الطيران يتحسن .. ويندر أيضا

الطيران يتحسن .. ويندر أيضا

حدث أمر غريب في طريق عودتي إلى لندن في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عندما وصلت إلى طابور الفحص الأمني في مطار مالبينسا في ميلانو.
وأنا أهم لإخراج حاسوبي الشخص والمواد السائلة لتفتيشها، الخطوة المعقدة والمملة المعتادة، صرخت إحدى المسؤولات، "لا!".
قالت لي إن المطار يحتوي الآن على آلات مسح ذات تكنولوجيا فائقة لذا يمكنني إبقاء كل شيء داخل حقيبتي.
فوجئت بذلك. لقد مر 17 عاما منذ أن أدى إحباط مخطط إرهابي لتهريب قنابل سائلة مخفية في عبوات مشروبات غازية إلى فرض الحد المثير للغضب الذي يبلغ 100 ملليتر من السوائل التي يمكن حملها في الأمتعة اليدوية. كانت هذه أول لمحة للعودة إلى شيء من الحياة الطبيعية التي تظهر شيئا فشيئا حيث تستخدم المطارات حول العالم آلات مسح مثل التي في ميلانو.
لم تكن هذه المفاجأة السارة الوحيدة التي مررت بها في الطيران هذا العام.
تعد تطبيقات الخطوط الجوية التي تريك ما إذا كانت الطائرة التي تنتظر ركوبها قد هبطت أم لا تزال على بعد 500 ميل تحسنا كبيرا. يمكن أن تنضم إليها قريبا طرق جديدة لتتبع الأمتعة المفقودة.
كانت الحاجة إلى مثل هذه الأمور واضحة في كارثة الأمتعة الكبيرة العام الماضي، عندما تأخرت 26 مليون حقيبة أو فقدت أو تضررت بسبب صناعة الطيران المتضررة من الجائحة.
إذا كنت تصدق مجموعات مثل سيتا، مجموعة تكنولوجيا الطيران، فيمكنك قريبا معرفة أن حقيبتك مفقودة قبل أن تدرك ذلك.
بدلا من الهبوط والانتظار حول سير الأمتعة لحقيبة ليست موجودة، ثم الاصطفاف للتبليغ عن فقدانها، سيتلقى المتضررون تنبيها مباشرا بشأن حقائبهم المفقودة، كما أخبرتني أخيرا نيكول هوج، رئيسة الأمتعة في سيتا. ثم سيسألون عبر الإنترنت عن المكان الذي يريدون أن ترسل إليه الحقائب. "يمكنك أن تعرف كم سيستغرق وصول البيتزا إلى منزلك. يجب ألا يكون الأمر مختلفا فيما يتعلق بحقيبتك"، كما قالت. وأضافت هوج أن إحدى الخطوط الجوية الأسترالية كانت تجرب النظام، لكن خطوط جوية أخرى تنضم إليها.
كل ذلك مبهج، باستثناء أمر واحد. بينما يمر الطيران بموجة نادرة من التحسينات، فإن القلق من تأثيره في المناخ يدخل مرحلة جديدة.
دعا جين-مارك جانكوفيتشي، خبير فرنسي في المناخ، هذا العام إلى ما أظنه أمرا لا يحظى بشعبية كبيرة بأن يوضع حد للسفر بحيث يكون لكل شخص أربع رحلات فقط خلال حياته. لكن عندما سأل مستطلعو الآراء الفرنسيين عن رأيهم بالفكرة، قال 41 في المائة إنهم مؤيدون لها. ارتفع الرقم إلى 59 في المائة للأشخاص الذين بلغت أعمارهم 18-24 عاما، مستهلكي - ومصوتي - المستقبل.
من المفترض ألا يكون هذا مفاجئا. في الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، مررت بثلاثة أشخاص قلقين من السفر لأسباب مرتبطة بالمناخ، أو ببساطة يرفضون ذلك. لم تزر أم في إنجلترا أطفالها في أستراليا، وكان هناك أب قلق بشأن رؤية ابنه في آسيا.
كان جانلوكا جريمالدا، باحث في المناخ في معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، حديث عناوين الأخبار العالمية بعد أن قال إن وظيفته معرضة للخطر بسبب رفضه السفر إلى موطنه من بابوا غينيا الجديدة في فترة وجيزة، حيث أنهى لتوه ستة أشهر من العمل الميداني.
بعد أن انتظر سفينة شحن في بوغاينفيل الأسبوع الماضي، أخبرني أن عقده قد أنهي وكان يخطط للطعن في قرار الإنهاء. قال معهد كيل إنه لم يعلق على شؤون الموظفين، لكنه وافق مبدئيا على دعم طريق سفره البطيء لهذه الرحلة ورحلات أخرى.
لكن المعهد واجه كثيرا من الشكاوى ممن تبين أنهم عدد كبير من داعمي جريمالدا.
يؤكد كل هذا أحد أكبر المفاهيم المغلوطة عن الطيران: إنه أندر مما تظن.
لم يسافر إلا 11 في المائة من سكان العالم في 2018، وفقا لباحثين. وسافر 2-4 في المائة منهم فقط إلى الخارج وكان معظمهم على استعداد للسفر مرة في العام. يقدر أن تشكل مجموعة صغيرة من المسافرين الدائمين، نحو 1 في المائة من سكان العالم، 50 في المائة من انبعاثات الخطوط الجوية التجارية.
يجب أن يتمتع كل منهم بأي تقدم في مجال الطيران، مهما كان طفيفا. قد يمثل الطيران أقل من 3 في المائة من انبعاثات الكربون، لكن من الصعب إزالة الكربون وقطاع الطيران ينمو.
إذا أصبحت الحكومات المهتمة بالمناخ جادة بشأن جعل الرحلات الجوية أكثر ندرة أو باهظة الثمن، فإن عددا كبيرا من الناس لن يهتموا بذلك على الإطلاق.

الأكثر قراءة