الخدمات السحابية .. طريق وعر أمام منظمي التكنولوجيا
بينما يحاول المنظمون حول العالم التعامل مع المنافسة غير المتكافئة في عالم الحوسبة السحابية، يواجهون خيارا صعبا. ستستلزم محاولة فتح السوق السحابية تدخلات أكثر دقة من تلك التي نراها في أسواق التكنولوجيا الأخرى، كما ستتطلب أمورا مثل ضوابط الأسعار ووضع قواعد تقنية مفصلة.
أما عدم فعل شيء فليس بخيار. وفقا لشركة الأبحاث جارتنر، إن الحوسبة السحابية تمثل بالفعل ما يقارب خمس الإنفاق العالمي في تكنولوجيا المعلومات وستكون مسؤولة عن معظم النمو في المستقبل القريب، وستتوسع 20 في المائة في العام لتصل إلى 1.1 تريليون دولار بحلول 2027. معظم ذلك يقع بين يدي خدمات أمازون على شبكة الإنترنت ومايكروسوفت، ولا تزال جوجل بعيدة في المرتبة الثالثة.
هناك قوى قوية تفضل السوق المركزة. يتمتع عمالقة مزودي الخدمات السحابية، الذين يعرفون في الصناعة بضخامتهم، بوفورات حجم هائلة. كما يشتري أكبر العملاء مجموعة من الخدمات السحابية تحتاج كثير منها إلى الدمج، ما يجعلهم معتمدين على أكثر المزودين تقدما في حين يجعل ذلك التحول إلى المنافسين أمرا بالغ التعقيد وصعبا.
حتى عندما يطلب العملاء صفقة أفضل – كما حدث على مدى العام الماضي حيث أدى التقشف في الشركات العامة إلى سعي الكثير لإيقاف الإنفاق السحابي الجامح – وجدت شركات التكنولوجيا الكبرى طريقة لتحقيق المكاسب. كان أحد الأساليب على سبيل المثال إرضاء العملاء بعرض خصومات كبيرة – لكن فقط إذا وقعوا عقودا تضمن مستوى محددا من الأعمال المستقبلية. قد يجلب هذا المدخرات، لكنه أصبح أداة قوية لمنع التحول.
أما الأساليب المتداخلة مع كل هذا، حسب مجموعة متزايدة من المنظمين، هي التي استخدمتها شركات تكنولوجيا المعلومات منذ فترة طويلة للحفاظ على عملائها. يزيد التحول من النفقات، أما الفوارق التقنية فتجعل من الصعب للعميل التحول أو تجعله أكثر تكلفة.
المنظمون في المملكة المتحدة هم الأحدث في التعامل مع هذه القضايا، حيث بدأوا تحقيقا رسميا بشأن أمازون ومايكروسوفت. يجعلهم ذلك متقدمين على الولايات المتحدة، التي بدأت مراجعة الحوسبة السحابية في وقت مبكر من هذا العام، لكنهم وراء الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ في استخدام قانون البيانات بالفعل لطرح قواعد جديدة لتعزيز المنافسة السحابية.
الخصومات الكبيرة هي إحدى الأساليب التي خصتها بالتدقيق، على الرغم من أنهم يقرون أنه سيكون من الصعب حظر انخفاض الأسعار دون إلحاق الضرر بالعملاء. لكن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ركزوا انتباههم بشكل أساسي على مجالين آخرين.
يتضمن الأول منع شركات الخدمات السحابية التي تستخدم رسوم نقل البيانات المضنية لتثبيط العملاء من نقل أعمالهم إلى الخدمات السحابية المنافسة. تدعو قواعد الاتحاد الأوروبي إلى حظر مثل هذه الرسوم تماما. قد تبدو هذه خطوة واضحة، لكن لا شيء في عالم الحوسبة السحابية المعقد يعد بسيطا لهذه الدرجة.
تعرضت خدمات أمازون على شبكة الإنترنت، مثلا، للنقد لفرضها رسوم على نقل العملاء للبيانات خارج خدمتها السحابية فقط، وليس عند نقلها إليها – تباين يبدو أنه صمم لإجبار المستخدمين على البقاء. لكن قد تكون هناك أسباب تجارية وجيهة. تقول خدمات أمازون على شبكة الإنترنت إنها لا تستطيع معرفة ما إذا كانت البيانات تصدر إلى شركة منافسة أو تستخدم في خدمات مثل بث الفيديو. إذا كانت للخيار الثاني فقد "يصدر" العملاء البيانات نفسها عدة مرات، ما يجعلها خدمة من المفترض الدفع لشركات الخدمات السحابية لأجلها.
يتضمن مجال العمل الثاني التشغيل المشترك، أو قدرة أنظمة الشركات المنافسة على العمل معا. في الوقت الحالي، تحد كثير من الفوارق التقنية من هذا، ما يجعل من الصعب على العملاء استخدام أكثر من مزود خدمات سحابية واحد.
من بين الحلول التي أدرجها منظمو المملكة المتحدة هي جعل بعض المعايير التقنية إلزامية – خطوة صارمة – أو حتى إلزام الشركات المنافسة ببناء روابط تواصل مباشرة بين مراكز البيانات لتسهيل نقل بيانات العملاء بحرية أكبر.
لكنهم يقترحون أنه ربما من الأفضل توجيه هذه الخطوة نحو المجالات الأكثر تفصيلا التي يبدو أن نقص التشغيل المشترك فيها ينقصه تبرير واضح.
هناك سوابق من مثل هذا النوع من التحكم التفصيلي في التشغيل المشترك التقني. بعد أن سوت الولايات المتحدة قضية مكافحة الاحتكار مع مايكروسوفت قبل أكثر من 20 عاما، خضعت شركة البرمجيات لأعوام من المراقبة التقنية لمنعها من استخدام الروابط التقنية في احتكارها لأجهزة الحاسوب للسيطرة على الأسواق الأخرى.
إذا مضى المنظمون في طريق التحكم في التفاصيل الإدارية الدقيقة للحدود بين مزودي خدمات الحوسبة السحابية المهيمنين، فسيواجهون وقتا صعبا في المستقبل. لكن في حين أن جزءا كبيرا من مستقبل تكنولوجيا المعلومات يكمن في أيدي قليل من هذه الشركات، فمن الأرجح أنه ليس لديهم خيارات كثيرة.