5 دروس من اضطرابات سوق السندات اليوم

5 دروس من اضطرابات سوق السندات اليوم

حتى وقت قريب، كان ما يسمى صندوق "$ تي إل تي" المتداول في البورصة - الذي يتتبع سندات الخزانة طويلة الأجل - مملا للغاية. كان السعر يتحرك بزيادات صغيرة مع أحجام تداول متواضعة، ما يجعله مناسبا للمستثمرين الذين يتجنبون المخاطرة.
ليس الآن. حيث الثلاثاء الماضي، كان هناك 71 مليون تداول يومي للصناديق المتداولة في البورصة، وهو ما يزيد عدة مرات على المعتاد. وانخفض السعر 3 في المائة هذا الأسبوع وحده، وهو الآن منخفض 20 في المائة عن الأشهر الستة الماضية، و50 في المائة منذ أوائل 2020. وهذا يتجاوز حتى اضطراب سوق الأسهم بعد فقاعة الدوت كوم.
ما الذي ينبغي أن يستنتجه المستثمرون المتضررون؟ هناك خمس نقاط رئيسة يجب فهمها. الأول هو أن نمط سوق السندات الحالي ليس - أكرر ليس - مجرد تكرار لما شهدناه في الأعوام الأخيرة. فعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة قبل 18 شهرا، ارتفعت العوائد قصيرة الأجل مع انخفاض أسعار السندات قصيرة الأجل (هذه تتحرك في الاتجاه المعاكس).
لكن أسعار الفائدة طويلة الأجل لم ترتفع، على ما يبدو لأن المستثمرين افترضوا أن التضخم والنمو سينخفضان في النهاية.
لكن في هذا العام، قفزت أسعار الفائدة طويلة الأجل، رغم استقرار أسعار الفائدة قصيرة الأجل (على ما يبدو لأن تشديد السياسة النقدية من قبل البنك المركزي على وشك الانتهاء). ويشير هذا إلى أن أسعار الفائدة طويلة الأجل تتحرك بسبب تحولات هيكلية أعمق في العرض والطلب على السندات، لذا فإن الأمر لا يتعلق "فقط" بالاحتياطي الفيدرالي.
النقطة الرئيسة الثانية هي أنه رغم أن وتيرة انخفاض أسعار السندات مذهلة بالمعايير التاريخية، إلا أن المستوى الفعلي لأسعار الفائدة ليس كذلك. بل على العكس من ذلك، خلال معظم القرن الـ20، كان عائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام 4.8 في المائة يعد أمرا طبيعيا، إن لم يكن حميدا.
بالتالي فإن الأمر الأكثر غرابة اليوم، من منظور طويل الأجل، ليس أن العوائد آخذة في الارتفاع، بل إنها كانت منخفضة للغاية خلال العقد الماضي. والأمر الأغرب هو أن منحنى العائد لا يزال مقلوبا بعض الشيء (أي أن أسعار الفائدة قصيرة الأجل أعلى من أسعار الفائدة طويلة الأجل).
ثالثا، إذا كنت تريد أن تفهم التحولات الهيكلية التي تحرك تأرجح أسعار الفائدة، فلا تنظر فقط إلى البيانات الاقتصادية. نعم، لقد رفع المستثمرون أخيرا توقعاتهم بشأن التضخم والنمو في المستقبل. ونعم، تتزايد المخاوف بشأن ديون أمريكا، التي تضاعفت إلى 33 تريليون دولار منذ 2011 وسط الجمود السياسي.
لكن مقاييس السوق لتوقعات التضخم لم تتغير حقيقة في الآونة الأخيرة. وظلت كومة الديون هذه على مرأى من الجميع لفترة طويلة؛ ومن هنا جاءت مشكلات الكونجرس الدرامية.
ويقودنا هذا إلى نقطة رئيسة رابعة: انخفاض أسعار السندات أخيرا يسلط الضوء على سلوك المستثمرين غير الأمريكيين.
أحد العوامل التي تبدو أنها تؤثر في معنويات السوق هي الخوف من أن يبيع المستثمرون اليابانيون سندات الخزانة لشراء أصول الين إذا سمح بنك اليابان بعائد السندات لأجل عشرة أعوام بالارتفاع فوق 1 في المائة.
عامل آخر هو الصين. حيث يعتقد بعض المحللين، مثل تورستن سلوك من شركة أبولو، أن الصينيين يقللون من مشترياتهم من سندات الخزانة الأمريكية، إما بسبب التوترات الجيوسياسية وإما بسبب الضغوط المالية في الداخل. ويبدو أن بيانات وزارة الخزانة بشأن الأموال الدولية تدعم ذلك: فقد انخفضت الممتلكات الصينية من 939 إلى 821 مليار دولار خلال العام الماضي.
لكن براد سيتسر من مجلس العلاقات الخارجية يعتقد أن سلسلة وزارة الخزانة بشأن الأموال الدولية مضللة: فالصينيون لا يشترون سندات الوكالات الأمريكية فحسب، بل إنهم يشترون أصولا أمركية عن طريق كيانات أوروبية مستبعدة مثل يوروكلير. إذا تم تضمين ذلك، فيعتقد أن "حيازات الصين المبلغ عنها من الأصول الأمريكية تبدو مستقرة بشكل أساسي عند ما يراوح بين 1.8 و1.9 تريليون دولار".
في كلتا الحالتين، فإن النقطة الأكثر أهمية هي أنه لا أحد يعرف على وجه اليقين، لأن البيانات مبهمة إلى حد خطير.
بالتالي، فإن الأسواق اليوم تحاكي نمط المخاطر لـ2007: نظام مترابط بشكل كبير معرض بشكل كبير للتطورات في زاوية غامضة وغير مفهومة من التمويل - لكن بدلا من الرهن العقاري الذي يتسم بعدم الملاءة، فإن المشكلة هي شهية بكين لسندات الخزانة.
والنقطة الخامسة هي أنه وسط حالة عدم اليقين هذه هناك مشكلة واحدة على الأقل واضحة وضوح الشمس: ما يحدث هو أخبار سيئة بالنسبة إلى البيت الأبيض.
سارع أمناء خزانة الشركات الأذكياء بالفعل إلى إعادة هيكلة ديونهم من أجل الحفاظ على تكاليف الاقتراض المنخفضة في العقد الماضي، لأطول فترة ممكنة. لكن جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، لم تكن قادرة على القيام بذلك. وهذا يعني أن تكاليف خدمة الدين ستنفجر قريبا، والواقع أنها انفجرت بالفعل، الأمر الذي أدى إلى إثارة اللغو حول "حراس السندات".
يعتقد بعض المستثمرين (أو يرجون) أن هذه الضغوط المالية ستحث الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
ويعتقد آخرون أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى التحرك لمنع تكرار الدراما التي شهدها بنك وادي السيليكون هذا الربيع، حيث يؤدي تراجع أسعار السندات مرة أخرى إلى إيجاد خسائر في محافظ البنوك والتأمين.
وإذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل، فإن ذلك قد يقنع المستثمرين ذوي الاستدانة مثل صناديق التحوط بالبدء في شراء سندات الخزانة طويلة الأجل مرة أخرى.
لكن، كما يشير خبير السندات بيل جروس، فمن الصعب أن نتصور أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة إذا ظل التضخم أعلى من 3 في المائة. وفي هذه الحالة، ستحتاج أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى الارتفاع إلى مستوى أعلى - ولنقل أكثر من 5 في المائة - لجذب المستثمرين، نظرا إلى موجة إصدار السندات التي تلوح في الأفق.
خلاصة القول إذن هي أن الأشخاص الذين يملكون صناديق متداولة في البورصة ذات السندات الطويلة غير المملة قد يواجهون مزيدا من الدراما. لكن لم يقل أحد قط إن الخروج من التيسير الكمي سيكون سهلا، التحدي الحقيقي بالكاد بدأ.

الأكثر قراءة