هل يخوض جيل طفرة المواليد وجيل الألفية حربا شرسة؟
إذا كنت قد قضيت وقتا على الإنترنت في الأعوام القليلة الماضية، فستكون على دراية بفكرة أن جيل الألفية وجيل طفرة المواليد يخوضان حربا أهلية شرسة. جيل طفرة المواليد أنانيون ومحافظون، وجيل الألفية إيثاريون وتقدميون. ودون أسس مشتركة تذكر بينهما، من المقدر أن ينتهي المطاف بشباب اليوم وجيل آبائهم في معسكرين متعارضين بشأن كل شيء، من سياسة الإسكان إلى البيئة والسياسة.
هناك مشكلة واحدة: أن هذا في الواقع ليس صحيحا. بينما ننتقل من الحكايات والصور النمطية إلى البيانات التمثيلية، نجد تداخلا هائلا في المواقف والقيم بين الجيلين.
خذ على سبيل المثال الميول السياسية. وفقا للمعتقدات الشائعة، جيل الطفرة السكانية معارضون لأي تطوير في مجتمعاتهم المحلية. لكن دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية نافيلد في أكسفورد تشير إلى أنهم ليسوا كذلك.
في الواقع، البريطانيون الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما وأكثر يدعمون بناء مساكن جديدة بأسعار معقولة في منطقتهم المحلية تماما مثل الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما. وفي الوقت نفسه، يؤيد الشباب بشدة زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للمسنين، مثلما يؤيدها المسنون أنفسهم.
وتظهر البيانات مستويات ملحوظة من الاتفاق بين الجيلين على سياسة اقتصادية أوسع نطاقا. الشباب أكثر تأييدا بشكل هامشي فقط لإعادة توزيع الدخل من الأغنياء إلى الفقراء، وفي حين أن كبار السن أكثر ميلا بقليل لدعم زيادة الضرائب والإنفاق العام من الشباب، فإن الفجوة صغيرة للغاية أيضا.
إذا كان هناك انقسام بين الجيلين، فهو على المواقف تجاه الهجرة. يرغب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما عموما في رؤية انخفاض في الأرقام، لكن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما راضون بالمستويات الحالية، أو مرتاحون لارتفاع طفيف فيها. هذا الإجماع على الاقتصاد، والخلاف حول الثقافة، ربما يفسر جزئيا سبب ابتعاد جيل الألفية في الغرب عن السياسة المحافظة في الأعوام الأخيرة.
لكن النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام التي توصلت إليها دراسة جامعة نافيلد هي أن جيل طفرة المواليد وجيل الألفية ليس لديهم وجهات نظر متشابهة حول معظم القضايا فحسب، بل حساسون أيضا تجاه التحديات التي تواجهها المجموعة الأخرى - خاصة عندما يأخذون في الحسبان الأمثلة العائلية. سألت الدراسة، التي قادها الباحث السياسي زاك جرانت، الناس عما إذا كان لديهم أقارب أصغر أو أكبر سنا يعانون ماليا، ثم بحثت فيما إذا كانت هذه الروابط قد أسهمت في تقريب وجهات نظرهم وميولهم السياسية بشأن القضايا الخاصة بالعمر.
كانت النتائج مذهلة. عندما سئل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما عما إذا كان ينبغي للحكومة إعطاء الأولوية للإنفاق على الشباب (الأصغر من 40 عاما) أو كبار السن (الأكبر من 60 عاما)، أجاب 60 في المائة ممن ليس لديهم أقارب شباب، أو الذين يرون أن أقاربهم الشباب في حالة جيدة ماليا، أن الإنفاق يجب أن يعطي الأولوية لكبار السن. لكن أقلية فقط من الذين لديهم أقارب شباب يعانون ضغوطا مالية وافقوا على ذلك.
وفيما يتعلق بالإسكان ميسور التكلفة، قال 33 في المائة فقط من كبار السن الذين ليس لديهم أقارب يعانون ماليا: إن هذا يجب أن يكون أولوية لزيادة الإنفاق الحكومي، لكن هذه النسبة ارتفعت إلى 46 في المائة بين الذين في أسرتهم شباب يعانون ماليا.
ومما لا يثير الدهشة أن ينتشر هذا إلى الاختيارات الانتخابية.
في بريطانيا، قد يتخلف المحافظون حاليا عن حزب العمال بنحو 16 نقطة بشكل عام، لكنهم ما زالوا يتمتعون بتقدم جيد بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما. إلا أن هذا يخفي تباينا واسعا تحت السطح. البريطانيون الأكبر سنا الذين يعيش أقاربهم الأصغر سنا براحة، يدعمون حزب المحافظين بنحو 20 نقطة مئوية، لكن من بين أولئك الذين يعاني أبناؤهم أو بناتهم أو بنات إخوتهم أو أبناء إخوتهم، فإن حزب العمال هو الذي يتقدم بـ20 نقطة.
الذين يشعر أقاربهم الشباب بوطأة الوضع المالي هم أقل تحمسا للمحافظين، ومن الأرجح أن يقولوا: إن الحزب لا يعتني بالشباب.
ومع أخذ كل تلك الأمور في الحسبان، تظهر البيانات أن هناك تضامنا بين الأجيال أكبر بكثير مما يفترض في أغلب الأحيان. مع وقوع جيل الشباب في قبضة أزمة القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، قد يرتفع عدد الناخبين الأكبر سنا ممن يشعرون بالقلق بشأن مستقبل أقربائهم الشباب.
أي حزب يتصرف على افتراض أنه يمكنك تجاهل الشباب وحشد الأصوات بين كبار السن قد يكتشف أن الأمر ليس بهذه البساطة.