وزارة العدل ضد جوجل .. عملاق البحث يقاوم

وزارة العدل ضد جوجل .. عملاق البحث يقاوم

تحتاج كل محاكمة لمكافحة الاحتكار إلى توافر رسائل بريد إلكتروني تجريمية أو شهادة شاهد مباشرة لإحياء ادعاءات السلوك التجاري غير المشروع.
دون تلك التفاصيل التي تحتل العناوين الرئيسة، عادة ما يجد المنظمون أنفسهم يلجؤون إلى النظريات الاقتصادية المجردة لإثبات قضاياهم.
لذا من المؤكد أن رفض القاضي الذي يشرف على شكوى محامو وزارة العدل الأمريكية البارزة ضد جوجل لمحاولة شركة البحث بقمع دليل واحد معين كان مصدر ارتياح لهم.
في المذكرة الداخلية، قال أحد مسؤولي جوجل التنفيذيين عن الإعلانات في محركات البحث: إنها "أحد أعظم نماذج العمل التي أنشئت في العالم على الإطلاق"، قبل أن يضيف بأن فقط "الأعمال التجارية غير المشروعة (السجائر والمخدرات) (...) هي التي تستطيع منافسة تلك الاقتصادات".
بالنسبة إلى محاكمة من المفترض أن تمهد الطريق لموجة أوسع من إجراءات مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، فقد كانت هناك عدة لحظات درامية كهذه تتخلل الإجراءات.
أحد الأسباب، وفقا لوزارة العدل، هو أن جوجل تعمدت اتخاذ خطوات للتأكد من أن الاتصالات التي يحتمل أن تكون ضارة قد حذفت أو أبقيت سرية، كما أنها تعلم المسؤولين التنفيذيين بألا يستخدموا مصطلحات مثل "مهيمن" و"الحصة السوقية" عند مناقشة أعمالهم. ووافق القاضي أميت ميهتا، الذي يشرف على القضية في محكمة في واشنطن دي سي، على السماح بالاستماع إلى بعض الشهادات التي يحتمل أن تكون ضارة في جلسات مغلقة.
جعل ذلك تركيز المحاكمة يكون على الاتفاقيات التي عقدتها جوجل مع أبل وشركات الهواتف المحمولة وآخرون للتأكد من أن تكون خدمتها للبحث هي ما يظهر للمستخدمين افتراضيا عند تشغيل أجهزتهم. تقول الحكومة إن تلك الصفقات حجبت المنافسين الناشئين الذين ربما يكونوا قد هددوا هيمنة جوجل في مجال البحث.
أثناء الأسابيع الأربعة الأولى من المحاكمة، تمكن الادعاء من تقديم قليل من الأدلة على مضايقة جوجل العلنية لتنفيذ خطتها الإقصائية المزعومة. عندما فكرت أبل في إعطاء مستخدمي متصفحها "سفاري" الخيار بشأن محرك البحث الافتراضي، وصلها بريد إلكتروني من جوجل يحذر: "إذا لم يكن محركنا هو الافتراضي – لن تحصلوا على حصة من الإيرادات".
ادعى سريدهار راماسوامي، مسؤول تنفيذي كبير سابق في جوجل، رؤيته لتأثير جوجل في العمل عندما تجنبت شركة اتصالات دعم محرك البحث المنافس.
هذا بعيد كل البعد عن إجبار مايكروسوفت الأكثر علنية الذي استخدمته مع شركات تصنيع أجهزة الحاسوب لكي تتضمن على متصفحها للإنترنت في التسعينيات – وهو أساس قضية مكافحة الاحتكار التي واجهتها قبل ربع قرن.
بالنسبة إلى صفقات التوزيع التي عقدتها جوجل، كان لدى وزارة العدل بعض التفاصيل المالية المقنعة لدعم قضيتها. في ظاهر الأمر، استعداد الشركة لدفع أكثر من عشرة مليارات دولار لشراء مركز الصدارة يقدم حوافز اقتصادية قوية لقمع المنافسين. في وقت ما، لتجعل أبل تضمن محرك بحثها "بينج"، عرضت مايكروسوفت على شركة صنع الآيفون أن تدفع لها أكثر من إيرادات الإعلانات التي ستنتجها الصفقة بأكملها.
ادعى إيدي كيو، مسؤول تنفيذي في أبل، في المحكمة أن أفضلية خدمة جوجل هي التي انتصرت، لكن ادعى شاهد من مايكروسوفت بأنه أخبر أن شركة صنع الآيفون اعتقدت أن محرك بينج أفضل.
مع ذلك قد واجهت وزارة العدل صعوبة في بعض الأوقات لإثبات الضرر الواضح. كان ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت رئيس إحدى أغنى الشركات على وجه الأرض، أبرز "ضحايا" سلوك جوجل الذين مثلوا كشاهد للادعاء. جادل محامو جوجل إنه خطأ مايكروسوفت نفسها أن تشق طريقها في مجال الهواتف الذكية بنظام تشغيل ويندوز الذي سرقته من منصة هواتف محمولة لمحرك بحثها الخاص.
بعيدا عن هذه المشكلات، اتخذت جوجل بشكل مباشر موقفا دفاعيا في محاولتها الجدال في المحكمة أمام أهمية الصفقات التي كانت على استعداد لدفع مليارات الدولارات عليها.
مثلا، أنكرت أن القدر الهائل من بيانات المستخدمين الذي تتلقاه نتيجة المتصفح الافتراضي أعطتها ميزة لا يمكن التغلب عليها. وفقا لشركة البحث، توجد عوائد متضائلة من تلقي كمية بيانات أكثر من ذي قبل حول ما ينقر عليه المستخدمون.
لكن رسائل البريد الإلكتروني أظهرت أن بعض مسؤوليها التنفيذيين اختلفوا مع هذا الرأي. كان ادعاء جوجل الآخر هو أنه من السهل للمستخدمين تغيير الإعدادات الافتراضية على أجهزتهم. لكن في الواقع، بحسب أحد شاهدي الحكومة، بالكاد يقوم أي مستخدم بهذا التغيير.
بينما تقترب وزارة العدل من إغلاق قضيتها، نجحت في إظهار كيف استخدمت جوجل ثروتها الطائلة لترسيخ هيمنتها في مجال البحث. لكن ليس من الواضح بعد أنها قد نجحت في إثبات أن ذلك يعد سلوكا منافيا للمنافسة.

الأكثر قراءة