الهند ممتنة لـ "واتساب" .. وميتا تقبض الثمن

الهند ممتنة لـ "واتساب" .. وميتا تقبض الثمن

"مرحبا مومباي"، هكذا صرخ مارك زوكربيرج رئيس ميتا في مؤتمر ضخم الشهر الماضي حول عروض واتساب التجارية. وتابع ووجهه متوهج عبر رابط فيديو عملاق: "إنني متحمس بشكل خاص لاستضافة حدث هذا العام في الهند. إنكم تقودون العالم من حيث كيفية تبني الأشخاص والشركات للمراسلة بوصفها الطريقة الأفضل لإنجاز الأمور".
ربما يكون زوكربيرج قد خاطب جمهورا يبلغ عدده ألف شخص من مينلو بارك، لكن الهند لها مكانة خاصة في إمبراطوريته التجارية الرقمية. حيث تراهن شركة واتساب، خدمة المراسلة التي استحوذ عليها في 2014 في صفقة قيمتها 16 مليار دولار، على أن الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم تمثل واحدة من أفضل فرصها لكسب بعض المال أخيرا.
لم تكن رحلة تطبيق واتساب في الهند سهلة، بعد أن واجه انتقادات لكونه منصة للمعلومات الخاطئة سريعة الانتشار. ولكن عندما يتعلق الأمر بالرسائل التجارية، فقد وجدت المنصة "طاقة غير مسبوقة"، كما قالت سانديا ديفاناثان، رئيسة شركة ميتا في الهند، خلال كلمتها.
إن هذا ليس مجرد ضجيج في وادي السيليكون. حيث بإمكانك أن ترسل صورة وصفة طبية إلى الصيدلي المحلي لديك عبر تطبيق واتساب، وتصل الأدوية إلى باب منزلك. يتلقى بائعو البقالة الطلبات على المنصة، وهو نظام نشأ خلال الإغلاقات الصارمة في الهند ويساعدهم الآن على التنافس مع انتشار تطبيقات التوصيل.
كانت الهند أيضا بمنزلة حقل اختبارات لتجربة الرسائل التجارية. ففي 2020، قامت شركة ميتا باستثمار استراتيجي قيمته 5.7 مليار دولار في الوحدة الرقمية التابعة لقطب الأعمال موكيش أمباني، ريلاينس إندستريز. ولدى المجموعة الممتدة من مجال النفط إلى البيانات طموحات كبيرة في مجال البيع بالتجزئة، وفي العام الماضي أطلقت علامتها التجارية للتجارة الإلكترونية، جيومارت، خدمة لتسوق البقالة عبر تطبيق واتساب، وهي الأولى من نوعها بالنسبة إلى المنصة.
بينما لم تكشف أي من الشركتين عن عدد الأشخاص الذين يستخدمون خدمة جيومارت، أعلنت واتساب في مومباي أنها ستوفر ميزات مشابهة لشركات أخرى. وكان الكشف الكبير الآخر لزوكربيرج هو خاصية جديدة تسمح للعملاء الهنود بإجراء الدفعات داخل تطبيق واتساب دون الحاجة إلى فتح تطبيق جديد أو صفحة إنترنت - وهي خدمة تم طرحها بالفعل في البرازيل وسنغافورة.
وعبر هذا المخزون الجديد من الميزات، تريد ميتا تحويل ألفة الهند لاستخدام واتساب إلى إيرادات. وهذا ليس بالأمر السهل: فالطريقة التي تستخدم بها المتاجر المحلية المنصة تعني أنها لا تدفع مقابلها، والإصدار التجاري من التطبيق مجاني. وتفرض شركة واتساب رسوما على أعضائها التجاريين كاملي العضوية مقابل الرسائل التي يرسلونها إلى العملاء، وعادة ما يكون ذلك على نطاق أوسع بكثير - مثلا، خدمة حجز تذاكر المترو في بنغالورو. رغم أن كل رسالة تمثل جزءا صغيرا من الروبية، إلا أنها تضيف قيمة. لذلك ستحتاج ميتا إلى إقناع الشركات بأنها قادرة على تحفيز المبيعات عبر التسويق الذكي، ودمج فيسبوك وإنستجرام، وفي الوقت نفسه توفر المال من خلال السماح لروبوتات الدردشة بتولي بعض خدمات العملاء.
أعجب شري خاندوالا، أحد هؤلاء العملاء في المؤتمر بالفكرة. فقد كانت القاعة ذات الإضاءة الأرجوانية تضج بأصوات الطائرات دون طيار وجهاز الطبلة الكهربائي، وبينما كان الشاب البالغ من العمر 25 عاما يتجول بين أكشاك الشركات التي ظهرت لاستخدام تطبيق واتساب. كان يريد شريكا يساعده على تحسين الخدمات التي تقدمها شركته المختصة ببيع المجوهرات والإكسسوارات عبر الإنترنت، ميزميرايز، التي تستخدم تطبيق واتساب في الحملات التسويقية ودعم العملاء.
على الرغم من أهمية تطبيق واتساب لشركة خاندوالا، إلا أنه يقول: "أود بالتأكيد أن أقول إنه مكلف. ليس الأمر كما لو أنها قناة رخيصة ولا يمكننا الاستمرار في إمطار العملاء بالرسائل بلا نهاية دون أن نقلق حقا بشأن التكلفة التي نتكبدها". ويقدر أن الحملة التسويقية التي تستهدف 100 ألف شخص ستكلف ما لا يقل عن 72 ألف روبية - نحو 859 دولارا. وأشار أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال التوصيل عبر الإنترنت في المؤتمر إلى أنه يمكنه استخدام تطبيقه الخاص للتسويق مباشرة على هواتف العملاء، متجاوزا بذلك تلك النفقات.
لكن خاندوالا متمسك بتطبيق واتساب رغم التكلفة. حيث يقول: "جزء كبير مما نحن عليه اليوم وما تمكنا من الوصول إليه هو بفضل ميتا".

الأكثر قراءة