اتجاه انسحابي عالمي .. هوليوود تنكمش
هل تستعد شركة ديزني لتوديع الهند؟ يفكر بوب إيجر، رئيس شركة الترفيه الأمريكية العملاقة، في إجراء تغيير كبير في الاستراتيجية عبر بيع كل أعماله في الهند أو جزء منها.
دخلت "ديزني" الهند لأول مرة عن طريق مشروع مشترك في التسعينيات، عندما كانت تحقق نجاحا كبيرا من أفلام ضخمة، مثل "علاء الدين" و"الجميلة والوحش". في الآونة الأخيرة، أصبحت الهند جزءا مهما من رهان إيجر الكبير على البث المباشر بعد أن استحوذ على شركة ستار التلفزيونية المملوكة لروبرت مردوخ في 2019.
لكن "ديزني" تواصلت أخيرا مع صندوق بلاكستون ومستثمرين آخرين لقياس مدى اهتمامهم بشراء حصة في ذراعها الهندية، وفقا لتقارير أكدتها "فاينانشيال تايمز".
لقد ضاع إلى حد ما انسحاب "ديزني" المحتمل من أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان في قائمة طويلة من الأمور التي يحتاج إيجر إلى اتخاذ قرارات بشأنها ـ مثل اختيار خليفته، وفاتورة مقبلة لشراء حصة أقلية في خدمة البث المباشر هولو تقدر قيمتها بما لا يقل عن تسعة مليارات دولار، والهجوم الأخير من المستثمر الملياردير الناشط نيلسون بيلتز.
لكنه دلالة على تراجع عالمي أوسع من جانب هوليوود. ربما تلغي شركة باراماونت، المالكة لاستوديو الأفلام الذي يحمل اسمها، خططها لإطلاق خدمة البث المباشر الخاصة بها في الهند، وفقا لبلومبيرج. وألمحت شركة وارنر برذرز ديسكفري، إلى تحذير مشابه بشأن إطلاق خدمة البث ماكس في دول مثل الهند.
صرح جيه بي بيريت، المدير التنفيذي لـ"وارنر برذرز ديسكفري"، أخيرا في مؤتمر عقد في بالي، بأن الشركة ستدخل في شراكة مع الموزعين المحليين في الأسواق التي تكون فيها إيرادات المشتركين "منخفضة للغاية" أو مزدحمة "بعدد كبير من اللاعبين الآخرين، الذين (...) يخسرون أموالا كثيرة".
يشكل هذا انعكاسا عن التفكير السائد بين مجموعات الإعلام الأمريكية قبل بضعة أعوام فقط، عندما كانت جميعها تحاول تكرار دليل عمل شركة نتفليكس.
كان العالم خارج الولايات المتحدة دائما جزءا أساسيا من استراتيجية "نتفليكس". ومع دخول شركة التكنولوجيا إلى هوليوود بشكل قوي، ما أثار قلق الشركات التي كانت تدير أعمال الترفيه لفترة طويلة، تحدث المسؤولون التنفيذيون في "نتفليكس" في كثير من الأحيان عن أهمية دول، مثل البرازيل أو كوريا الجنوبية، حيث كانت تستثمر بكثافة في المحتوى باللغات المحلية.
كانت الاستراتيجية تتمثل في العمل على نطاق واسع: إنفاق أموال كثيرة على إنتاج البرامج التلفزيونية، ثم بثها في مئات الدول حول العالم. ساعد هذا على تبرير مقدار الأموال التي كانوا ينفقونها. إذا دفعت "نتفليكس" 20 مليون دولار لإنتاج برنامج تلفزيوني، فسيتم تقسيم النفقات على الأقل بين عدد أكبر من المشتركين.
حاولت المجموعات الإعلامية الأمريكية القائمة في البداية أن تحذو حذوها. لكن سلسلة من التحديات -مثل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والسوق المالية غير الصبورة- دفعتها إلى تقليص هذه الطموحات.
كما تبين، فإن إنتاج البرامج التلفزيونية في دول مختلفة يستغرق وقتا طويلا ومكلفا، وقد يكون من الصعب تنفيذه تنفيذا صحيحا. كان لدى "نتفليكس" ميزة كبيرة. تولت هذه المهمة خلال عصر كانت فيه وول ستريت تدعم إنفاقها الكبير، بل متحمسة له. في الواقع، المسلسلان "سكويد جيم" و"لوبين" هما عملان من عصر أسعار الفائدة المتدنية للغاية.
لم تحصل الشركات القائمة على التساهل نفسه. تتمحور النسخة الحالية لهوليوود حول تحقيق الربح. ليس من المستغرب إذن أن تستكشف "ديزني" خيارات للهند، حيث يدفع المشتركون فيها في المتوسط 59 سنتا فقط شهريا.
عملت "ديزني" في الهند لعقود من الزمن، لكنها تعمقت في البلد عبر استحواذها الضخم على شركة فوكس، التي كانت شركة روبرت مردوخ ستار إنديا ضمن أصولها، والتي أمضى وأبناؤه عقودا في بنائها في سوق الإعلام سريعة النمو.
كان هذا بمنزلة نعمة لسعي إيجر الأولي نحو البث المباشر. أسهمت "ستار إنديا" في عدد كبير من المشتركين الأوائل، ما أدى إلى تضخيم أرقام بث ديزني، في وقت كان فيه المستثمرون مهووسين بإضافات المشتركين. لكن بعد أعوام قليلة، ومع تركيز السوق على الربح، بدا هؤلاء المشتركون في الهند من ذوي الأجور المنخفضة أقل قيمة. وما زاد الطين بلة، أن "ديزني" فقدت العام الماضي حقوق بث مباريات الكريكيت في الدوري الهندي الممتاز، ما دفع ملايين الأشخاص إلى إلغاء اشتراكاتهم.
ومع سعي بيلتز إلى الحصول على مقاعد "متعددة" في مجلس إدارة ديزني، يتعرض إيجر لضغوط لخفض التكاليف بشكل أكبر. في ظل هذه الخلفية، فإن خسارة المال في الهند لمدة خمسة أعوام أخرى ليس بالأمر المغري.
يبدو أن تيد ساراندوس الرئيس التنفيذي لـ "نتفليكس"، لاحظ تراجع منافسيه. قال ساراندوس في مؤتمر عقد الأسبوع ما قبل الماضي: "عندما بدأنا فعل ذلك لأول مرة، اعتقدت أنه من غير الطبيعي أن يكون نحو 80 في المائة من مشاهدة التلفزيون حول العالم عبارة عن محتوى أمريكي، ونمثل 5 في المائة تقريبا من السكان". لكنه أضاف أن البث المباشر عمل "صعب" و"عليك قيادته على نطاق واسع". "من الصعب حقا على الشركات القديمة التعامل مع ذلك".