب حقيقة أن هذا قد يكون عاما آخر من العوائد السلبية لصناديق السندات".
أشار ميشيل إلى أنه بعد شراء السندات في وقت سابق من هذا العام، خفضت صناديقه بعض حيازاتها من الديون طويلة الأجل بعد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، الذي أشارت فيه لجنة السياسة النقدية، إلى ما يسمى بمسح "الرسم البياني النقطي"، إلى أنها تتوقع إبقاء أسعار الفائدة عالية لفترة طويلة.
لم يكن أداء صناديق السندات هذا العام سيئا مثل 2022، لكن "عام السندات" فشل حتى الآن في تحقيق أي نجاح. انخفض مؤشر بلومبيرج الإجمالي العالمي للسندات - الذي يتتبع الديون ذات الدرجة الاستثمارية، مثل سندات الخزانة وهو المعيار لكثير من أكبر صناديق السندات السلبية في العالم - انخفض 3.6 في المائة حتى الآن هذا العام، بعد انخفاضه 16.3 في المائة العام الماضي، وهو الأسوأ على الإطلاق.
ومن بين أكبر صناديق السندات المدارة بشكل نشط، انخفض صندوق ميتروبوليتان ويست توتال ريتيرن بوند التابع لشركة تي سي دبليو 4 في المائة تقريبا منذ بداية العام حتى الآن، بينما انخفض صندوق السندات الأمريكية التابع لشركة كابيتال جروب 3.7 في المائة، وفقا لشركة مورنينج ستار دايركت.
تضررت الصناديق المدارة بشكل سلبي، خاصة تلك التي تتركز في فترات استحقاق طويلة الأجل، بشدة. فقد أظهرت بيانات من تراك إنسايت أن صندوق أي شيرز لسندات الخزانة المتداول في البورصة لأكثر من 20 عاما لشركة بلاك روك، كان الصندوق المتداول في البورصة للدخل الثابت الأكثر مبيعا هذا العام، حيث اجتذب 17.9 مليار دولار في العام حتى 18 أكتوبر رغم تسجيل خسائر 13 في المائة خلال تلك الفترة. انخفض صندوق أي شيرز المتداول في البورصة لسندات الخزانة لمدة سبعة- عشرة أعوام 4.7 في المائة، وفقا لشركة مورنينج ستار دايركت.
كان المستثمرون يتوقعون تباطؤا اقتصاديا أكبر على جانبي الأطلسي هذا العام بعد أن رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المستهدف من نحو الصفر في بداية 2022 إلى المستوى الحالي البالغ 5.25 إلى 5.5 في المائة، وهي أسرع وتيرة لرفع أسعار الفائدة على مدى جيل كامل.
قال لوك كاوا، استراتيجي توزيع الأصول في شركة يو بي إس أسيت مانجمنت: "الجميع يعرف قواعد اللعبة - إنك تستثمر في السندات طويلة الأجل عند الارتفاع الأخير". لكنه أضاف أن "قواعد اللعب هذه تتعرض للتحدي".
لكن سرد الاحتياطي الفيدرالي الذي يتمحور حول الارتفاع لفترة أطول، وبيانات الوظائف، والتضخم ومبيعات التجزئة الأقوى على مدى الأيام العشرة الماضية، أجبرت المستثمرين على تغيير توقعاتهم.
قال ستان شيبلي، خبير اقتصادي في إيفركور: "يستمر الاقتصاد في النشاط. لا توجد علامة حتى الآن على الركود - هذه الاحتمالات مستمرة في التناقص".
وقال المستثمرون إن المخاوف المتزايدة بشأن خطط الاقتراض الفيدرالية تدفع أيضا العوائد إلى الارتفاع، مع تفاقم المخاوف بشأن عجز ميزانية الحكومة الفيدرالية الذي يقترب من تريليوني دولار بسبب قرار وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في أغسطس بخفض تصنيف الديون الأمريكية.
قال كوينتين فيتزسيمونز، مدير محفظة كبير في شركة تي رو برايس لإدارة الأصول الأمريكية: "يمكنك استشعار التغيير في سوق السندات من إعلان وزارة الخزانة ومن الزيادة الكبيرة في العرض، التي كانت المشكلة الحقيقية لعائدات السندات"، في إشارة إلى الزيادة المخططة في المعروض من السندات التي أعلنتها وزارة الخزانة في أغسطس.
مع ذلك، يجادل كثير من مديري الأصول بأن الألم مؤقت فقط - إنهم مستثمرو الشراء والاحتفاظ الذين يركزون بشكل أكبر على الدخل الذي يحصلون عليه من كوبونات السندات بدلا من تحركات الأسعار في المدى القصير في هذه الأصول.
قال جاك ماكنتاير، كبير مديري المحافظ في شركة براندي واين جلوبال: "إذا كنت مستثمرا في السندات طويلة الأجل، فهذا مؤلم. لدينا استثمارات فيها وقد كان الأمر مؤلما".
"أعتقد أن ما يحدث في سوق السندات هو إيجابي صاف للعقد المقبل. في الواقع، سيكون لدينا دخل في العقد المقبل. الوقت في مصلحتك، بسبب الدخل. قد يكون الأمر مؤلما الآن، لكن إذا صمدت، فسيوجد هذا فرصا".