الرؤساء التنفيذيون والمؤثرون ينقلون علاماتهم التجارية إلى لينكد إن
يقول المسوق زين خان إنه يكسب أكثر من مليون دولار سنويا من إيرادات الإعلانات، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مئات الآلاف من متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنه لا يدفع بالمنتجات إلى المعجبين على تيك توك وإنستجرام، حيث يعد خان واحدا من سلالة جديدة من "المؤثرين" على منصة مختلفة تماما: لينكد إن.
شيد خان قاعدة متابعين قوية على الموقع قوامها 772 ألف متابع في غضون عام واحد تقريبا، وهو لا يجني المال مباشرة من لينكد إن، ولكنه يستخدمه في المقام الأول للترويج لنشرته الإخبارية حول الذكاء الاصطناعي، التي تجذب المعلنين. ويقول: "جمهور المتابعين على منصة لينكد إن أكثر قيمة من المنصات الأخرى بكثير".
لقد أصبحت منصة التواصل المهنية المملوكة لشركة مايكروسوفت، التي كانت ذات يوم موطنا للبحث عن الوظائف والتواصل فقط، مكتظة بعديد من مستخدميها البالغ عددهم 930 مليونا، الذين يشاركون عليها محتوى يركز على الحياة المهنية، وفي الأغلب ما يكون عن الطموح، على أمل بناء عدد كبير من المتابعين.
في البداية، يحاول الآن نطاق من نخبة أقطاب الأعمال مثل ريتشارد برانسون والمسوقين الأقل شهرة، ورواد الأعمال في مجال التكنولوجيا وحتى المبدعين مثل مغني الراب الأمريكي سنوب - الاستفادة من المنصة.
ولفت نجاحهم في جذب عدد كبير من المتابعين انتباه بعض الرؤساء التنفيذيين البارزين، الذين يحاولون الآن بناء علامات تجارية شخصية على المنصة وتعزيز صور شركاتهم.
يقول دان شابيرو، مدير العمليات في لينكد إن: "نتلقى كما هائلا من الأسئلة حول كيف يمكنني، كقائد في الإدارة العليا، أن أظهر بطريقة تضفي هالة على شركتي؟ هناك طلب متزايد على المشورة... يدرك المديرون التنفيذيون أن العلامة التجارية لشركتهم في الأغلب ما تكون لها علاقة كبيرة بكيفية النظر إليهم".
وقد نشأت سوق لتقديم المساعدة، حيث يقدم المستشارون والوكالات والمستشارون الداخليون وأخصائيو العلاقات العامة المشورة للرؤساء التنفيذيين حول كيفية الاستفادة من منصة لينكد إن.
ويوضح كريج مولاني، الشريك في شركة برونزويك جروب للعلاقات الصحافية، أن منصة لينكد إن أثبتت أنها متفردة كأقوى قناة في الاتصالات لبعض الرؤساء التنفيذيين الذين تعمل معهم. "في الأزمات، عادة ما يكون هذا هو الوقت الذي يصعب فيه على الرئيس التنفيذي إيصال وجهة نظره، خاصة إذا كانت وسائل الإعلام لا تتفق مع وجهة نظره. لذلك تعمل لينكد إن، كقناة مباشرة تربطهم مع موظفيهم ومستثمريهم".
في العام الماضي، مثلا، عندما وقع حادث إطلاق نار جماعي في متجر وول مارت في تشيسابيك بولاية فرجينيا، على يد موظف استهدف زملاءه، لجأ دوج ماكميلون، الرئيس التنفيذي لشركة التجزئة، إلى موقع لينكد إن لتقديم الدعم للمتضررين وطمأنة الموظفين.
ومن الفوائد الأخرى لامتلاك منصة على لينكد إن، القدرة على جذب الموظفين. فوفقا لتقرير صدر عام 2022 من قبل شركة برونزويك، عندما يجري المتقدمون بحثا عن شركة قد ينضمون إليها، فإنهم ينظرون أولا إلى موقع الشركة على الإنترنت، ثم إلى الصفحة الخاصة بالرئيس التنفيذي على لينكد إن.
وأصبح إنشاء ملف تعريف على المنصة أسهل بفضل العدد الصغير نسبيا من "المؤثرين" –الذين يعرفون أيضا بمنشئي المحتوى- ما يجعلها أقل تنافسية. وفي الوقت نفسه، فإن قاعدة المستخدمين ملتزمة. يقول لو باسكاليس، خبير الإعلانات والرئيس التنفيذي لشركة أيه جيه إل الاستشارية: "لن يتحدى أحد لينكد إن أبدا، لأن شبكتنا بأكملها موجودة فيها".
وفي حين أن الهدف الرئيس للرؤساء التنفيذيين على لينكد إن هو صياغة صورتهم المؤسسية، فإن المؤثرين الذين يتطلع الرؤساء إليهم للحصول على النصائح يحولون المنصة إلى مصدر رزق، ويحققون الدخل من الجماهير بشكل غير مباشر من خلال صفقات العلامات التجارية والحفلات الخطابية والنشرات الإخبارية والدورات التدريبية المدعومة بالإعلانات.
مطلقا على نفسه اسم "رجل الذكاء الاصطناعي"، يقدم خان نصائح عملية، في الأغلب على شكل قائمة، حول كيفية استفادة المحترفين من اتجاهات الذكاء الاصطناعي وأدواته الجديدة. إحدى منشوراته الأكثر شعبية، "15 تعليما قويا على تشات جي بي تي لتوفر عليك 15 ساعة في الأسبوع"، حصدت أكثر من 15 ألف إعجاب، ومئات التعليقات وإعادة النشر.
ومن أسباب اختياره لمنصة لينكد إن هو ملف تعريف المستخدم. فعلى موقع X، تويتر سابقا، يميل جمهوره إلى أن يكون أصغر سنا وأقل احترافية. لكن على موقع لينكد إن، كما يقول: "يحققون حدا معينا من الدخل، لذا فإن لديهم قوة شرائية، وهم أيضا صانعو قرار. إن بناء الجمهور يأخذك من نقطة تطارد فيها الفرص إلى حيث هي تطاردك".
بالنسبة للاعب البيسبول ساهيل بلوم الذي تحول إلى رائد أعمال، فإن لينكد بالمثل أكبر مصدر للمشتركين في رسالته الإخبارية، التي تجني ما بين 60 ألف دولار و70 ألف دولار شهريا من الإعلانات. كما أن المنصة تولد عملاء محتملين لشركاته الأخرى، التي تشمل وكالة للعلامات التجارية الشخصية وتصميم مواقع الإنترنت. يقول بلوم: "إن لينكد إن في المراحل الأولى من إدراك قوتها كشبكة اجتماعية".
وبالنسبة للذين يبحثون عن الشهرة على الإنترنت دون الاستهزاء والانتقادات اللاذعة التي في الأغلب ما تأتي معها، توفر منصة لينكد إن مساحة أكثر أمانا من المنافسين مثل X، وفقا للمستخدمين. وهنا يضيف بلوم: "بوصفي شخصا يفتخر بتنمية منصته من خلال مشاركة محتوى إيجابي ودون إثارة السلبية أو الغضب أو الجدل، فإن هذا مقنع بالنسبة لي بشكل خاص".
جريتشن روبين، مؤلفة الكتب الأكثر مبيعا التي تكتب عن الإدارة الذاتية والمهن، لديها ما يقرب من ثلاثة ملايين متابع على المنصة، لكنها تقول: إنها "لم تتعرض قط للهجوم أو واجهت تجربة سلبية من هذا القبيل". وتصف المنصة بأنها "مصدر مجاني رائع" لعملها، مضيفة: "أشعر أن العالم هو مساعدي البحثي".
ومع ذلك، فإن موقع لينكد إن ليس مناسبا للجميع، إذ يشكو البعض من افتقاره إلى تجربة المستخدم، فضلا عن القدرات التحليلية، في حين أنها موطن للمحتالين المحنكين، وهو ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى إصدار تحذيرات حول ذلك.
وفي الوقت نفسه، فإن ميل بعض المستخدمين إلى نشر خطابات الشركات البراقة والشعارات التحفيزية الحماسية قد أثار الانتقادات بوصفه تجسيدا "للإيجابية السامة" على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد ظهرت صيغة شائعة، حيث يصف المستخدمون بموجبها كيف تغلبوا على الشدائد ووجدوا النجاح، في الأغلب بخطاب ملهم بليغ، الأمر الذي أدى إلى إصدارات ساخرة من الكوميديين والسخرية من الحسابات على منصة X، مثل "ذا ستيت أوف لينكد إن". واعترض مستخدمو أحد منتديات موقع ريديت المخصص لمحتوى لينكد إن "الذي لا يطاق" عند إطلاق صفحة سنوب دوج على المنصة.
تعمل منصة لينكد إن، التي زادت إيراداتها بنسبة 8 في المائة هذا العام، على تشجيع منشئي المحتوى. وأضافت إمكانات وصيغ جديدة مثل الصوت والبث المباشر بالفيديو والنشرات الإخبارية. ولديها فريق إخباري ومنشئو محتوى، بقيادة مدير التحرير السابق لمجلة فورتشن دان روث، الذي يتكون من أكثر من 200 صحافي ومحرر يساعدون في الترويج والإشراف على موجز للنقاشات المهنية.
وبدأت المنصة أخيرا بمبادرة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد بداية للنقاشات، ثم تطلب من الخبراء المعنيين إضافة تعليقاتهم ومساهماتهم.
يقول مولاني: "ما يميز لينكد إن حقا هو أن لديهم وظيفة تحريرية. عندما يكون لدى أحد المسؤولين التنفيذيين أخبار من المهم سماعها، وإذا كانوا يعملون مع لينكد إن وفريق التحرير، فهناك جميع أنواع الأدوات التي يمكن للفريق استخدامها لتحقيق وصول حقيقي". واستشهد بأمثلة مثل وضع منشئي المحتوى في التوصيات والإشعارات التلقائية وقسم الأخبار.
ويشيد مستخدمون آخرون، مثل مصمم الملابس جيسون مايدن، بالمنصة لتعزيز التنوع ورواد الأعمال السود، حيث فشل الآخرون في ذلك.
ويقول مايدن، أحد أبرز الأصوات على منصة لينكد إن، الذي ينشر على حسابه الذي ينشر لمتابعيه الذين يبلغ عددهم عشرة آلاف حول عمليته الإبداعية ومساره الوظيفي: "لقد وجدت على لينكد إن، نظرا لوجود مستوى من الذكاء فيما أقوم به، أن المنصة تتيح لي عرض ذلك دون تصنيفي حصريا في فئة واحدة. أما مع المنصات الأخرى، فأنت تحت رحمة خوارزمية تضعك في فئة معينة".