عمل المرأة .. مسار أكبر تعقيدا وكفاحا
أخبرتني كلوديا جولدن ذات مرة عن وقتها عندما كانت طالبة دكتوراه في الاقتصاد في جامعة شيكاغو "لم أكن مميزة على الإطلاق". لكن مع تقدم مسيرتها قالت، "شعرت بأن هناك مصابيح تضاء في عقلي". في التاسع من أكتوبر، كان توهج تلك المصابيح حقيقيا، حيث منحت جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل، "لأنها طورت فهمنا حول نتائج سوق عمل المرأة".
كانت جولدن ترى أن الرجال مملون نسبيا، كموضوع للدراسة على الأقل. فكفاحهم واحد لا يختلف، على عكس النساء اللاتي قد يتنقلن بين رعاية الأطفال، والكدح في أعمال العائلة، والكفاح في مكان آخر. لكن تلك التعقيدات كانت أصعب في القياس. مثلا، في عمليات التعداد السكاني التاريخية في أمريكا، كانت مهن النساء تدرج دون فائدة على أنها "زوجة" فقط. لذا شرعت جولدن في قياس عملهن قياسا صحيحا.
كان السيناريو المعتاد للتطور هو أنه كلما زاد ثراء الدول، تدفع النساء إلى سوق العمل. لكن عبر تجميع مجموعات بيانات مختلفة بعناية، أثبتت جولدن أن مسار أمريكا كان أكثر تعقيدا، وأن النمو في القرن الـ19 تزامن مع ابتعاد النساء عن الأعمال ما عدا العمل المنزلي.
لماذا؟ في البداية، كان الجمع بين الوظائف في المصانع ورعاية الأطفال أصعب من الخياطة في المنزل مثلا. وكان باستطاعة العائلات الأغنى تجنيب نسائها مهانة العمل الشاق. جادلت جولدن أن الشعور بالعار عزز ذلك، أو فكرة أنه "لا يسمح لزوجته بمثل هذا العمل إلا الزوج الكسول والخامل والمهمل لعائلته تماما". ثم تلاشت تلك الوصمة – كانت الأعمال المكتبية في القرن الـ20 أسهل وتتماشى مع فكرة الشريك الداعم.
تقدر جولدن أهمية الأعراف الاجتماعية، لكنها تؤكد أن القوى الاقتصادية يمكن أن تعززها أو تقوضها. أصدرت الشركات الأمريكية في الثلاثينيات سياسات بطرد النساء المتزوجات أو رفض توظيفهن. "الرجال أنانيون ويجب عليهم دعم زوجاتهم"، كما أوضحت إحدى المناصرات المعاصرات. لكن دعمت مستويات العطالة العالية هذه الآراء. ومع ضيق أسواق العمل في الخمسينيات، تم التخلي عن هذه السياسات التمييزية تقريبا.
إلى جانب التأثير في ثروات النساء الذي يتسبب به التغير في العرض والطلب على مهاراتهن، تبحث جولدن أيضا في آثار التقدم التكنولوجي. لم يكن جيدا دائما. اتسعت فجوة الأجور بين الجنسين مع ابتعاد النساء الأمريكيات عن الأعمال التي تدفع الأجور بحسب إنتاج الشخص وميلهن نحو الأعمال المكتبية التي من الصعب فيها مراقبة الإنتاجية. إن توافر حبوب منع الحمل في السبعينيات كان أمرا أكثر إيجابية. أظهرت جولدن، إلى جانب لورينس كاتز من جامعة هارفارد، كيف سمح انخفاض خطر الحمل غير المخطط له للنساء أن يستثمرن في التعليم بشكل أكبر ويؤخرن الزواج. (نظرا لأن كثيرا من النساء فعلن ذلك في الوقت نفسه، كان بوسعهم تأجيل الزواج دون القلق من اقتناص الأخريات للرجال العازبين المناسبين).
كانت التوقعات مهمة أيضا، حيث استثمرت النساء في تعليمهن في أواخر القرن الـ20 ترقبا لعوائد أعلى. لكن جولدن تجادل بأن بعض الفئات أخطأت في إسناد توقعاتها على ما فعلته الأمهات. قررت النساء اللاتي ولدن بين الخمسينيات والستينيات ما سيدرسن قبل رؤية عودة أمهاتهن للعمل مدفوع الأجر، فأدى ذلك إلى عدم كفاية استثمارهن.
لا يزال النساء يعملن ويجنين قدرا أقل من الرجال اليوم. جادلت جولدن في 2020 أن آخر موجة من الاستياء النسوي قد ركزت على "التحيز، وعدم المساواة في الأجور، وشفافية الرواتب، والمضايقات". النقطة الأولى ليست بغريبة عنها. وثقت، إلى جانب سيسيليا روس من جامعة برينستون، كيف زاد التحول نحو إجراء تجارب الأداء دون رؤية الشخص في فرق الأوركسترا في السبعينيات والثمانينيات عدد النساء اللاتي استطعن اجتيازها.
لكن بينما لا تعترض على وجود التمييز، تشك جولدن الآن في أن القضاء عليه سيحقق كثيرا. مع تحول الأعراف الاجتماعية وسقوط الحواجز الحقيقية، تقول إن معظم ما تبقى من الفجوات المبنية على الجنس التي تواجه النساء ذوات التعليم الجامعي هي نتيجة لشيء آخر. تكافئ ما تسمى "بالوظائف الجشعة" العمل على مدار الساعة وتتعارض مع حاجة الأمهات للوجود مع أطفالهن عند الحاجة. ربما ينبغي للرجال "التنحي" والسماح بأن تستنزف شريكاتهم بدلا عنهم.
قبل أن تصبح ثالث امرأة تحصل على أرفع جائزة في مهنتها، كانت جولدن أول امرأة ذات منصب في كلية الاقتصاد بهارفارد. لكنها في الأساس اقتصادية من كلية شيكاغو، ولو أنها تسأل أسئلة عادة ما ترتبط باليسار السياسي. يدل قبولها في كلا الطرفين على الأعوام الكثيرة التي قضتها في البحث الدقيق، والاحتفاء بها تأخر كثيرا.