«امرؤ القيس شاعر الغزل» .. رحلة ثقافية تفاعلية في الدرعية
اختتمت وزارة الثقافة فعاليات مهرجان "امرؤ القيس شاعر الغزل" الذي نظمته في الرابع من أكتوبر الجاري في محافظة الدرعية ضمن مبادرات "عام الشعر العربي 2023"، وبدعم من برنامج جودة الحياة "أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030"، الذي وفر تجربة ثقافية وسط حضور كثيف وإقبال متزايد، ليسهم بذلك في تعريف المجتمع المحلي بشخصية امرئ القيس المولود عام 497 في الجزيرة العربية، والمتوفى عام 544 نتيجة إصابته بمرض الجدري، وبرز وظهر في عصر ما قبل الإسلام، آخذا مكانة رفيعة جعلته واحدا من أشهر شعراء العرب.
وأخذ المهرجان زواره في رحلة ثقافية تفاعلية على مدى 11 يوما متتاليا مسلطا الضوء على سيرة وحياة الشاعر عبر حزمة من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تجسد حياته وتعيد إحياء قصائده بقالب إبداعي، وتحاكي ثقافة المنطقة في تلك الفترة الزمنية، من أبرزها "معرض الشاعر" الذي عرض أعمالا فنية وأشكالا مختلفة للتعبير والإبداع مرتبطة بالمعلقات السبع، وركنا مخصصا للتوثيق البصري، مركزا على الشعراء وأشعارهم والمحيط الذي عاشوا فيه عبر مواد مرئية متميزة في منطقتين، أولاهما للعرض المرئي، والأخرى للعرض التفاعلي.
وأما منطقة الأطفال فقد ضمت أربعة أركان، هي: الراوي، والتلوين، والجدارية التفاعلية، والخطاطة، إلى جانب عديد من الفعاليات مثل مسرح العرائس، وركن التصوير، وورش تدريبية للأطفال في إلقاء الشعر، التي عززت من ثقتهم وطلاقتهم اللغوية أمام الجمهور. وأما منطقة "السوق" فقد تعرف من خلالها مرتادو المهرجان على مجموعة من الحرف اليدوية على أيدي حرفيين وحرفيات متميزين، مرورا بأكشاك الحرف اليدوية التي ضمت أربع حرف، وهي: صناعة الورق، وحرفة الخوص، وصناعة الفخار، وصناعة الحلي، مجسدا بذلك الأسواق التقليدية في عصر الشاعر امرئ القيس، عبر المزج بين أصداء الشعر وسحر التجارة، ليقدم تجربة غنية للزوار تجمع بين الثقافة والتراث.
كما شهد المهرجان تقديم أنشطة تفاعلية حفزت الزوار على المشاركة، من أبرزها فعالية "الشعر بين السمع والنظر"، وفعالية "وصف الناقة والخيل" التي تنافس فيها الزوار على وصف الناقة والخيل كما كان يفعل الشعراء في السابق، وفتحت هذه المسابقة المجال للزائر بالاعتماد على شعر امرئ القيس. واستضافت فعالية "أبيات وأسماء عبر الخطوط" أشهر خطاطي اللغة العربية للكتابة بشكل مباشر أمام الجمهور. وأما فعالية "من أكون" فقد جمعت الزوار في حلقة حول ممثل يجسد في كل مرة دور شاعر من شعراء المعلقات السبع.
وقدمت فرق سعودية خلال المهرجان عروضا موسيقية حية تنوعت في محتواها بحسب أنواع الغناء التقليدي في المنطقة الوسطى، ليحقق بذلك الاختلاف في نمط الموسيقى التقليدية، ويرضي الذائقة السمعية لمختلف الفئات العمرية، وذلك لـمد جسور التواصل بين الأجيال عبر طابع موسيقي تقليدي. وأما مسرح الشاعر فشهد إقامة الأمسيات الشعرية لنخبة من الشعراء، لإيصال مضامين الشعر العربي القديم إلى الجمهور، وتحديدا قصائد امرئ القيس، كما أقيمت مسابقة شعرية بدأت بقراءة بيت للشاعر امرئ القيس، إلى جانب تنظيم ندوات علمية تناولت محاورها شيئا من سيرة امرئ القيس وشعره، وآليات الاستثمار الثقافي والإبداعي في الشعر العربي القديم وشعراء جزيرة العرب.
وتخلل المهرجان مجموعة من ورش العمل التي استمرت طيلة فترة أيام المهرجان، كان أبرزها ورشة "إلقاء الشعر" التي قدمها خبير في هذا المجال معتمدا على معلقة الشاعر امرئ القيس، وأخرى في "كتابة القصائد" حيث قام من خلالها المشاركون بتحليل معلقة شاعر المهرجان، وأسلوب كتابته، وأما في الورشة الثالثة "الشاعر في عيون الرسامين" فقد قدم رسامون مبدعون لوحات فنية ثنائية الموضوع.